عز الدين البغدادي
ميسان مدينة الماء
والطين، والسمك والقصب، مدينة النفط والطبيعة، مدينة الإباء التي كانت اهوارها
معاقل الرفض والتحدي.
مدينة فيها تناقض عجيب، بين عدد كبير من
المثقفين المتميزين الذين ينتمون إليها ويعيشون فيها وبين سلوكيات عشائرية هي أبعد
ما تكون عن قيم الحياة، ككل مدن جنوب العراق تعرضت إلى قهر شديد منذ عهد الإقطاع،
حيث كانت الهوسة الشهيرة لأحد الإقطاع "فلان الله ويمشي بكاعه" الى قسوة
الحقبة الصدامية، إلى الأمل الكاذب الذي استبشر الواهمون به بعد 2003.
سلطة رفعت شعار الإسلام
فكان سلوكها يتناقض تماما تماما مع الإسلام في كل التفاصيل، أعلنوا ان المرحلة
الآن بعد الاستبداد للديمقراطية، فجاؤوا بقيم العشائرية والطائفية ونشروا اللا
عقلانية بكل صنوفها، دمروا المجتمع ونشروا المخدرات وكل السلوكيات التي لا تنسجم
مع حياة إنسانية كريمة وفق اي رؤية أو نظرية.
تألمت جدا امس، وشعرت
بالخجل من نفسي وأنا اسمع عن معركة عشائرية حدثت أمس في قضاء المجر الكبير قتل
فيها طفل، وأصيبت فيها امرأة، وأحرقت فيها أربعة بيوت بسبب مشاجرة على ألف دينار! نعم
الف دينار!
أي عقول في رؤوس
هؤلاء الذين قاموا بهذه الجريمة؟ هل أثبتم بذلك شجاعتكم؟ هل تتمتعون بإطلاق النار
من بنادقكم ولو كان السبب تافها جدا؟ إلا تهمكم سمعة عشائركم ومدينتكم؟ ما هو دور رجال الدين؟ واين نتاج ما زرعوه؟ هل
سيدركون الآن ان الوعي الديني ليس بكاء ونحيبا ونعيا؟ أين رجال العشائر الذين
يتكلمون كثيرا عن "الستر" و"البخت"؟ أين سلطة المحافظة وما هو
دورها الوعوي أو الأمني؟ وأخيرا أين الإعلاميون والمثقفون؟ وأنا اعلم انهم الطبقة الأضعف
لكنها الأكثر شعورا بالمشكلة.. حقيقة اتمنى ان يكون هناك بيان او رؤية او دعوة
يقوم بها مثقفو ميسان واعلاميوها وفنانوها، وان يكون هناك عمل وتثقيف ضد هذه
السلوكيات.
وأخيرا: هذه رسالة لكل أولئك الذين يتحدثون عن
النموذج العراقي في الديمقراطية، اي ديمقراطية تحدث في واقع كهذا؟
0 تعليقات