نصر القفاص
عشت سنوات من عمرى فى "الجزائر" كمدير لمكتب
"الأهرام".. وبين ما أحمله من ذكريات حكاية "العربية طوارق",
لأن المعنى كان غائما.. غامضا.. بالنسبة لمواطن مصرى يعيش بين أهله فى
"الجزائر".. ولتكرار الذكر على سمعى وأمامى.. تمكنت منى غريزة المهنة
كصحفى, فاستفسرت عن سبب إطلاق هذا الوصف على ذاك النوع من السيارات تحديدا.. فهى
سيارة المانية حديثة – وقتها – ذات دفع رباعى.. سمعت الشرح وخلاصته أنها أفضل
أنواع السيارات عند أهل الجنوب – الطوارق – وعنوان الثراء والرفاهية هناك.. ثم كان
أن سافرت إلى "تيمنراست" الواقعة فى أقصى الجنوب على الحدود مع
"مالى" وهناك عشت أياما جميلة على أعلى نقطة فى جبل "سكرام"
لأعاشر وأعرف.. من هم "الطوارق"!
باختصار.. قل عنه ابتسار.. "الطوارق" هم قبائل ينتشرون
فى جنوب "الجزائر" ويمتدون إلى "مالى" و"تشاد"
و"النيجر".. وتوازيهم قبائل "الأمازيغ" فى الشمال ويتمددون
إلى "المغرب" حتى "سيوة" فى مصر!! ولعلى أسهبت فى الشرح مع أن
الموضوع يحتاج إلى مقالات وتحمل تفاصيله عشرات إن لم تكن مئات الكتب والدراسات..
لكن التفسير ضرورى ومهم لتوضيح معنى العنوان.. وكشف سر ضحكى وحديثى إلى أهلنا فى
"الجزائر" عن إبداع الشعوب, واختلت لأقول أن المصريين سبقوهم فى الإبداع
ورحت أشرح لهم سبب اختيالى.. فالمصريين كانوا دائما سباقين فى وعيهم وإبداعهم!!
من هنا أدخل فى موضوع "حالة الطوارىء" التى أعلن الرئيس
أنه لن يمددها.. لن أخوض فى الأسباب وأهمية القرار.. لكننى أقول للأشقاء فى
"الجزائر" أن الشعب المصرى عندما داهمته عاصفة "انفتاح السداح
مداح" صدمته فئة من "رجال المال" الذين صنعوا ثرواتهم باللصوصية
والانتهازية, يركبون أفخر وأغلى أنواع السيارات.. فراح يشير إلى هؤلاء اللصوص
بإطلاق أوصاف على السيارات التى يتفاخرون بها, وهى عورتهم.. وصفوا سيارة ألمانية
أخرى "بالخنزيرة", ثم "الزلمكة" لأن مؤخرتها كانت تشبه
"مؤخرة البطة"!! ثم فاجأتهم تطورات صناعة هذه السيارة.. فأطلقوا على جيل
جديد منها "الشبح" ولما وجد شعبنا أن الوصف لا يثير السخرية ذاتها, ولا
يحقق لهم نفس الارتياح.. إستقبلوا الجيل التالى من السيارة نفسها بوصف
"البودرة" على اعتبار أنه لا يقدر على ركوبها غير "تجار
البودرة"!.. ولما انفتحت مصر أكثر فأكثر.. تجاهل الشعب الموضوع وذهب إلى
إبداعات أخرى, فى مجالات مختلفة ومتعددة.. لأن "الانفتاح" تحول إلى
"منهج حياة" حتى أصبحنا نطلق على حزب بعينه "مستنقع وطن" كما
أسميه.. لكن "ناجى عباس" يسميه "حزب الممبار"!!.. وبينهما
تسميات عديدة.. والسبب أن "الفضيحة" مكشوفة لحد أن الشعب لا يعيرها
اهتماما بأكثر من السخرية شديدة المرارة كما "العربية طوارق"
و"الزلمكة" و"الشبح" و"البودرة"!!
ما علاقة "حالة الطوارىء" بالعربية "طوارق"؟!
بداية أصارحكم بأننى ضحكت حين سمعت قرار "عدم مد حالة
الطوارىء" لأن الشعب المصرى لا تشغله "حالة الطوارىء" لأنها لم تكن
سبب تدمير الأحزاب السياسية.. ولا كانت سبب تدمير الإعلام المصرى.. ولا هى كانت
سبب غليان الناس.. فقد عشنا "حالة طوارىء" لعشرات السنوات.. عشنا طوارىء
فى "زمن عبد الناصر" لسنوات.. رضينا عنها أم لم نرضى.. وعشنا "حالة
طوارىء" خلال "زمن السادات" رضينا عنها أم لم نرضى.. وعشنا
"حالة طوارىء" فى "زمن مبارك" رضينا عنها أم لم نرضى.. وبعدهم
لم تفارقنا "حالة الطوارىء" سواء رفضنا أو قبلنا.. المهم أننا عشنا
"الحالة" ووسطها نقبل بأن ذلك هو قدر مصر.. والحقيقة أننا عشنا
"حالة الطوارىء" فى "زمن السيسى" لأسباب قبلناها فى البداية..
ووسط "حالة الطوارىء" شهدنا تدمير الأحزاب وبينها "الوفد"
و"التجمع" دون أن تكون "للطوارىء" علاقة بذلك.. فالحزبين –
يمين ويسار – ذهبا مختارين طائعين.. للتوقيع على اتفاق "القصد الجنائى"
وبموجبه تم توزيع مقاعد البرلمان عليهما مع "مستنقع وطن" وأحزاب أخرى..
وأصبحنا نعيش "زمن رؤساء المحاكم الدستورية السابقين" فأحدهما يرأس
"مجلس الشيوخ" وثانيهما يرأس "مجلس النواب" ولكليهما كل
التقدير والاحترام – تجنبا لسوء العاقبة – ولله الأمر من قبل ومن بعد!!
فى ظل "حالة الطوارىء" أحكمت يد معلومة على الإعلام
والثقافة وغيرهما.. دون حاجة إلى قوانين "حالة الطوارىء" لأن قوانين
الحكم تطورت!! وتلك الإشارة تكفى فقد ارتبك عقلى وارتعشت يدى! والمهم هو أننى أردت
القول أنه ليس مهما إعلان عدم تمديد "حالة الطوارىء" أو تمديدها.. المهم
هو هل المواطن "خائف".. "مرعوب".. أم قادر على أن يتكلم؟! لا
أنكر أن العلم سمح لنا أن نكتب ونتكلم عبر "الفيسبوك" و"تويتر"
وغيرهما.. لكننى أرى بعض "جامعى أعقاب السجائر" نوابا ورؤساء تحرير
ومحافظين ووزراء نجوما على الشاشات.. وأرى أستاذا جامعيا – إسمه أيمن منصور ندا –
مسجونا لمجرد أنه كتب على صفحته عبر "الفيسبوك".. ومتهما لمجرد أنه قال
رأيا تجاه من يركبون "العربية طوارق" و"الزلمكة" و"الشبح"
و"البودرة".. لأنه غاب عنه "الوعى" لبعض الوقت.. فى لحظة لا
يتوقف فيها حديثنا عن "الوعى" ظنا بأن "أراجوزات الإعلام"
يملكون قدرة على "صناعة الوعى" بتجاهل المثل الشعبى القائل: "يا
مستنى السمن من بق النمل.. تحرم عليك التقلية تدوقها"!!
0 تعليقات