فرقد الحسيني القزويني
في مدينة أور بالقرب من الناصرية في محافظة ذي قار الحالية . تم
/بناء الهيكل/ خلال العصر البرونزي المبكر القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد لكنه
انهار إلى أنقاض بحلول القرن السادس قبل الميلاد في الفترة البابلية الجديدة .
كانت الزقورة جزءا من مجمع المعبد الذي بناه الملك أور نامو في عام
٢١٠٠ قبل الميلاد والذي كرسه تكريماً لنانا/سين/وأعيد بناؤه عام ٦٠٠ قبل الميلاد
على يد نابونيدوس/ الملك البابلي نيبونائد .
كانت بمثابة مركز إداري للمدينة إضافة لكونها مزارا لإله القمر
نانا الإله الراعي لأور.
هناك نص مدون على لوح طيني تم العثور عليه في أساسات زقورة اور
يؤكد على وجود شخصية بانية لهذا الصرح العظيم و هو مؤسس سلالة اور الثالثة الملك
اورنمو صاحب اول تشريع في بلاد الرافدين.
يقول اهل الاختصاص من الاثاريين الذين قرؤا النص وترجموه ان الملك
وقف يردد امام شعبه قائلا :
/لقد أمرني الإله ببناء البيت/ وتقول الوثائق ان شولجي إبنه اكمل
البناء بعده.
نبذة مختصرة
أورنمو تمكن من توحيد المدن السومرية من. أور/ وإريدو/ وأوروك/
ولكش/
/ ونيبور/ وكيش/ وأداب/ واوما ضد حكم الكوتيين .وهم من الشعوب
الهندوأوروبية. وطنهم كان يُعرف باسم جوتيوم .
وتمكن اورنمو من استعادة حكم بلاد الرافدين منهم بعد ان سيطروا
عليه واسقطوا الإمبراطورية الأكدية.
لقب اورنمو نفسه بملك بلاد سومر وأكد.
لم تكن الزقورة هو المعبد الوحيد لأورنمو بل بنى عدة معابد في
المدن نيبور ولارسا وكيش وأداب .
وقام بتشريع أول شريعة قانونية في التاريخ.
قتل سنة ٢٠٣٠ ق.م بعد معركة أمام الكوتيين بعد أن تمكن من تحرير
كامل الخليج السومري من السيطرة الكوتية.
وبعد وفاة الملك أور نمو خلفه ابنه شولجي الذي حكم من ٢٠٩٣ إلى
٢٠٤٦ قبل الميلاد في حكم مدينة أور وحكم المملكة وخلال حكمه الذي يقارب ٤٨ سنة
تمكن من إنشاء وتعمير المملكة وإعادة توسيع بعض المنشآت في مدن سومر وأكد وفي
مقدمتها إكماله الزقورات كزقورة اور نفسها وزقورة الوركاء .
اما الملك نيبونائد/نَبوناءيد بالبابلية المتأخرة / فهو ملك بلاد
بابل والمتزوج من ابنة نبوخذنصر التي تسمى نكتوريس.
في عام ٥٤٩ قبل الميلاد اتخذ نبونائيد منطقة تيماءمقراً لاقامته
امتدت عشر سنوات وبنى لنفسه قصراً اشار اليه في نصوصه:
قال
/أنه كالقصر الذي شيده نبوخذ نصر الثاني في بابل وجعلت تيماء مدينة
زاهرة/ ويرى بعض الباحثين ان تيماء اصبحت العاصمة الحقيقية للامبراطورية البابلية
بعد ان ترك نبونائيد ابنه بيلشاصر يحكم نيابة عنه في بابل. ومن النصوص المهمة التي
ترشدنا الى معرفة الكثير عن هذا الاستقرار للعاهل البابلي في تيماء مسلتان تم
الكشف عنها في مدينة حران الواقعة في جنوب تركيا تشيران الى ان نبونائيد بسط نفوذه
على باقي مدن شبه الجزيرة العربية حيث نقرأ ما كتبه.
/ولكنني ابعدت نفسي عن مدينة بابل على الطريق الى تيماء ودادانو
وباداكو وخيبر واياديخو وحتى يثربو تجولت بينها هناك مدة عشر سنين لم ادخل خلالها
عاصمتي بابل/.
ان المدن المذكورة تعد اشهر مناطق طرق التجارة القديمة ولذا خضع
الجميع له وساد السلام المنطقة طيلة اقامة نبونائيد في تيماء حيث كان يستقبل وفود
تلك الدول في قصره الذي بناه في تيماء اذ نقرأ في نصوصه: قوله
/جعلت ملك مصر وعاصمة الميديين وبلاد العرب وكل الملوك المعادين
يرسلون مبعوثيهم امامي عارضين السلام والعلاقات الحسنة/
لكن ما هو السبب الذي دفع الملك البابلي إلى ترك العاصمة ؟
يرى أهل الاختصاص أن مملكة بابل بل كل ممالك المشرق كانت في نهاية
بقاءها لعدم قدرتها على مواجة القبائل الرعوية الآرية الآسيوية الفتية التي اجتاحت
غرب آسيا واوربا وبدأت تنشأ الممالك في ايران والأناضول واليونان وايطاليا..
قام نيبوئيد بامرين في آن واحد أحدهما حسب ما ارى من خلال اطلاعي
عقائدي والآخر سياسي اقتصادي .
