عماد محمد الأمين
الحرب الدائرة الآن فى دولة إثيوبيا الشقيقة بين القوات المحلية
الخاصة بالتقراى والقوات المسلحة الفيدرالية الإثيوبية بالتأكيد لها تداعياتها وتأثيراتها
على المدنيين القريب والبعيد بحكم الجوار وحدود طويلة جدا تجمع البلدين، فالسودان
يمتلك أراضى شاسعة وتعداد سكاني قليل مقارنة بمساحته على عكس إثيوبيا التى تعانى
من انفجار سكاني بتعداد سكاني يبلغ أكثر من (110 ) مليون نسمة فالأثر الآني للصراع
الداخلي فى إثيوبيا يتمثل فى دخول اللاجئين الفارين من الحرب بكميات هائلة تفوق
قدرات الحكومة السودانية التى تعانى هي الأخرى من توفير الأساسيات لشعبها فى الوقت
الحاضر ناهيك استقبال موجات لجوء عالية تنهك كاهلها المثقل هذا واحد من التأثيرات على
المدى القريب أما على المدى البعيد فيمكن ان تؤدى هذه الموجات العالية من اللجوء
لتغيير الخارطة الديموغرافية للولايات المجاورة للأقاليم الإثيوبية لذلك وجب على
الحكومة السودانية التحرك لإيقاف الحرب لأنها أكثر المتضررين منها.
فالسودان من الدول المؤهلة للقيام بهذا الدور بحكم الجوار وعلاقاته
مع الطرفين فالسودان مثل نقطة انطلاق لحرب التحرير بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير
التقراى بقيادة الراحل ملس زيناوى التى انتهت بهزيمة نظام الدرك برئاسة منقستو
هايلى مريام.
صراع من أجل النفوذ
الناظر للصراع الدائر الآن قد بدأت إرهاصاته بعد استقالة رئيس
الوزراء السابق هايلى مريام ديسالين خليفة رجل إثيوبيا القوى مؤسس الائتلاف الحاكم
الراحل ملس زيناوى الذى استطاع الحفاظ على التحالف الحاكم الذى يضم كافة المنظومات
التى شاركت فى حرب التحرير بحكم الكاريزما والحضور الطاغى للرجل ليس على المستوى
المحلى فقط بل شكل الراحل زيناوى حضورا كبيرا على الساحتين القومية والعالمية
ويعتبر من المؤسسين للاتحاد الأفريقي ومقره أديس أبابا وشهدت فى عهده بداية
انطلاقة إثيوبيا كقوة إقليمية هامة على المستوى القاري فى مجالات الاقتصاد
والسياسة والاجتماع وصارت إثيوبيا قبلة لكثير من المستثمرين فى مختلف المجالات
والباحثين عن السلام والأمن والاستقرار فإثيوبيا مثال للدول التى نهضت بعد حروب
أهلية مدمرة والتقراى يخوضون هذه من أجل وضع حد لطموحات أبى أحمد الساعي لتفكيك
الائتلاف الحاكم والاستعاضة عنه بحزب الازدهار فالتقراى لهم صوتهم القوى داخل
الائتلاف الحاكم وقد يفقدون هذا الصوت بعد تكوين الحزب الجديد.
فيدرالية قبلية
اعتمد النظام الحاكم بعد التحرير من قبضة نظام الدرك الشمولى
بقيادة الجنرال منقستو هايلى مريام وذهاب رفاق التحرير من الجبهة الشعبية لتحرير
أريتريا بدولتهم الخاصة بقيادة الرئيس الحالى اسياس افورقى فى العام 1991م نظاما
فيدراليا على الأساس القبلى بحيث أعطى هذا النظام الإقليم حق إنشاء جيش وشرطة
محلية وبرلمان منتخب من شعب الإقليم وعلم خاص بالإقليم ويحق للإقليم حتى إقامة
علاقات مع الدول كما نص الدستور بحق الإقليم فى تقرير المصير للبقاء ضمن الدولة
الموحدة أو الانفصال سارت الأمور بسلاسة حتى رحيل ملس زيناوى وتسلم هايلى مريام
ديسالين رئاسة الحكومة وقيادة الائتلاف الحاكم وهو ينحدر من قومية صغيرة تسمى شعوب
الجنوب وتعرض الرجل لضغط عنيف من بعض الأقاليم وصلت حد التلويح بالانفصال عن
الدولة الأم تقدم الرجل باستقالته للمحافظة على الائتلاف الحاكم ليخلفه الشاب
الطموح أبى أحمد المنحدر من قومية الاورومو فأبى أحمد الطموح يريد العبور بإثيوبيا
إلى فضاءات الدولة القومية الموحدة بعيدا عن القبلية والجهوية المتحكمة فى الدولة
فبدأ بتكوين حزب الازدهار ليكون بديلا للائتلاف الحاكم وبالطبع هذا لا يرضى
التقراى أصحاب الامتياز التاريخي لأنهم قادة التحرير.
شكوك وتململ
أبدت قومية التقراى شكوكها فى طموحات أبى أحمد بعد تكوين حزب
الازدهار وازدادت هذه الشكوك بعد رفض أبى احمد إقامة الانتخابات بعد انتهاء ولايته
بحجة الأوضاع الصحية فى البلاد بسبب جائحة كورونا وأعلن إقليم التقراى تنظيم
انتخابات إقليمية منفصلة غير ابهين بتحذيرات الحكومة المركزية لتكون خطوة هذه
الانتخابات المنفردة بداية النهاية للائتلاف الحاكم الأمر الذى أدى إلى اندلاع حرب
عنيفة بين التقراى والحكومة الفيدرالية....
مالات وتوقعات الصراع
يرى مراقبون ان انتصار أبى أحمد فى هذه الحرب يؤدى إلى إقامة نظام
مركزى قابض يعيد التوازن للدولة ووحدتها بديلا للفيدرلية القبلية التى تواجه بكثير
من التقاطعات بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم فى كثير من الموضوعات ... أما
فى حالة انتصار التقراى ربما يفتح الشهية لبعض القوميات المتململة أصلا للمطالبة
بالاستقلال أسوة بإقليم التقراى .
كما يرى آخرون ان النظام الفيدرالى القبلى رغم خطورته على وحدة
البلاد وتماسكها إلى أنه أعطى كل القوميات مساحات لحكم أنفسها فى بلد تعانى من
تفشى القبلية والجهوية لذلك النظام الفيدرالي هو الأنسب لنظام الحكم فى إثيوبيا فالأوضاع
لن تخرج من هاتين المعادلتين وأن الأوضاع لن تعود كما كانت قبل الحرب... أيا تكون
النتائج يجب على الحكومة السودانية التدخل الفوري لإيقاف الحرب لأنها من أكثر
المتضررين من اى صراع فى إثيوبيا خاصة بعد موجات النزوح الكبيرة للفارين من جحيم
الحرب باتجاه السودان خاصة ولايتى كسلا والقضارف التى ناشد واليها منظمات المجتمع
المدنى لأهمية المشاركة فى تقديم الدعم والمساندة للاجئين الفارين من الحرب
انطلاقا من مبادئ إنسانية وأخلاقية......
0 تعليقات