الحكيم في الموصل

 

 

 

هادي جلو مرعي

 

في الصورة يظهر رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم رفقة أحد علماء الدين في مدينة الموصل التي تعرضت الى الأذى الجسيم بفعل التطرف الديني والحرب التي حولت أجزاء منها الى خرائب، وشردت مواطنيها بعد أن ضرب الإرهاب الأسود فيها، وبعد أن تراكمت عوامل الإهمال والفساد، وارتفع خطاب التحريض الطائفي من قبل الجماعات المتشددة الى مستويات قياسية تطلب الرد عليها جهدا استثنائيا في ظروف معقدة تعاني الدولة العراقية فيها من الضعف، والحاجة الى ترميم التصدعات في جسدها المرهق الذاوي.

 

هذه الصورة لها دلالات عميقة، مع مارافقها من حضور جماهيري مهم وفاعل وسط المدينة التي تعاني، وتبحث عن حضور مختلف، ونهضة عمرانية، وسعي لفرض واقع جديد يسمو على الخلاف والرفض وعدم الثقة، الى الفهم العميق لمتطلبات مرحلة التغيير، والتلاقي بين المكونات بوصفه ترسيخ للمواطنة الحقة التي لاتعتني بالمسميات الفرعية، وتشير الى الاسم الجامع، وهو الوطن، وحضوره في الوجدان، وحاجته الى الخروج من تأثير الماضي السيء، الى المستقبل الواضح شرط أن يكون الجميع شركاء في هذا المستقبل. 

 

في مدن الفرات الأوسط والجنوب هناك تعاطي مع الأحداث مختلف لسبب مرتبط ببعض التحولات الصعبة. فالتظاهر طلبا للكهرباء، ورفضا لشكل النظام السائد في هذه الجغرافيا، يقابله حاجات ورغبات ليست مختلفة تماما، ولكن التعاطي معها مختلف، فالحاجة الى الأمن مطلب أساس، والحاجة الى الاستقرار كذلك، ثم بعدها يتم العمل على توفير الخدمات، وهذا مايفسر قول جنرال أمريكي بعد الإحتلال بفترة وجيزة لمسؤول عراقي تحدث معه عن الخدمات، وكان الجنرال يطالبه بالتركيز على الملف الأمني، وهو الأمر الذي يعني أن الأمن أولا.

 

ذلك مؤشر على أهمية التعاطي العقلاني مع الأحداث، وعدم الانجرار الى الفوضى، والبحث عن سبل تواصل مختلفة. فالقطيعة تنتج الخراب، وهذا مالمسناه من تعطيل للخدمات، وانقطاع للتيار الكهربائي خلال الفترة القليلة الماضية، وطالما أن المزاج العام في طور التغيير، والبحث عن مشتركات فإن الفرصة مواتية للنجاح سواء بين المكونات التي أرهقتها الحوادث الصادمة، أو بين المواطنين المحتجين، والباحثين عن تغيير في معادلة الحكم، ومستوى الخدمات المقدمة للوصول الى تشكيل رؤية تخرج بالعراق الى دائرة مختلفة تكون الأولوية فيها للمواطنة وحسب وفقا لمعادلة المسؤولية والواجب.