آخر الأخبار

هل يجوز قطع شجرة السدر؟

 




 

عز الدين البغدادي

 

 

سألني أحد أئمة المساجد من الإخوة ألشافعية عن قطع شجرة السدر (النبق) وهل هناك رأي فقهي عند الامامية بحرمة قطعها كما يسمع من عامة الناس؟ وقبل ذلك سمعت حوارا بين فلاح قام بقطع شجرة سدر وشاب صغير يسأله: كيف قطعتها وهي "علوية"؟ فأجابه بأنه دفع صدقة بعد ذلك.

 

وحقيقة فإن وردت روايات من الجمهور عن النبي (ص) بتحريم قطعها من ذلك ما وي عن السيدة عائشة عن النبي (ص) أنه قال: إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رءوسهم صبّاً".

 

وروي معاوية بن حيدة عن النبي (ص) أنه قال : " قاطع السدر يصوب الله رأسه في النار ".

 

إلا أن أهل العلم ضعفوا هذه الأحاديث، وممن صرح بذلك ابن القطان وابن الجوزي، وقال ابن القيم في "المنار المنيف": …. ومن هذا : أحاديث مدح العزوبة ، كلها باطلة ، ومن ذلك : أحاديث النهي عن قطع السدر ، قال العقيلي : لا يصح في قطع السدر شيء ، وقال أحمد : ليس فيه حديث صحيح.

 

وقد خص البيهقي الأحاديث إن صحت بأنها في خصوص سدر الحرم، كما حملها أبو داود على السدرة التي تكون بالفلاة يستظل بها الناس والبهائم فيقطعها القاطع عبثاً وظلماً بغير حق، وقد أفتى عروة والشافعي وأبو حنيفة والثوري بأنه لا بأس بقطعه، بل نقل صاحب عون المعبود عن عروة الإجماع على جوازه، واستدل عروة بقطع السلف لأعمدة السدر وجعلها في مصاريع الأبواب.

 

إلا أن المحدث الألباني ذهب إلى تحسين بعض ما روي في هذا الباب، إلا أن المشهور عدم الأخذ بها وأن عدم الجواز محدد خاص بأمرين : قطع الشجر الذي يتخذ للظل ، أو قطع شجر السدر في حدود الحرم ، وأما ما عداهما مما يزرعه الإنسان في بيته أو بستانه فلا حرج عليه من قطعه .

 

أما من طرق أصحابنا، فقد روى الشيخ الطوسي في أماليه بسند ضعيف: عن يحيى بن المغيرة الرازي، قال: كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق، فسأله جرير عن خبر الناس، فقال: تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين (عليه السلام) وأمر أن تقطع السدرة التي فيه، فقطعت. قال فرفع جرير يده وقال: الله أكبر! جاءنا فيه حديث عن رسول الله أنه قال: لعن الله قاطع السدرة - ثلاثا - فلم نقف على معناه حتى الآن، لأن القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين (ع) حتى لا يقف الناس على قبره .

 

فيكون اللعن لكونه أزال علامة يستدل بها على القبر الشريف، وليس لخصوص كونها شجر سدر. وهو ما صرح به المجلسي فقال: قد مر معنى الحديث في المجلد العاشر، وأنه كانت سدرة عند قبر الحسين (ع)، وكانت علامة قبره، فقطعها بعض الخلفاء ليعمي أثر قبره، فالملعون قاطع تلك السدرة…

 

عموما هذه الفتاوى تنظر الى الروايات، والا فإن قطع الشجرة هو أمر مرجوح جدا بحسب الواقع، بل المطلوب هو زيادة زراعة وغرس الأشجار لما في ذلك من فوائد كثيرة للإنسان والحياة والبيئة عموما، وهي فوائد تضيع بمفسدة قطع الأشجار.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات