رأفت السويركي
هذه التدوينة ليست في موقع الدفاع عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور
أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر؛ لأنه "لم يَغْلطْ في البُخَاري" كما
يُقَال حين اقتبس شهادة مهمة للكاتب الإيرلندي الشهير "برنارد شو" حول
الرسول الكريم في متن كلمته والتي لم تتعرض للقراءة العميقة لمدلولاتها السياسوية
المهمة في إطار احتفالية الدولة المصرية بالمولد النبوي الشريف.
وإذا كانت بعض "النخبة" تتوهم على غير أساس صحيح أن
الدكتور أحمد الطيب قد "أخطأ في بُخَاريهم"؛ فهو الأقدر على تفنيد
مقولتهم الهشة؛ بما شارفه وعاش في مناخاته المعرفوية الفرنسية وارتبط بها عبر
دراسته في "السوربون"؛ وكذلك بما يمتلكه من العلم المرتبط بالعقيدة
وشريعتها؛ في الوقت الذي يمتلك الحرية الكاملة حول ما يحكُم موقفه السياسوي من
منظور العقيدة؛ إذ أن أية عقيدة لها جانب مرتبط بالقلب/الوجدان/ الفطرة سماوياً؛
وجانب سياسوي/دنيوياً.
ففي احتفالية الدولة المصرية السنوية بمولد أشرف الخلق وأكملهم؛
الرسول محمد بن عبد الله (ﷺ) للعام الجاري قال الشيخ الطيب كلمته المهمة للغاية؛ وبما
احتوته من علامات تعكُس ـ في تصوري ـ تأكيداً ذكياً لافتتاح نافذة ضوء؛ يؤكد عبرها
على الثوابت؛ ويبشر بالمستجد المتسع في الرؤى والنظريات المتكيفة مع المتغيرات
الجديدة الخاصة بالإسلام كعقيدة؛ وتمظهرات في "زمن العولمة".
*****
إن من يرصد الشائع السياسوي ضمن مكونات "الخطاب
الأزهروي" العميق طيلة تاريخ هذا الكيان الراسخ يعتبره ممثلاً للجناح
السياسوي الموصوف بـ "أهل السنة" أو "الأشعرية" انتساباً إلى
أبي الحسن الأشعري؛ بأصوله الممتدة إلى الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري؛ ليكون
مقابلأً للجناح السياسوي الموصوف بـ " الشيعة الإمامية الإثني عشرية "
أو "أهل البيت/ العترة"؛ بدءاً بـ " علي ابن أبي طالب فأحد عشر
إماماً من ولده".
لذلك كانت كلمة الإمام الدكتور أحمد الطيب البليغة في مناسبة
"العيد النبوي" 1443هـ / 2021م تمثل خريطة لتبيان "الروح
الحقيقية" لفكر ذلك التيار السياسوي "المحافظ"؛ ثم نظرته الجديدة
للواقع وقضاياه؛ وهي مؤشرات أعلن عنها ببلاغة ينبغي الالتفات إليها؛ بالتجاوز عن تلك
"الزوبعة المتهافتة" المرتبطة بـ "جورج برنارد شو" وما نسب
إليه حول الرسول الأكرم؛ إذ قد صرفت هذه الزوبعة عقل التلقي عن التفكر في مضامين
ومستهدفات تلك الكلمة للتركيز على قضية فرعية... برنارد شو قالها أم لم يقلها؛ وقد
قالها بالفعل؛ هل انتماؤه يجعله يقول ذلك أم أنها كانت كلمة نُسبت إليه من دون
دليل؟... إلخ
*****
الشيخ الدكتور أحمد الطيب ـ في تقديري ـ قال كلمته الواجبة مدفوعاً
بالعوار الذي ضرب أنماط الفعاليات المعتلة للإسلام السياسوي ممثلة في نموذجه
الراهن؛ والذي تجسده "جماعة حسن الساعاتي البناء"؛ وامتداداتها
السرطانوية في "القاعدة" و"داعش" وبقية "دكاكين
التأسلم"؛ وقدم الطيب خطاباً دسماً؛ يكشف عن خريطة مطلوبة في التصورات
السياسوية للدين الإسلامي؛ ومجالات التحديات التي تواجهه والمتمثلة في حقول
"الصورة الذهنوية" المعممة عولموياً؛ والمعبر عنها بـ
"الإسلاموفوبيا"؛ توافقاً مع مشروع الانتشار العولموي للعقيدة؛ وكذلك في
نهج التأمل الواجب والواعي لمنتج المتون الحافة المتكلسة بجوهره؛ من خلال مسمى
و"جوبية الجهاد" التي يتوهم الإسلام السياسوي أنها وظيفته... لذلك فكلمة
شيخ الأزهر العميقة تفتح بنعومة الحذر نافذة لربما تُلبي الدعوة العامة لما يقال
عنها "تجديد الخطاب الديني".
