آخر الأخبار

منشور فاشل :عندما قصت الأم شعر ابنتها

 

 



عامر بدر حسون

 

من الحوادث المؤثرة التي لا استطيع الخلاص من ذكراها ما تعرضت له صبية مسيحية وأمها في إحدى مدن الموصل.

 

فعندما تقدم داعش للقرى والمدن الموصلية بعد سيطرته على المدينة، وبدا بفرز السكان وفق دياناتهم.. نسيت إحدى الأمهات كل المخاطر التي تهدد وجودها ووجود عائلتها، وانصرفت لإقناع ابنتها الجميلة بارتداء ملابس الأولاد وحلاقة شعرها الذهبي بأكمله!

 

*

 

كيف تقنع طفلة جميلة ووحيدة لأهلها بفعل هذا؟!

 

كيف تحدثها عن الاغتصاب والسبي وتشرح لها موضوعات قبل الأوان؟

 

هل توجد كلمات مناسبة يمكن استخدامها للإقناع فيما داعش تتقدم؟

 

*

 

كانت الصبية تبكي.. والأب يكاد ينفجر من فرط عجزه عن فعل شيء.

 

وكانت الأم تتحرك كالممسوسة وتتحدث مرة بلهجة آمرة ومرة بتوسل والصبية ترد في مساومة يائسة:

 

- سألبس هذه الملابس القذرة.. لكن لا تقتربي من شعري!

وفي النهاية استسلمت الصبية بعد ان انهارت أمها من فرط لطمها على خديها ورأسها!

 

طلبت الأم من الأب ان يخرج ليعرف كم بقي على وصول داعش وانصرفت هي لتساعد ابنتها في تغيير كيانها ووجودها.

 

*

 

من سبعة مليارات من البشر كانت تلك الأم وابنتها تقومان بعمل لم يشاركهما فيه احد من البشر يوما..

 

فهذا ما توصلت له الأم في خوفها على ابنتها.

 

وكانت تطمئن ابنتها وهي تقص شعرها من الجذور:

 

سأحتفظ لك به.. وسأعمل منه باروكة أضعها على راسي الى ان ننجح في الهرب واضعها على راسك!

 

*

 

 أية شروحات يمكن ان تقدمها الأم لطفلتها كي تحميها من ان تكون سبية تباع وتهدى على عادة داعش مع الايزيديات والمسيحيات؟!

 

كيف تشرح لبنت، بالكاد فتحت عينيها وأحلامها على الدنيا، ان هناك من يمنح نفسه الحق باغتصابها وبيعها؟

 

ولماذا؟ فقط لأنه مسلم وهي مسيحية؟!

 

في تلك الدقائق سقطت جميع الممنوعات ولم تعد هناك كلمات مبهمة فالمصير الذي ينتظر الطفلة كان في غاية الرعب والشناعة.. ولا بد ان تعرف البنت كل ما ينتظرها قبل الأوان وبأوضح واقسي الكلمات!

 

*

 عاد الأب مذعورا:

 

- لقد وصلوا!

 

وأكمل:

- طلبوا ان يتجمع المسيحيون في بيتين: بيت للنساء وأخر للرجال.

*

 

سجل الدواعش أسماء بيت الرجال وأسماء بيت النساء وعاشت النساء رعبا لا مثيل له أمام نظرات الدواعش وهم يحددون لأنفسهم من بعيد سباياهم أو وهم يأتون وينادون على أسماء نساء ليتأكدوا منها عند توزيع الغنائم!

 

ورغم الرعب والانهيارات كانت تلك الأم تشعر أنها انتصرت على داعش بمحبتها وبالحماية التي وفرتها لابنتها من السبي.

 

وطيلة الأيام التي قضوها في ذلك البيت كانت الأم تحاول ان تصنع باروكة من شعر ابنتها كما وعدتها!

 

*

 

واقف هنا لأنهي المنشور.

 

فقد فشلت في إقناع القاري ان تلك الصبية هي ابنته أو أخته، (وهو هدفي من كتابة هذا المنشور) كي أزيد من اشمئزازه ورعبه من داعش وكي أضاعف رغبته في إدانتها والقضاء عليها.

 

أقول فشلت لأنني انتبهت ان ثقافتنا السائدة تبرئ داعش (التي هي خلطة سلفية بعثية) وتتهم إيران أو أميركا وغيرهما بإيجادها..

 

واكتفي بتحية تلك الأم العظيمة التي نجحت وعائلتها في الهرب بعد ان حمت ابنتها من مصير آلاف النساء المسيحيات والايزيديات والتي ما زال كثير منهن أسيرات الدواعش!

إرسال تعليق

0 تعليقات