هادي جلو مرعي
قبل أن يتشكل محور (عزم)
كانت مناطق في بغداد تعيش على وقع تحالف (تقدم) الذي جمع بين رئيس البرلمان محمد
الحلبوسي، وصديقه محمد الكربولي الشاب الجامح والمنفلت من عقال السيطرة، وكان
متوقعا أن يكون لتقدم الصوت الأعلى، ويستقطب جماعات من الشباب الى دائرة الفعل السياسي،
وربما توهم البعض إن الحلبوسي هو الضوء الذي تنجذب إليه الفراشات، غير أن التطورات
المتسارعة كشفت أن محمد الكربولي هو الفاعل الأكثر تأثيرا خاصة بعد الخلاف الذي
حصل بين الصديقين، وأدى الى ما سماه الكربولي (النزول من الباص البرتقالي) وهو
الحدث الذي أربك حسابات الحلبوسي الذي واجه تحديا أعقد باقتحام الشيخ خميس الخنجر
لمعاقله في مناطق غرب بغداد، وخروج الكربولي من تحالف (تقدم) والإعلان عن تحالف (عزم)
الذي جمع بين الخنجر والكربولي، ومعه بدأت حملة الدعاية المضادة التي يبدو أنها
تحولت لصالح الخنجر وحلفائه.
الحلبوسي الشاب الذي
يعني اسمه في لغة العرب الشجاع الذي لايعود إلا وقد حقق هدفه اندفع كقطار بلا كوابح،
وتصدر مشهد الزعامة السنية، لكنه أثار حفيظة المنافسين الذين شعر البعض منهم
بالغيرة، وشعر سواهم بخطورة السلوك الذي ينتهجه لجهة إقصائه المنافسين، وطموحه في
أن يكون زعيما للسنة كمكون، وزعيما مبرزا في المشهد السياسي العراقي بما هو أبعد
من رئاسة البرلمان حيث وبرغم تواصله مع المحور القريب من إيران، إلا إنه يتواصل مع
المحور السعودي، وحاول ان يستفيد من حراك تشرين، والظهور كمنقذ ومتفاعل مع طموحات التغيير
بوصفه زعيما شابا، وليس مستهلكا كبقية الساسة المغضوب عليهم من الجمهور.
أجزم أن خروج
الكربولي من (تقدم) وانفصاله عن الحلبوسي خسارة كبيرة لما يمثله الكربولي من حضور
في وسط الشباب، وتفاعله معهم برغم كل ماقيل عنه، وطبيعة مايوجه إليه من نقد سواء
لسلوكه السياسي، أو لطبيعة سلوكه الشخصي محل الجدل، وهو مكسب لتحالف (عزم) في
مرحلة تعيد القوى السنية فيها بلورة حضور مختلف يستغل الظروف الراهنة على المستوى
المحلي والإقليمي الموات ليكون حضورا مختلفا في المرحلة المقبلة.
ربما يشعر السيد
الحلبوسي بالندم على خسارته للكربولي، ولكنه قد يبرر ذلك بأنه حاول احتواءه، غير
أنه لم يستطع اللحاق بالقطار المنطلق بسرعة الى محطة أخرى.
0 تعليقات