آخر الأخبار

من هم صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية؟

 

 


 

د. معن عبدالقادر آل زكريا

 

 

حاول المؤلف، الدكتور (معن آل زكريا) - الأكاديمي والقاص والكاتب السياسي العراقي - الإجابةَ عن السؤال الإشكالية، الذي يشكل قوام الكتاب نفسه: من يحكم الولايات المتحدة؟ وذلك عبر كتابه الجديد "من هم صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية؟"، ويطرح في مقدمة الكتاب نظريتين في محاولة الإجابة عن هذا السؤال؛ الأولى: ترى أن هناك حكومةً خفية ذات أربعة أطراف، هم: وول ستريت (شارع المال والمصارف)، ودائرة المخابرات المركزية الأمريكية، ووزارة الدفاع، وزارة الخارجية.

 

والنظرية الثانية: ترى أن من حقِّ أي مواطن أمريكي أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة، وتستند في ذلك على سوابقَ تاريخيةٍ من خلال استعراضها لتاريخ وطبيعة عمل بعض الرؤساء السابقين، مثل: أبراهام لنكولن، هاري ترومان، ليندون جونسون، جيمي كارتر، ورونالد ريجان.

 

ويبحث الكتاب في دور (مجلس الأمن القومي) في صنع القرار السياسي الخارجي الأمريكي، ويتكون هذا المجلس من مجموعة الأفراد القياديين الذين يشكلون عصب السياسة الخارجية الأمريكية، ويتشكل من رئيس الدولة رئيسًا، وعضوية نائب الرئيس، ووزير الخارجية، ووزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، ومدير المخابرات المركزية، وعدد من المستشارين الآخرين من اختيار الرئيس الأمريكي، مثل: مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي، ومستشار الرئيس للسياسة الخارجية، ونائب وزير الخارجية، ورئيس هيئة موظفي البيت الأبيض، وسكرتير هيئة موظفي البيت الأبيض.

 

ويستعرض المؤلِّف أهدافَ السياسة الخارجية الأمريكية، والتي يقسمها إلى: الأهداف المرتبطة بالقيم والمصالح الأساسية الأمريكية المطلوب تحقيقُها، ومن تلك الأهدافِ المحافظةُ على التراث والوحدة الوطنية، بالإضافة إلى الأهداف متوسطة المدى، ويعتمد تحقيقُها على طبيعة السياسة الدولية، وغالبًا ما ترتبط بالكبرياء القومي، وبرفاهيةِ قطاعات الشعب عامة، وبالسلم والأمن الدوليين.

وكذلك الأهداف بعيدة المدى، والتي تستهدف غالبًا تغييرَ النظام السياسي الدولي وَفق مصالح الولايات المتحدة، وتتطابق معها من خلال تخطيط الإستراتيجيات، ووضع الأيديولوجيات (التبريرية) لجعل العالم جبهةً واحدة تتَّفق مع توجُّهات السياسة الأمريكية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث فجوة ما بين الحدود القصوى والحدود الدنيا للممكن، وهو الأمر الذي قد يتجاوز الحساباتِ السياسيةَ.

 

ويرى المؤلف أن الرئيس الأمريكي وأجهزته ليسوا هم صانعي السياسات أو مقرِّريها؛ لكنهم مجرد واجهة سياسية تظهر في المرحلة النهائية من عملية معقدةٍ تتشكل في ثناياها السياسة الأمريكية، إذ تساهم مجالسُ مهمةٌ في تخطيط السياسة الأمريكية، مثل: مجلس العلاقات الخارجية، ومؤسسة بروكنجز للأبحاث، ولجنة التنمية الاقتصادية، ومؤسسة راند للأبحاث، ومعهد هيدسون للأبحاث، وأدوات المخابرات المركزية، ودوائر مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتضم تلك المجالسُ شخصياتٍ في قمة السلطة تمثل: الحكومة، والشركات الكبرى، والمؤسسات الصناعية متعددة الأنشطة، والبنوك، والمؤسسات الصحفية، ورجال القانون، والشخصيات الإعلامية التي تعد الرأي العام داخل وخارج الولايات المتحدة لإحداث التغيير المطلوب.

 

ثم تأتي بعد ذلك مرحلةُ اللجان الخاصة التي يشكلها الرئيس لتقدِّم دعمًا إضافيًّا في تقرير ما انتهتْ إليه معاهدُ الأبحاث ومجموعات التخطيط، لتبدأ عملية الطرح على الشارع الأمريكي في شكل عينات من المجتمع، ثم تظهر تلك المخططات في شكلها التشريعي على هيئة قوانين ولوائحَ، تتضح معها مظاهرُ التعددية السياسية الذي تتباهى بها نظريةُ السياسة الأمريكية.

 

لقد حاول الكتابُ تسليطَ الضوء على طبيعة صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، وإماطة اللثام عن صنَّاع هذه السياسة، لكنه أغفل - دون أدنى شك - دورَ اللوبيات وجماعات المصالح الأمريكية، وبالذَّات الهيئات والمؤسسات الممثلة للأقليات الأمريكية في الضغط والتأثير على طبيعة القرار المتَّخَذ من قبل الحكومة الأمريكية، مثل اللوبي الصهيوني، وهو الأمر الذي لم يتسنَّ بعدُ لأي إدارة أمريكية - مهما كانت شعبيتها أو قوتها - تجاوزُ تأثيره ومنعكساته، سواء في صياغة قراراتها السياسية الخارجية، أو الداخلية ضمن حدودها القومية، كما لم يناقش الكتاب مستقبلَ الولايات المتحدة في ظل المعطيات المتقدمة حول هُويَّة الأطراف المشاركة في صناعة القرار الأمريكي.

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات