آخر الأخبار

إسرائيل قامت نتيجة ثقوب فى نظرية الأمن المصرى !

 

 



محمود عوض

 

 

هل كان أتفاق فك الاشتباك الأول بين مصر وإسرائيل سلاما أو كان ثقوبا فى نظرية الأمن المصري والعربي ؟

 

هل كان ضرورة أو خطأ ستدفع مصر والمنطقة ثمنه مضاعفا ؟ .

 

خاصة وأن إسرائيل قامت فى نفس الأرض التى اتى إلى مصر منها التهديد الموت دائما من قبل .. لقد أخطأنا من قبل مرات عديدة .

 

أخطأنا أولا فى فهم عظمة مصر وأهميتها ـ من حيث هى . فمصر دائما بحكم موقعها وأهميتها ومواردها ، مطمع لكل قوة خارجية ,  إنها كذلك دائما ، بغير أن يتوقف هذا على سلوكها ، تماما مثلما قطعة الأسفنج تمتلئ بالماء دون أن تسعى هى إلى ذلك .

 

وأخطأنا فى فهم التزامات هذا الموقع .. فحينما قبلنا فى القرن الماضى قيودا على قواتنا المسلحة، وصناعاتنا الوطنية ، فإننا دفعنا بعدها بجيل واحد ثمنا فادحا ـ كان هو احتلال بريطانيا لأرضنا ـ . وحينما حفرنا قناة السويس .. ولم نستطع ترجمة الخطر السياسي الذى يمثله وجود القناة كحقيقة جغرافية ، كانت النتيجة هى أن مصر أصبحت مملوكة للقناة ، بدلا من أن تكون القناة مملوكة لمصر .

 

وحينما غفلنا عن فلسطين وما يجرى فيها .. فوجئنا ذات صباح بأن دولة جديدة معادية وعدوانية قد أصبحت تدق بابنا الشرقى ـ تدقه  بالقنابل والمدافع والطائرات ـ لقد ساهمت ظروف كثيرة ، وأحيانا قاهرة ، فى ارتكابنا هذه الأخطاء .. ولكن العصر المشترك بينها جميعا هو أننا لم نع بما فيه الكفاية أهمية وحدود : نظرية الأمن المصرى .

 

إن إسرائيل نفسها ، وجدت فى فلسطين ، كنتيجة مباشرة للثقوب التى بدأت مبكرا فى نظرية الأمن المصرى . فمن تلك الثقوب تسربت الصهيونية أولا إلى فلسطين ، ثم ظلت لخمسين سنة تبنى دولة هناك أمام عيوننا جميعا ، بغير أن ننتبه .

 

إننا لم ننتبه لأننا تصورنا أن فلسطين بعيدة عنا بما فيه الكفاية ـ وهذه أول رصاصة قاتلة ضد نظرية الأمن المصرية . قد خدعتنا أصوات من بيننا ، تسربت الينا حاملة جوازات سفر أجنبية ، أو تمثل مصالح اجنبية ، أو تعمل لحساب أطراف أجنبية . أصوات قالت لنا : ما لكم .. ومالفلسطين ؟ دعو فلسطين للفلسطينين . ولكننا أكتشفنا فى النهاية أننا لم ندع فلسطين للفلسطينين .. وإنما أصبحت فلسطين هى اسرائيل .

 

لقد قامت اسرائيل .. إنها قامت فى نفس الأرض التى هددنا منها الموت دائما من قبل .. حاملا اسماء عديدة وأسمه فى هذه المرة : إسرائيل . ولكن ، بينما الخطر الذى يهددنا من فلسطين سابقا يجئ لينصرف بعد أن نواجهه .. فإن الخطر قد جاء إلى فلسطين فى هذه المرة .. ليبقى .

 

فى هذه المرة هذا استعمار استيطانى ، جاء يزرع لنفسه جذورا ، ويبنى قلاعا ويتفرغ لمواجهتنا بل ليصبح هو العصا الغليظة التى تستأجرها ضدنا القوى الخارجية . ومرة أخرى أصبحنا نستمع إلى أصوات جديدة تقول لنا : مالكم .. ولإسرائيل ؟ دعوا إسرائيل للإسرائليين !!

 

وكانت تلك هى الرصاصة القاتلة الثانية فى نظرية الأمن المصرى .

بالطبع إسرائيل أصبحت هناك ، قائمة بالقوة المسلحة فى فلسطين . إسرائيل هناك .. لتبقى . ربما ! . ولكن تبقى ، على أى نحو ؟ وفى أى حدود ؟ وضمن أى أطار ؟ .

إرسال تعليق

0 تعليقات