آخر الأخبار

ماذا يقول فقه التاريخ فى : على بن أبى طالب

 

 


 

محمود جابر

 

 

بما أن الفقه الفهم، وإن أحسنت فقل هو الوعي بالدروس المستفادة والأحكام المستنبطة من الوقائع والسرديات والأدلة وأشباهها، وحينما نقرأ تاريخ على بن أبى طالب، يجب أن ندرك ان الإسلام تجلى فى شخص رسول الله صلى الله عليه وآله، فقد أرسله الله تعالى الى الناس كافه، قريبهم وبعيدهم شاهدهم وحاضرهم، والتالين منهم إلى يوم الدين، وجعل الله من سيدنا محمد صلوات ربى وسلامه عليه جعل منه أسوة حسنة، والأسوة هو النموذج والقدوة والمعالج والطبيب والمعلم والمصلح والمنقذ... وهذا الأسوة رسول من الله، وقد خطط النبى محمد ان يجعل من اتباعه وجماعته رجل شبيها به فى الخلق وفى الأسوة، فاختار من هو أقرب إليه منشأ وطينة وهو ابن عمه الذى رباه على واحتضنه صغيرا هو وزوجه التى حلت محل امه فى الحب والحنان والتربية والأدب، فما كان من النبى محمد الا ان اصطفى لنفسه عليا ابن عمه ابى طالب التقى الورع، وكان على ابن لأبيه من ناحية وابنا لمن رباه من ناحية أخرى فكان عليا أشبه الناس بالنبى خلقا ودينا وسلوكا ...

 

كان عليا منذ اليوم الأول رفيق النبى فى دعوته وعبادته، وفى ليله ونهاره لم ينشغل عن رسول الله لا فى عمل ولا فى تجارة وكان النبى منشأ علمه ومعارفه، فكان النبى مدينة العلم، وعلى بن ابى طالب بابها، ولما احتدم الصراع بين النبى وبين قريش وقررت قريش اغتياله، فلم يكن أحد يمكن ان يبات فى فراشه ليلة الهجرى سوى من قرر ان يضحى بنفسه فى سبيل الله وفى سبيل إنقاذ المنقذ للبشرية حتى بنفسه فبات على فى فراش النبى محمد...

 

وحينما أرادت قريش العدوان على المسلمين فى أول عمليات القتال بعض القرشيين تحسبوا للنزال حتى لا يتورط أحد منهم فى ثأر مع قبائل قريش فى المستقبل وكان بعضهم يرى لو انه حاول ان يبعد نفسه عن موضوع تلك الدماء لكان خيرا لهم، ولكن على النموذج كان لا يشغله شىء سوى الدين والإسلام وحفظ بيضته والدفاع عن رسول الله ومن معه، فكان عليا رغم حداثة سنه فى طليعة الفرسان ومقدمتهم ونال من أكابر قريش، وكان هذا سلوكه فى كل المعارك حتى أن البعض رأى ان سيف على كان يقطر دما من قريش وكان هذا سبب منطقى من وجهة نظر البعض لعدم تقديم على للخلافة فى بادىء الامر..

 

ولكن على استعاض عن الخلافة بكونه فتى الإسلام ونموذج النبى حيث منحه النبى رتبة فتى الإسلام وقال لا فتى إلا عليا......

 

من المبرر أن يبحث الناس والصحابة عن مصالحهم ومصالح الدين من وجهة نر عقلانية ومنطقية وتعاقدية، وهذا ليس عيبا فيهم، لأنهم لم يكونوا نماذج نبوية ...

 

لكن على النموذج الشبيه بالنبى محمد كان ميزانه هو ميزان النبى يفكر كما كان النبى يفكر لهذا لم يبت على على ضغينة لأحد ولا غل لأحد ولا ثأرا لأحد ولا حرصا على شىء من متاع الدنيا فعاش زاهدا كما كان النبى زاهد وعاش ورعا وعاش صادقا، ولهذا ليس مستغربا أن يكون عليا متسامحا مع من أساءوا إليه، ولكن العجب أن يتعجب البعض ان يكون عليا ليس كذلك ..........

 

لأنهم لم يفهموا الفرق بين على وبين غيره ممن عاصروا او من جاءوا بعده ........... وهذا هو فقه التاريخ ..

إرسال تعليق

0 تعليقات