آخر الأخبار

حضارة الخلافة..

 

 


خالد الأسود

 

رغم كل محاولات الإنكار والصراخ الهيستيري واللعنات فحضارة أزمنة الخلافة لم ينهض بها غير الزنادقة والملحدين بحكم فقهاء عصورهم، نكاد لا نجد عالما أو فيلسوفا إلا وقد أصابه اتهام الكفر والإلحاد، قد يختلفون في درجات العقوبة التي حلت بهم بين التحقير والجلد والنفي والسجن والقتل والحرق والشي أحياء، لكنهم يجتمعون في نفس مربع المتهمين بالكفر..

 

لم يصنع العباسيون حضارة إلا بتسامحهم مع هؤلاء المتهمين في عقيدتهم، فضل العباسيين كان بقدر رحابتهم أحيانا وقدرتهم على تقبل الشعوبية والأفكار ومقاومة رغبات عوام الناس المتدينين على فترات متقطعة ، أحسن العباسيون استخدام فقهاء الدين لخدمة دولتهم..

 

لم ينفرد المسلمون وحدهم بذلك، أي حضارة منسوبة لدين نهضت على أكتاف المتشككين والناقدين المتهمين في عقيدتهم..

 

اقتصر دور رجال الدين دوما على تجييش السوقة والعوام لمقاومة التحضر والتطور، وتوزيع اتهامات الزندقة والشعوبية وإنكار النبوة وماهو معلوم من الدين بالضرورة..

 

حضارة الإنسان المعاصر تقوم على تنحية رجال الدين من المشهد، ومنعهم من استخدام جماهيرهم في مقاومة الحياة، الحضارة الإنسانية التي استفادت من مآسي البشرية قرابة أربعة آلاف عام لهي حضارة تحتفي بالإنسان وتتقبله كإنسان له عقل وروح وجسد وبقدر ما تتيح له أن يؤمن بما يشاء هي أيضا ترفض أية محاولة لفرض قناعاته وإيمانه على غيره..

 

حضارة الإنسانية المعاصرة غير مهمومة بتجهيز أفرادها لدخول جنة السماء، هي تكتفي بصناعة جنة على الأرض ينعم فيها الأحياء وحدهم.

 

تتقبل الحضارة الإنسانية حق كل إنسان في أن يعتنق أي دين يراه لنفسه.. تبيح له حق الإيمان والعبادة..

 

حتى الآن هي تتقبل -بسذاجة- القادمين من مجتمعات إسلامية مشبعة بفكر الصحوة..

 

الحضارة الإنسانية في مجموعها لا تنتبه للإسلاموية الفاشية وما تعنيه من كراهية وإقصاء وإجبار وفرض وعدم تسامح .

 

ما زالوا يحتضنون الإسلاميين لأنهم في تقديرهم من بني الإنسان لهم نفس الحقوق الإنسانية التي توافق عليها سكان كوكب الأرض..

 

يوم تنتبه الحضارة الإنسانية المعاصرة وهي قد بدأت تنتبه -على مستوى الشعوب- فسوف تتغير النظرة المتسامحة ويتم تصنيف الإسلاموية مع المعتقدات المنبوذة في الحضارة المعاصرة كالنازية والأناركية.

 

سيشعر المسلم الوسطي بالأزمة عندما يصبح مجبورا على دفع فواتير الإسلاميين عندما تأتي لحظة لن يستمع أحد لصرخاته وهو يبكي (إنهم لا يمثلون الإسلام) لن يصدقه أحد بعد أن صمت دهرا، لن يصدقه أحد بعد أن شاهدوه يصفق لكل شيوخ الإسلاميين لن يلتفت أحد لصراخه بعد كل مسرحياته غير الأخلاقيه وأكاذيب مؤسساته التي عاشت بوجهين وجه تحريضي داعم بل وصانع للإسلاموية في الداخل ووجه بقناع متسامح للخارج..

 

سنعيش كمسلمين الأزمة قريبا وسندفع ثمن الصمت.

كل الحيل الدفاعية التي يمارسها بسطاء العقول ستنهار أمام الحقيقة في لحظة الحساب على المشاريب.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات