إدريس عليه الصلاة والسلام هو أحد الأنبياء والرسل الكرام الذين
أخبر الله عنهم في القرآن الكريم، وقد ذكره الله تعالى في بضعة مواطن من سور القرآن،
وهو ممن يجب الإيمان والاعتقاد بنبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم، وقد وصفه
الله تعالى في القرآن الكريم بالنبوة والصدّيقية.
وقد اختلف في نسبه وأشهر ما قيل هو إدريس بن يرد بن مهلاييل، ويسمى
أيضًا أخَنوخ، وينتهي نسبه عليه السلام إلى نبي الله شيث بن آدم عليهم الصلاة
والسلام.
وقيل إن إدريس هو أول من خطّ بعد آدم عليه السلام وقطع الثياب
وخاطها.
روى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبيّ صلى
الله عليه وسلم قال :"يا أيا ذر أربعة سُريانيون: آدم وشيثٌ وأخَنوخُ وهو
إدريس وهو أوّل من خطّ بالقلم، ونوحٌ".
و إدريس عليه الصلاة والسلام هو ثالث الأنبياء بعد آدم وشيث عليهم
السلام، وقد وُلد ونشأ ببابل في العراق.
عاش إدريس تتمة الألف سنة بعد سيدنا آدم على الإسلام يدعو المسلمين
الذين كانوا في زمانه إلى تطبيق شريعة الله وأداء الواجبات واجتناب المحرمات، وأخذ
ينهى عن مخالفة شريعة الإسلام، فأطاعه بعضهم وخالفه بعض، فنوى أن يرحل فأمر من معه
أن يرحلوا معه عن وطنهم العراق فثقل على هؤلاء الرحيل عن وطنهم، فقالوا له: وأين
نجد مثل بابل إذا رحلنا؟ وبابل بالسريانية النهر، كأنهم عنوا بذلك دجلة والفرات،
فقال لهم: إذا هاجرنا لله رزقنا غيره (أي بلدًا غيره) فلما خرج سيدنا إدريس عليه
السلام ومن معه من العراق ساروا إلى أن وافوا هذا الإقليم الذي يسمى بابليون فرأوا
النيل.
أقام سيدنا إدريس عليه الصلاة والسلام ومن معه في مصر يدعوا الناس
للالتزام بشريعة الله وكانت مدة إقامته في الأرض كما قيل اثنتين وثمانين سنة ثم
رفعه الله إلى السماء ثم توفاه على هذه الأرض، وكون وفاته على الأرض هو الصحيح.
وقد علّم ادريس قومه العلوم، فهو أول من استخرج الحكمة وعلم النجوم
فإن الله سبحانه وتعالى أفهمه أسرار الفلك وتركيبه، وأفهمه عدد السنين والحساب،
وقيل إنه أول من نظر في علم الطب، وأول من أنذر بالطوفان، وأول من رسم لقومه قواعد
تمديدن المدن. وأقام للأمم في زمانه سنَنًا في كل إقليم سنّةً تليق بأهله.
ويرى العديد من الباحثين ان الأهرامات بناها سيدنا إدريس، حتى قال
أن الشيخ محمود أبو الفيض المنوفي فى كتابه "العلم والدين"، ان وجه
تمثال أبو الهول فى مصر، هو وجه سيدنا إدريس.
وعليه فما ينسبه المؤرخون والباحثون للسومريين إنهم أول من عرفوا
الكواكب و الطب وغير ذلك من العلوم فهو غير صحيح إنما اقتبسوا ذلك من أنبياء الله كإدريس
و غيره.
وحتى تلك الأساطير السومرية فأغلبها قصص اقتبسوها من الأنبياء
وحرفوها بما يوافق معتقداتهم بما في ذلك قصة إيتانا Etana
التي نقلتها إلينا الألواح الأثرية البابلية في المتحف البريطاني
والتي يزعم من خلالها بعض الملاحدة أنه أول من طار إلى السماء على ظهر نسر ووصل
الجنة.
اللوح الأثري الذي دونت عليه القصة تكسر في أكثر من موضع، ولكن
الجزء السليم منه ذكر أن الملك البابلي بلغ السماء، وهناك انهار شبه فاقد للوعي.
فهذه القصة اقتباس صريح لما حدث لسيدنا إدريس الذي رفعه الله تبارك
وتعالى إلى السماء كما قال الله تعالى في حقه: "واذكر في الكتاب إدريس إنه
كان صدّيقًا نبيًّن*ورفعناه مكانًا عليًّا" -سورة مريم/56-57-
وقد اختلف المؤرخون في السماء التي رفع إليها سيدنا إدريس عليه
السلام، فقد روي عن ابن عباس أنه قال في تفسير الآية: إن الله رفعه إلى السماء
السادسة ومات فيها ، وروي عن مجاهد في قوله تعالى: "ورفعناه مكانًا
عليًّا" قال السماء الرابعة، والصواب أنه عليه الصلاة والسلام مات على هذه
الأرض بعد ان أعاده الله على الأرض. وأما أنه لم يزل في السماء السادسة فغير
معتمد، وذلك لقول الله تعالى: "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة
أخرى" فأخبر أن الإنسان خُلق من هذه الأرض وتكون نهايته بعد الممات إليها
ومنها يبعث يوم القيامة.
يتبع
0 تعليقات