آخر الأخبار

الوعي المهدوى : يماني العراق بين الإثبات والتوظيف !

 

 




علي الأصولي :

 

إن قيمة البحوث العلمية - فقهية أصولية تفسيرية عقائدية تاريخية - بقيمة منهجيتها العلمية الموضوعية من جهة والدليلية من جهة أخرى .. وكل بحث خال من المنهجة والدليل لا يساوي قيمته قيمة محبرة القلم الذي كتب فيه ..

 

ولذا حاولت بعض الجماعات الدينية العقائدية المهتمة بالشأن المهدوي القفز على الجهة الأولى والاستعاضة بالجهة الثانية وأكثروا فيها من التدليل لسد الفراغ .. فكانت النتائج السلبية هي المحصلة فكرا وسلوكا لإتباعها والأفق ببابك ..

 

وأكبر الفخاخ التي تورطت بها هذه الجماعات هو فخ الإسقاطات والتطبيقات الخارجية على المصاديق المعاصرة ..

 

وهذا الفخ هو لعدم رعاية المنهجة الموضوعية في البحث المهدوي .. وعدم التثبت والدراية نتائجه مؤسفة على مستوى الفرد والجماعة بل حتى على عامة المجتمع وأن لم يعتقد بهذه العقائد ..

 

لا بأس والتعرض لجانب من جوانب البحث العلاماتي المتصل بالقضية اليمانية .. بيد أن أغلبية العلامات لو وضعناها على مشرح النقد والتحري متنا وسندا .. فسوف نصل لعدم إمكانية إثباتها بحال من الأحوال ..

 

نعم: غالبية أخبار العلامات وفق المنهج والتشدد السندي لا تصمد للإثبات .. أما أن تجد أسانيد الروايات من الضعف بمكان أو الاضطراب المتني أو في متونها لا يغطى بغربال .. ناهيك عن تعارض جملة منها حد الاستقرار ولا ينفع معها علاج الجمع العرفي ..

 

ولو تلاحظ أن عامة الجماعات اشتركت بضرورة إسقاط الفكر الأصولي الاجتهادي كون أن الضامن في نشر أدعاتهم وترويجها وانتظار حصادهم مرهون بإسقاط العنوان المرجعي ومنظومته التي عليها بنيانه .. لأن المنظومة العلمية كفيلة بفضح عوار الدعوات .. ولذا تجد اسطوانتهم أن أعداء المهدي مقلدة الفقهاء أصحاب الاجتهاد وينسبوها جهلا للإمام الصادق(ع) وهي ليست له ولم ترد في أي من كتبنا الحديثية.

 

ما يهمنا في هذه المقالة هو تسليط الضوء على مفردة تطبيقية علاماتية على ضوء الجهة المنهجية والجهة الدليلية وهي شخصية - اليماني - التي كثر تداولها في الواقع والمواقع ..

 

اليمانى..

 

لو سرنا أو كنا نحن والبحث العلمي - المنهجة والدليل - والنظر لقضية اليماني .. أقول لو انفردنا بالتشدد المذكور والتزام الموضوعية .. فلا يمكن تجاوز إثبات اليماني كشخصية لها حضورها في عصر الارهاصات والفتن القريب من الظهور المهدوي فحسب .. بدون معرفة حقانية دعوته ورايته وتفاصيل معاركة وخصومه ومآلات نتائج حركته ..

 

لربما تتفاجىء من هذه المعلومة ولربما تجدها صادمة ولو تبنيتها لعل ترفض من قبل الكثير ممن لا يعرفني ..

 

ولكن عندما تعرف بأن هذا الكلام أورده كبير مراجع النجف آنذاك ومن أهتم بالشأن المهدوي وأعني به الزعيم الراحل الشهيد الصدر لخفت الصدمة على جملة من القراء ..

 

نعم : ذكر السيد الشهيد في - موسوعته - هذا المعنى إذ قال: حول روايات اليماني " إن ما يثبت بها هو حركة اليماني في الجملة ، وأما سائر الصفات ، بما فيها كونه على حق ، فهو مما لا يكاد يثبت بالتشدد السندي " الموسوعة 1 /526 انتهى:

 

وللوقوف أكثر لم ترد في شأن حقانية دعوة اليماني روايتان فقط بناء على المنهج الذي عرفته فيما سبق ..

 

أحدهما: رواية الشيخ الطوسي في - الأمالي: ص661 - بسنده الى هشام بن سالم عن الإمام الصادق (ع) وفيها أن اليماني ممن يتولى الامام علي (ع) ولكن في سند هذه الرواية الحسين بن إبراهيم القزويني وهو مجهول لم تثبت وثاقته ..

 

ثانيهما: رواية الشيخ النعماني في - الغيبة: 264 - بسنده الى أبي بصير عن الإمام الباقر (ع) وفيها أن راية اليماني من أهدى الرايات، ولكن في سندها الحسن بن علي البطائني ضعَّفه ابن الغضائري وقال الكشي فيه: كذابٌ ، ونُقل عن ابن فضال انه قال فيه: كذاب ملعون ..

 

وكيف كان، فان القرائن على ضعفه وكذبه وعدم التعويل على حديثه متضافرة لذا انتهى السيد الخوئي في - المعجم - الى تضعيفه وكذلك في سندها والده علي بن ابي حمزة وهو ضعيف أيضا إلا ان الحديث في هذه الطبقة مروي عنه وعن وهيب ابن حفص معا وهو ثقة فيبقى ضعفه من جهة الحسن البطائني ..

 

ولذا عبر السيد عن عدم إمكان إثبات حقانية دعوى وراية اليماني .. ومع افتراض صحة ما نقله الطوسي والنعماني فلا مجال للحكم على ما رووه إلا القول بالظن ..

 

بل .. يمكن الذهاب إلى أكثر مما ذهب إليه السيد الشهيد في هذا المورد .. يمكن القول على افتراض التواتر في حقانية راية اليماني والالتواء عليها مصيره النار .. ولو ثبتت الروايات وصحة متنا وسندا وتجاوزت المبضع النقدي .. تبقى الحركة اليمانية في أفق الإمكانات أو قل الممكن الحدوثي الحصولي ومن الممكن العدم اي عدم وجود اصل الشخصية والراية وان ذكرتها الروايات المتواترة .. لحكومة وحاكمية البداء الإلهي على كل التفاصيل والمفاصل والحوادث التي ستقع ما عدا ظهور الإمام المهدي(ع) فقط وفقط ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات