آخر الأخبار

علم الله وعلم المعصوم ..

 

 


 

علي الأصولي

 

 

الأصل في المعارف الإسلامية الإمامية أن علم المعصوم متفرع أو مترشح من علم الله سبحانه. فإن كان علم الله عين ذاته فعلم المعصوم مظهر من تمظهراته.

 

نعم: ترشح علم الله للمعصوم أو لمن هو دونه مشروط بعدة شرائط.

 

منها: الشدة التقوائية {واتقوا الله ويعلمكم الله} ومنها: سعة الإناء الذي يفاض أو يفيض عليه العلم وكل بقدره وبحسبه. وغير ذلك من الأمور .

 

ما يهمني وهذه الأسطر ليس هذه الحيثية بل غاية أخرى. وهي مسألة تقع في طريق السؤال والاستفهام. وهي لو كان الله مثلا يعلم بأن إبليس أو أي من العصاة الآدميين. اذا كان يعلم بمآلاتهم الاخروية فلم خلقهم أصلا ؟ إلا يكون ذلك من تحصيل الحاصل؟

 

ونفس هذا السؤال يمكن أن تستعرض به بعض الأحداث التاريخية مثلا لم أصر النبي(ص) على( أتوني بدواة وقلم ) في سبيل كتابة وصية لامته يضمن فيما لو طبقت الأمان من الانحرافات. والنبي(ص) كان يعلم ما تؤول إليه الأمور مسبقا بل يعلم بأن الرد سوف يكون أنه( يهجر ) وغيرها من الأمثلة التي يمكن أن نوسعها وتطبيقات السؤال الرئيسي، كعلم الإمام الحسين (ع) بمصيره والذي إربك صالحي نجف آبادي. ومن اعتاش على موائده من الاتجاه الحداثوي المعاصر .

 

وفي مقام الجواب: ذكرت موضوعة العلم والإرادة في ثنايا شرح كتاب ( شرح منهج الأصول ج٣) في باب الرد على الأشاعرة وما قرره أهل الفن. وحاصله أن العلم بالمآلات لا يساوي الجبر بالأفعال فراجع.

 

ويمكن صياغة جوابية أخرى. في المقام لتوضيح الصورة في الإجابة ومفادها: إن علم الله سبحانه ليس علة تامة للنتيجة.

 

نعم معرفة النتيجة عرفت بلحاظ الاقتضاء فقط. فعلم الإنسان بغرق الطفل الذي لا يعرف السباحة في البحر لا يستلزم أو يوجب تحقق الغرق فعلا . نعم يكون العلم بالغرق على نحو الإقتضاء. وهذا الإقتضاء لا يساوي الجبر أو التأثير بالفعل الناتج بالتالي. ويمكن التمثيل كذلك بإحراق الخشب فعلم الفرد بحرق الخشب لا يعني تحققه مطلقا. نعم اذا تحقق وجود الخشب المقتضي ووجود الشرط النار ولم نلحظ وجود المانع كالبلل فالاحتراق يتم بلا كلام. وعليه: علم الله بمآلات خلقه علة ناقصة وليس علم تامة لتحقق.

 

وكيف كان: إن وجدت رواية من قبيل ما رواها الصدوق في - التوحيد - عن محمد بن أبي عمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (ع) عن معنى قول رسول الله:( الشقي شقي في بطن أمه والسعيد في بطن أمه . فقال: الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء. والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء ) يرتفع الاستغراب بعد البيان أعلاه ..

إرسال تعليق

0 تعليقات