*****
إن متكأ خطابات الانتقادات الحادة للإسلام السياسوي الراهن يعتمد
على ثُغْرة "الفهوم الكهفوية" الحافة بالعقيدة السمحاء في رسالتها
وبنيتها؛ والمرتبطة بما يُسمى "مشروع التمكين السياسوي" للعقيدة؛ عبر
المفهوم القديم "الجهاد" غير المتفكر في آلياته؛ والذي أسست لهذا المرض
السياسوي بعمق سرطانوي"جماعة حسن الساعاتي"؛ وتعاقبات أطوارها
التنظيموية (القاعدة وداعش أنموذجاً) عبر هيمنة التفكير القطبوي التكفيروي لأمة
المسلمين في متون هذا النهج عليها.
لذلك يوجه "الآخر/ غير المسلم" المتحرر من ضغوط عقيدته
(ما لله لله وما لقيصر لقيصر) بحكم "عِلْمانيته" يوجه الضربات القاسية
لصورة دين السماحة فيصفه بـ "دين الإرهاب"؛ ليس خوفاً من "أسلمة
العالم كله" التي يتوهمها المتأسلمون سياسوياً؛ ولكن لتوظيف السيناريوهات
الخاصة بتعميق هيمنة أنماط الرأسمال العولموي لاكتناز الثروة (المواد الخام وأسواق
الاستهلاك الكثيف؛ واقتصادات السلاح والأوبئة). وهذا المستهدف الحقيقي يتحقق
باستصناع الصورة الفاسدة لـ "إرهاب المتأسلمين" والتي تسببت بها في
التأسيس "جماعة حسن الساعاتي البنَّاء" الصهيوماسونية.
*****
والمؤسف أن مؤسسة الأزهر الشريف ـ على الأقل ـ في المرحلة الأخيرة
من تاريخها ـ نتيجة اختراقها السياسوي بعناصر من المتأخونين؛ وضغوط تراكمات
المفاهيم الفقهوية المتكلسة وغير المتفكر فيها تحفظت تجاه أية دعوات تُطالب بما
يسمى "تطوير الخطاب الديني"؛ بل أعتبرت "الثعابين الكامنة" في
هذه المؤسسة المتمكنة بقداستها من قلوب المسلمين والمصريين؛ اعتبرت أن دعوة
التطوير مرفوضة بالقطع؛ عبر ترويج الاتهام المغلوط بأن من يدعون لذلك ويطالبون به
هم من العلمانيين والملحدين اللادينين؛ ضمن سعيهم لتفريغ العقيدة من قيمها
ومستهدفاتها ما يحقق ترويج الفسق وينشر الموبقات.
فيما الحقيقة أن دعاوى "تطوير الخطاب الديني" تستهدف من
"العقل المتفكر" إزالة ركامات المفاهيم الجامدة ابنة زمانها القديم؛
والتي صارت تقوم بفصل العقيدة الإسلامية الواجب تجددها في تطبيقاتها للتناسب
والتكيف مع متغيرات الواقع في المساحات المتاحة للتغيير؛ بما يتواءم مع مستجدات
الحياة.
بل والمؤسف ضمن محاولات الحفاظ المستميته على ما يمكن أن يُسمى
"كهنوتية الدعوة" المنوطة بالأزهر الشريف؛ هو تلك الاستماتة في الوقوف
بوجه أية دعوات مشروعة لإعادة التفكر في تلك الأنماط التطبيقوية للعقيدة؛ والتي
جمدوها تاريخوياً برفض والتشبث بعدم الخروج عن مفاهيم زمان ( والخيل والبغال
والحمير لتركبوها)؛ وتجاهل دعوة قول الرسول الأكرم ( أنتم أدرى/ أعلم بأمور
دنياكم) فيما يتعلق بشؤون الحياة المتغيرة.
