حمدى عبد العزيز
14 أكتوبر 2021
الطبيعة البشرية حافلة بالتعقيدات والتناقضات التي تصل إلي حالة
صارخة من مظاهر انفصام الشخصية لدي البعض من البشر لاسيما إن كانت طبيعة حضورهم ، وأنشطتهم
التي تظهر تحت أحزمة أضواء الشهرة لاتسمح لمتابعي هذه الشخصيات ومعجبيها علي
الإطلاق أن تجرؤ علي مجرد التفكير في أن هناك جانب غير ظاهر تحت الضوء من الحقيقة
يتناقض تماماً مع ماتكونه هذه الشخصيات التي تتألق في المجالات العامة للمجتمع ..
وهناك مثالان في عالم البشر العجيب الأول محلي
والثاني عالمي ..
فمثلاً الشاعر المصري الراحل نبيل خلف الذي تألق في تسعينيات القرن
الماضي وذاع صيته كشاعر وككاتب أغان مغرقة في الوجد والابتهال الديني فهو مؤلف
أغنية (في حضرة المحبوب) إلي جانب أغنية (نبينا الزين) وأغنية (قلبك حنين يانبي)
وهي أغاني لاقت رواجاً كبيراً في فترة من الفترات ولازالت ..
نبيل خلف (الذي كان من كبار موظفي وزارة الداخلية) لم يمنعه ذلك من
أن يتورط في قضية فساد كبري ثبت عليه ارتكابها بعد ان تمت محاكمته ضمن عشرة متهمين
من كبار مسئولي وزارة الداخلية ومعاقبته بالسجن وإلزامه برد 62 مليون بالإضافة إلي
تغريمه بملايين مماثلة نتيجة ارتكابه جريمة الإضرار بالمال العام هو وبعض قيادات
وزارة الداخلية في قضية الفساد الشهيرة التي تمت في عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب
العادلي ..
المثال التالي الذي يحضرني هو آرثور رامبو الشاعر الفرنسي الذي
لازالت أشعاره موضوعاً للإعجاب والدراسة والأبحاث والشهادات العلمية ..
لم تمنعه شاعريته المنقطعة النظير من أن يكون تاجراً للعبيد مع
بدايات الحقب الاستعمارية الأوربية ..
البشرية حافلة دائماً بالتناقضات الغائرة .. تناقضات ماتحت الجلد
التي يعجز أصحابها في مرحلة ما عن الاستمرار في إبقائها تحت الجلد بعيداً عن
الظاهر للعيان ، فينفجر ماتحت الجلد من نوازع الهيمنة والجشع وحب الامتلاك والاستحواذ
إلي مافوق الجلد ..
وهكذا
تتصارع النوازع والدوافع تحت الجلود وبين الأضلاع وفي أدغال أعماق
النفس البشرية ..
وماخفي وماكان مسكوت عنه دائماً هو الأصدق والأعمق والأكثر قدرة
علي كشف الحقائق العنيدة ..
_____________
0 تعليقات