آخر الأخبار

أفيون الشعوب

 

 


 

د.أحمد دبيان

 

شاهدت استجواب قاضى محكمة أمن الدولة للمدعو محمد حسين يعقوب.

 

قررت الدولة أخيرا محاكمة فكرية للسرطان الذي أطلقه السادات في السبعينات ولكن لتقتصر المحاكمة على البردعة دون المساس بالحمار .

 

كلما استغرقت فى مشاهدة المحاكمة، تداعت  فى ذاكرتي صورة   دوريان جراى راسبوتينية متأسلمة .

 

يظل خلود راسبوتين فى ذاكرة الشعوب الواعية مثالا نمطيا لاستخدام الدين المدجن  من قبل الأنظمة السلطوية    المستبدة بانحيازاتها الطبقية للسيطرة على المجتمع .

 

محمد حسين يعقوب المسخر للشريعة الطقس دون الجوهر والمتزوج من أكثر من عشرين امرأة باستخدام طلاق الكراسى الموسيقية لا يختلف كثيرا عن راسبوتين الآتي من طائفة الخاليستى التي اعتمدت المتعة طقسا للتطهير فى ابيقورية التدينات الزائفة.

 

الاثنان اخترقا المجتمع  الزراعي المثقل بالظلم الاجتماعي تحت دعاوى الجنة وعدا أخرويا لتناسى نصيب الدنيا وليستفحل أثرهم فيتم اختراق الطبقة البورجوازية العليا الطريق لارستقراطية الثروة بترسيخ مفاهيم إحسان الفتات سبيلا لعدل اجتماعي مدعي.

 

الاثنان كانا يدعيان أنهما يخاطبان العوام فى مجتمع الفقر والعوز ، والاثنان ازدهرا فى مجتمع الثقافة القشرية والفكر العوامى الذى طال الطبقة المتوسطة والارستقراطية .

 

يظل يعقوب مثالا للتأسلم السياسي المسخر للتقية والمعاريض وفقهها المدلس.

 

الرجل يراوغ في إجاباته فتارة   يدعى أنه من طائفة العباد مرسخا  الطبقية الكهنوتية  التي تستمر نبع الاسترزاق له ولأمثاله من راسبوتينات العصر الحديث وتارة يدعى أنه لا يفتي رغم فتاواه التى تنتشر فى الوسائط المسجلة والتي يتناسى الجميع وجودها واستمرارها مرجعا فقهيا زائفا.

 

تبقى إشكالية يعقوب وغيره هو  استمرار داء العقل السلفي المصري والعربي .

 

وتستمر  إشكالية العقل السلفي بأشكاله  الفرعونية و اليهودية  والمسيحية والإسلامية  و التى تستمر الحقل الخصب لانتشار يعقوب وراسبوتينات الإسلام السياسي أن هذا العقل يقدس الطقس والماضوية دون محاولة  إخضاع   الماضي كمصدر مطلق  لدينامكية التغيرات الحياتية وإضافة الزمنية مبعد رابع للمكان والجغرافيا .

 

يظل العقل السلفي الذى لا يختلف كثيرا عن عقليات القبائل البدائية التى تلتهم امخاخ حكمائها الذين قضوا لتشرب الحكمة ، أسيرا لمرويات تم تقديسها من دون الله والنص المنزل لتستمر النضب والمعين لكل راسبوتينات التدين والتسلف كيمتيا كان أم يهوديا فريسيا أو مسيحيا أو إسلاميا  فالتجديد والتدبر وأعمال  العقل ايا كان يمثل اول معول فى هدم الأوثان التى اصطنعوها لتمثل تجارة كهنوتهم الحديث .

 

(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)

إرسال تعليق

0 تعليقات