*****
وفي ذلك "السياق الجامد" لا يمكن نسيان البيان الذي كان أصدره
الأزهر في 11 ديسمبر/ كانون أول
ومن دون شك فإن "كلابشات/ قيود" المستقرِّات
"المعبودة"؛ وهي لا تخرج عن كونها محض اجتهادات الفقهاء في أزمنتهم؛ تصل
بدرجة العنف والدموية المسيئة لجوهر العقيدة لممارسة إباحة قتل تارك الصلاة؛
والمرتد؛ وغير المنتمي للإسلام؛ وإرهابهم بقطع رقابهم؛ وفقء عيونهم وقطع أيديهم
وأرجلهم من خلاف؛ ومنعهم من إقامة بيوت عباداتهم؛ و... و... إلخ. لذلك كان استنساخ
هذه المسلكيات متواصلاً على وجه العموم في أنماط التعليم بكتب الأزهر؛ وخطب الوعظ
وبرامج الدعوة؛ بما يمثل مكمن العلة في الخطاب الديني الراهن؛ فانطلقت دعوات تطوير
ذلك الخطاب عبر "أجناد الأزهر" من علمائه المتنورين؛ وكذلك رجالات الفكر
القادرين.
*****
ولعل بدايات إدراك قمة هذه المؤسسة لضرورة التغيير؛ وإعادة تكييف الخطاب
المُعَطَّل مع المستجدات السياسوية تجلت في البيان الذي أصدره الأزهر الشريف في
فبراير/ شباط العام
بل إن الأزهر الشريف أكد في بيانه ذلك إن فكر الجماعة الإرهابية
"لا يعترف بالأوطان، والذي يعتبر تكفير المجتمعات المسلمة والخروج عليها
فريضة واجبة... بهدف هدم أركان الدولة وإيقاع الفتنة بين أبنائها والدخول في تيه
الفوضى والاحتراب". وتحسم هذه القلعة العقدوية الشامخة الأمر بأن
"الإخوان" في حقيقة الأمر هي الأصل، وأن كل الجماعات الإرهابية تسير على
خطاها".
*****
ويهل الخطاب الأخير لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بمناسبة
إحتفالية الدولة المصرية بالمولد النبوي متوافقاً مع بهاء "أنوار الرسالة المحمدية"؛
فيؤكد بنعومته السياسوية مرتكزات تغيير أساسات الخطاب الديني؛ وتجاوز الصورة غير
المقبولة الراهنة التي أحدثتها فرق الإسلام السياسوي في أمور ثلاثة حددها:
** الأمر الأوَّل: أنَّ طوائف المسلمين وهم يقتل بعضهم بعضاً
يُوظِّفون شريعة السلام في تبرير هذه الحرب، حتى أصبح بأسنا بيننا شديداً.
** الأمر الثاني: ما يُصدِّرُه هذا العبث بالأرواح والدماء من صورٍ
بالغةِ الوحشية تُغذي النزعاتِ اليمينيةَ المتطرفةَ في الغرب والشرق، (وما يسمى
هناك بالإسلاموفوبيا)حتى أصبح الدفاع عن صورة الإسلام يبدو وكأنه أمرٌ يَصعُبُ قَبُولُه،
فضلًا عن تصديقه... يعرف ذلك كلُّ مَن قُدِّر له أن يُدافعَ عن هذا الدِّين الذي
ظلَمَه بعضُ أهله، ويُنافحَ عن سيرة نبيِّه الذي تنكَّر له بعض أتباعه، مع علمِه
أنَّ هؤلاء وأمثالهم إنما يُوظِّفون هذا الدِّين لأهوائهم ومآربهم وهو منهم براء،
وإنْ هتفوا باسمه وتزيُّوا بزيه..
