لا دعوة إلا بقراءة. ولا قراءة حقة إلا ما كانت محل اهتمام الله.
وهذا أصل ينبغي عدم الغفلة عنه بحال من الأحوال.
فالقراءة: هي عملية عقلية وتعني إدراك القاري للنص المكتوب وفهمه واستيعاب
محتوياته. بالتالي هي عملية تفاعلية بين القارئ من جهة والنص من جهة أخرى.
وهذا المعنى يمكن ان ينطبق على الأنبياء والمرسلين(ع) وقراءاتهم
للنص الذي اوحي به إليهم.
فمثلا النص القرآني الوحياني عندما نزل على قلب النبي(ص) أحتاج
الرسول(ص) الى عملية قراءة هذا النص بلفظه لتفكيك معناه ورموزه تمهيدا لإدراكه
وفهمه ومن ثم تكون الدعوة على ضوء مضامين بياناته.
ولما كان الداعي لهذه القراءة من - المصطفيين المخلصين - يكون إتباع
شخصه يساوي إتباع منهجه. ولذا تم ربط الإجابة للدعوة والايمان بها بغفران الذنوب
والنجاة من العذاب. لأن بالتالي إذ لم تسلك الطريق المستقيم يعني سلوك طريق الضلال
والموصل للعذاب.
قال تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا
بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }
الأحقاف31/
مشكلة الناس قديما مع دعوات أنبيائهم ورسلهم (ع) مشكلتهم عدم الاستماع
لهذه القراءات الإلهية. والاكتفاء بالتالي بالقراءة الرسمية التي وفرت لهم تفسير -
الله الكون الإنسان الآخرة –
ومع وجود هذه التفاسير التي ورثوها يد بيد فلا حاجة لهم بأي من
الدعاة. بل يكون الداعي لقراءة في عرض القراءة الرسمية في غاية الخطورة والغرابة.
ولما كان الناس قديما وحديثا تتخوف من كل جديد لم يخضع لتجربة في رتبة سابقة. فالإعراض
عن القراءة نتيجة طبيعية بينهم.
وهذا الأمر سوف يواجه الإمام المهدي(ع) في المستقبل حيث ما ان
يحاول طرح قراءته التي تكون أشبه بعصا فرعون - تلقف كل القراءات طولا وعرضا - سوف
يتم التشويش عليها بشتى الطرق والحيلولة دون وصولها للمستمع. والأعذار جاهزة بكثرة
كاثرة.
ما أريد بيانه: كل القراءات التي سمعنا عنها وجربناها لم نلحظ انها
عالجت المشاكل وأعطت الحلول. فحتى الفلسفة بكل إمكاناتها وعمقها لم تقدم حلا
للبشرية وهذا ما جاء على لسان محمد باقر الصدر ما عن بعض طلبته.
بل وحتى خط الباطن والعرفان الذي بدأ قديما بقدم الحضارات ومر في
عموم الديانات وصولا للإسلام ومتصوفته وانتهاءا بالعرفان الشيعي. لم يقدم قراءة من
شأنها فك الاشتباك على كل الأصعدة.
نعم: الله عز وجل حاول عن طريق رسوله (ص) إيصال معلومة غاية من
الأهمية ومفادها: ان فك الاشتباك منوط بالكتاب وأهله.
لكن خط الباطل وإن لم يستطع ان يقف أو إيقاف هذه المعلومة الإلهية.
ووصولها للناس. - اني تارك فيكم - كتاب الله - عترتي - الا انه استطاع ان يجد
بديلا عن الثقل الثاني لترجمان الثقل الأول. فكان ما كان مما لست اذكره فظن شرا
ولا تسأل عن الخبر.
نعم: حاولت العترة وعلى طول أربعة قرون بخلق خط موازي للباطل الذي
ولد في يوم السقيفة بثوب الدين والإسلام ومصالحه العليا. وبالفعل تم تأسيس مرجعية
شرعية صالحة لضبط الإيقاع. على طول الخط الى ظهور مهدي هذه الأمة.
وفي فترة الغيبة ولدت إجتهادات شيعية - إخبارية وأصولية - وهي
بالتالي قراءة بشرية وان حامت بشكل او باخر ومرجعية المعصوم. إلا انها قراءات
بشرية بالنتيجة. لضمان بقاء خط العصمة الا ان يرث الله الأرض ومن عليها.
وبالتالي: هذه القراءات بقدر ما كانت تهدف الى لم شمل شيعة المعصوم
إلا ان للشيطان وخطه الباطل كلمة ابى الا والدخول في هذا المفصل وفي ذلك التفصيل.
وولدت بعدها قناعات شرها هو عدم البحث عن قراءة معصومية والاكتفاء بالقراءة
الرسمية التي تحدثنا عنها أعلاه ولا مزيد. حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولو
دخلوا جحر ضب لدخلتموه .. والكلام طويل ...
0 تعليقات