الملك البابلي كان خبيرا بالواقع الاجتماعي فو يرى ان الناس قد
ماتت ضمائرهم وتخلفت عقولهم تركوا العلم وجعلوا رذائل القوة الشتوية والسبعية غش
وخداع وحسد وبغضاء وحب الأنا والغرور تفتك بهم بلا رحمة: هذا من جانب ومن جانب آخر
فإنه اصيب بصدمة كبيرة عند وفاة امه التي كان متعلقا بها لكونها التقية التي/ تقدس
سين/ اله القمر اكثر من /مردوخ/ ملك الآلهة.
الأم التي قامت بإنشاء المعابد الخاصة/ بسين/ في كل انحاء مملكة
بابل التي كانت تشمل آنذاك العراق والشام. الأم التي ربت ابنها على العبادة
والتقوى مما جعتله منذ فتوته يميل الى الإعتزال والتفكير بأسرار الخليقة وطرح
الأسئلة المصيرية.هذه الاسئلة التي رجع يستعيدها.
من هو الذي يحكم الكون؟ما سر الحياة؟ما هو الموت؟ماذا بعد
الموت؟.......
يقول الدكتور هديب غزاله الذي له الفضل في رفد هذا البحث وكذا
الاستاذ سليم مطر/ فانكب على دراسة جميع ما كتبه الأسلاف من اجل العثور على اجوبة
للأسئلة المحيرة وللخلاص من هذا الإنحطاط المستشري في المجتمع .فقام بحملة في
انحاء العراق والشام من اجل البحث عن كتابات الأسلاف وترجمتها وإعادة الحياة الى
الآثار المندثرة منذ آلاف السنين.وتقديرا لأمه القديسة جهد من اجل الإعلاء من شأن
/سين ـ القمر/ كإله لقوى الإنوثة والمشاعر الروحية الداخلية بخلاف/مردوخ/اله
الفحولة والقوة والجبروت المادي فقام ببناء عدة معابد منها الزقورة.
بعد تفكير وحوارات طويلة مع الحكماء إقتنع نبونيد ان لا خلاص للناس
من هذه الكارثة المستشرية الا بخلاص النفوس وتنقية الضمائر من الآثام التي تفسدها.
ادرك ان المشكلة تكمن في إنحطاط ديانة المشرق الى طقوس شكلية يتعيش عليها الكهنة
الذين صار همهم الأكبر تبرير ظلم الأقوياء وعبودية الضعفاء وتمجيد الحياة الدنيا
والقوة والعنف.
والحث على الحروب وتشريد المنهزمين من مدنهم وقراهم من اجل المغانم
والعبيد والجواري.
فقد الناس كل روحانيتهم وتم إختصار الإيمان بماديات الحياة
والحاجيات الدهرية.
سيطرت الفردية والأنانية والغيرة والنميمة والتحاسد بعد إن انتفى
الإيمان بأي قوى عليا ووازع اخلاقي وتلاشى أي مبرر للدفاع عن الوطن والكفاح من اجل
المستقبل والمجتمع الأسمى.
لذا قرر نبونيد ان يكون معتقده الجديد جامعاً لأفضل ما في اديان
المنطقة من محاسن. بعد بحث ومداولات مع الكثير من الفقهاء والمطلعين قرر تبني فكرة
اقترحها عليه بعض حكماء الشام الذين كانوا اكثر من غيرهم على دراية بديانة اهل مصر
بالإضافة الى ديانة اهل المشرق ومذاهبهم المتناحرة: ان افضل مافي ديانة العراق
والشام هي فكرة المنقذ المسمى بـ /تموزـ بعل/ اله الخصب والذكورة/ الذي يهبط كل ربيع
مبعوثا من الإله الأب /ايل/ رب السماء لكي يخصب الأم الأرض /عشتار/ الهة الأنوثة.
ولما كانت هذه الديانة لا تؤمن بالحياة الآخرى بل تعتقد بأن الجنة والنار هنا في
الحياة الدنيا. قام باخذ فكرة الحياة الاخرى البعث والحساب من ديانة مصر وخلود
المؤمن في الجنة الموعودة.
اقول/ ان الملك البابلي جمع الحكماء من الذين ورثوا الأنبياء
فقاموا يدمجون المعتقدات الحقة.
وأصبحت تعرف بعد ذلك بالغنوصية أو العرفانية هذه العقيدة التي تفرض
على الإنسان الاعتراف بالإله /الأب/ الذي يرسل /ابنه/ المنقذ لينذر الناس بيوم
الحساب القريب ويخلصهم من مفاسد الحياة الدنيا الفانية ويسمو بهم الى الحياة
العليا الخالدة.
طرح الملك هذه العقيدة على مجتمعه ولكن رجال الكهنوت الذين شعروا
بأن هذه المعتقد الجديد يهدد سلطانهم وجبروتهم. راحوا يتهمونه بالمروق والهرطقة
وتفضيل الإله /سين/على الأله /مردوخ .
بل راحوا يتآمرون مع الدولة الفارسية التي كانت تهدد بإجتياح
البلاد من أجل قتله.
عندها قام باقناع الكهنه واهل الحل والعقد من جعل إبنه نائبا عنه
والخروج للسيطرة على الطرق التجارية لإعادة هيبة المملكة واخضاع الجميع اقتصاديا
لها.لكنه يضمر في داخله مشروعه العقائدي الذي يريد له الانتشار ..
خرج من العاصمة آخذا معه الحكماء ومن أمن به الى تيماء.
فلما استقر أرسل الأنصار في البوادي والجبال يبتنون الصوامع
وينشرون دعوتهم بين الناس المحيطين بهم.مركزين على أمر مهم الإله ايل / الله/ هو
اله جميع البشر في كل مكان وزمان بل هو اله الكون بأجمعه. واحتمل أن الذي ساعده في
ذلك ملوك اليمن الذين في هذه الفترة يعبدون / ايل مقه/
0 تعليقات