** الأمر الثالث: إن الخروج من هذه الأوضاع المعضلة لا يتحقق -
فيما أعتقدُ - إلا بإحياء صحيح هذا الدِّين الحنيف، واتخاذه نبراساً في سلوكنا
وتصرُّفاتنا، جنباً إلى جنبِ التأسي بصاحب هذه الذكرى (ﷺ) ترسيخِ هديه في مناهج
تعليمنا، والاعتزاز برسالته وسُنَّته.
وهذه الصورة البائسة التي صارت مهيمنة بمن يحتكرون ـ بالسطو على
العقيدة ـ نتيجة تصوراتهم المنحرفة... جعلت الإمام الأكبر الدكتور الطيب يوجه
الأمة ومن يعنيه الأمر إلى إدراك ما ينبغي إدراكه في هذه المناسبة؛ بالتأكيد على:
- إن الاحتفال بهذه المناسبة هو "احتفال بالنبوة والوحي
الإلهي وسفارة السماء إلى الأرض، والكمال الإنساني في أرفع درجاته وأعلى منازله،
والعظمة في أرقى مظاهرها وتجلياتها، احتفال بالتشبه بأخلاق الله تعالى قدر ما
تطيقه الطبيعة البشرية، وقد تمثل كل ذلك في طبائع الأنبياء والمرسلين، الذين عصمهم
الله من الانحراف، وحرس سلوكهم من ضلالات النفس وغوايات الشياطين، وفطر ظاهرهم
وباطنهم على الحق والخير والرحمة".
- إن الرسول الكريم (ﷺ) بصفاته ينبغي على الأمة أن
تلتزم للاقتداء به نهجاً ومسلكاً باعتباره المُعَبِّر عن الكمال الإنسانوي؛ فهو من
جمع بشمائله ما لم يحظ به إنسان سواه ليصبح بذاته مقياس الكمال أو "الإنسان
الكامل". وإحياء صحيح الدين الحنيف على نهج الرسول هو ما ينبغي سلوكه.
- هذا الرسول "الإنسان الكامل" ترك نفسه من ثلاث: الجدل،
والتعالي في مُعاشرته الناس، وما لا يَعنِيه...؛ وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم
أحداً ولا يعيبه، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلَّا فيما يرجو ثوابه.
- وعندما حجَّ حجة الوداعِ، والمسلمون معه مدَّ البصر، وجزيرةُ
العرب من أقصاها إلى أقصاها في قبضة يده، فكان على رَحْلٍ رثٍّ، عليه قطيفةٌ لا
تُساوي أربعة دراهم، وكان يدعو: «اللهم اجعله حجًّا لا رياء فيه ولا سمعة».
- وهذه الكمالات الأخلاقوية جعلت من الرسول الأكرم أنموذجاً يتحدث
عنه مفكروا وعلماء وفلاسفة وأدباء ومؤرخو الحضارات من أمثال "غاندي"
و"راماكريشنا" و"لامارتين" و"مونتجمري وات"
و"زويمر" و"تولستوي" و"مونتيه" وسواهم. وسرد ما
قالوه عنه وعن أخلاقه، وعن شريعته وآمالهم في أن تعود لتُصحح مسيرة العالم اليوم،
وتُنقذ مصيره من هلاك مرتقب ودمار مُتوقَّع.
ويقدم الشيخ الدكتور أحمد الطيب مقتطف شهادة "موثقة"
ذكرها "برنارد شو" الموصوف بـ: "الذائع الصِّيت الذي تَعرفه الدنيا
بأسرِها، والمتوفى سنة1950 م، يقول هذا المفكر العملاق عن رسول الإنسانية محمد (ﷺ): «إنَّ أوروبا الآن بدأت
تحسُّ بحكمة محمد (ﷺ)
وبدأت تَعشَقُ دِينه، وإنَّ أوروبا سوف تُبرِّئ الإسلام ممَّا اتَّهمته به من
أراجيف رجالها ومُفكِّريها في العصور الوسطى، وسيكون دين محمد (ﷺ) هو النظام الذي تُؤسِّس عليه
دعائم السلام والسعادة، وتستندُ على فلسفته في حل المعضلات وفك المشكلات، وحَلِّ
العُقَد".
بل إن "برنارد شو" كما ذكر الدكتور أحمد الطيب في كلمته
يقول: "إنِّي أعتقد أنَّ رجلاً كمحمد لو تسلَّم زمام الحكم المطلق في العالم
بأجمعه اليوم لتم له النجاح في حكمة ولقاد العالم إلى الخير، وحلَّ مشاكله على وجه
يحقق للعالم السلام والسعادة المنشودة... ثم يقول: أجل... ما أحوج العالم اليوم
إلى رجل كمحمد لِيَحُلَّ قضاياه المعقدة بينما هو يتناول فنجانًا من القهوة".
وما كاد الدكتور أحمد الطيب ينتهي من خطابه حتى بدأت بعض نماذج
"النخبة" التقاط فقرة برنارد شو لتمارس الطعن فيها؛ والادعاء بأن شيخ
الأزهر لم يتيقن من مصدرية ما نَسبه إليه ما يعني أنها خطأ كبير وهي مقولة غير
صحيحة. وفي الواقع أن هذه الزوبعة صرفت الجمهور عن إدراك مضمون المحتوى السابق
الإشارة إليه في هذه التدوينة؛ للدوران حول حقيقة المنسوب إلى "برنارد
شو" كنموذج من شهادات مبدعي ومفكري العالم من غير المسلمين بحق رسول
الإنسانية.
*****
وحسناً فعل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب حين أتاح للمواقع
الإليكترونوية (صحيفة الأهرام أنموذجاً) نشر صورة لما ذكره "برنارد شو"
في حوار معه لصحيفة "The Light" الهندية نُشر في العام 1933م تحت عنوان "محمد مُخلِّص
البشرية"، وكانت خاتمته المنتسبة إلى برنارد شو: " لا بد أن تُفْهمَ
تنبؤاتي في هذا الإطار. وحتى في الوقت الحاضر، تحول العديد من أبناء شعبي ومن
أبناء أوروبا كذلك إلى الإيمان بدين محمد، ويمكنني، باستخدام التعبير الذي صغت به
سؤالك، القول بأن أسلمة أوروبا قد بدأت".
وفي صورة الوثيقة المنشورة ونص الحوار ما يُفحم النخب التي تصرف
الانتباه عن القضايا الأساس المتضمنة في الخطاب إلى قضية فرعية متهافتة؛ مع الأخذ
في التقدير أن صورة الرسول الأكرم (ﷺ) باعتباره "مصلحا
اجتماعيا" قد شغلت العقل غير المسلم والمستشرقين دوماً بمنظومة القيم التي
تدعو إليها العقيدة الإسلامية؛ إنطلاقاً من مربع مغادرة ذلك العقل لحقل العقيدة
باعتبارها شأنا شخصوياً خاصا يتجلى في منظومة من الأخلاق الموصوفة بالإنسانوية.
*****
كنت أتمنى من تلك النخب الالتفات إلى المحمول المهم في كلمة
الدكتور أحمد الطيب؛ والتي تعكس توجهات آخذة في التعمق بشأن تغيير محمول الخطاب
الديني؛ عبر نسف منظومة ادِّعاء الجهاد من فرق الإسلام السياسوي؛ والتي هي في
حقيقتها "الصهيوماسونوية" تُعمق الصورة المشوهة بأن الإسلام عقيدة تنتشر
بالإرهاب والقتل والسبايا.
وقد تولى الإمام الأكبر فضح ذلك بنعومة؛ عبر كشف علل
"جهاد/إرهاب" الفرق الخوارجية الراهنة في تأسلمها؛ ونسفها رابطاً بين
مناسبة انتصار "جهاد" أكتوبر1973 م العظيم المُفْتَتَح بنداء "الله
أكبر" ومناسبة المولد النبوي الشريف؛ مُستدعياً رؤية الغرب لشخصية نبي
الرحمة. لذلك فعلى هذه النوعيات من النخب عدم الظن بأن "شيخ الأزهر بذكر
"برنارد شو" كأنه "غِلِطْ في البُخَارِي". لقد نسوا مدلولات
تطوير الخطاب الديني؛ وتعلقوا بـ تصوارت غير دقيقة حول ذلك الأديب العالمي؛
فاقرأوا بتدقيق ما قاله يا نخبة؛ وتمهلوا وافهموا!!
0 تعليقات