آخر الأخبار

السيرة النبوية… وأهميتها

 



 

عز الدين البغدادي

 

منذ صغري ألقى الله في قلبي حب السيرة النبوية الشريفة، فكنت أقرأ ما قدرت عليه من كتبها مثل "السيرة الحلبية" وسيرة ابن كثير وكتاب "محمد رسول الله والذين معه" لعبد الحميد جودة السحار وكتاب صدر عن دار النهضة في بغداد لكاتب شيعي لم يذكر اسمه، ثم قرأت سيرة ابن هشام ومغازي الواقدي. فضلا عن كتب تراجم الصحابة وأهمها "اًلإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر، والاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن عبد البر، و"أسد الغابة في تمييز الصحابة" لابن الأثير.

 

وكانت دراسة السيرة تعد من الأوليات والأولويات، حتى قال عنها ابن حزم: وفرضٌ على الفقيه أن يكون عارفاً بسيرة النبي (ص).

 

وكان أول مشروع تأليف لي كتاب في السيرة النبوية كتبته في دفتر وأنا في الصف الرابع والخامس إعدادي وقد وصلت فيه إلى صلح الحديبية ثم توقفت، ثم فقدت الدفتر.. واقعا فإن هذه الدراسة نفعتنيي جدا فلم أقع في فخ الفهم الفقهي للدين الذي يبدأ الإنسان معه بموضوع التقليد، ولا الرؤية الطائفية الضيقة، فعرفت مبكرا وعايشت قيم الإسلام وعرفت جهاد صحابة النبي (ص) وأحببتهم ولم أجد تعارضا بين حبي لهم وحبي لآل البيت. وعشت تفاصيل حياة النبي (ص) في وجداني، حتى أخذ من قلبي وعقلي كلّ مأخذ.

 

 

وحقيقة فقد انتفعت كثيرا جدا من دراستي للسيرة علميا وعقليا ونفسيا وثقافيا، وما حصل لي يحصل لكل من قرأ السيرة بعقله وقلبه معا، ولك أن تقرأ موقف فولتير عندما تهجم على النبي محمد في مسرحية ألفها ثم اطلع على السيرة النبوية فتأثر جدا، ورجع ليكتب كتابا يعرب فيه عن عظيم إعجابه بشخصية النبي (ص). بل إن كثيرا ممن كانوا يكرهون الإسلام والمسلمين تغيرت رؤيتهم تماما عند قرؤوا السيرة الشريفة.

 

إن أهمية السيرة النبوية تأتي في كونها تجعلك تعيش الإسلام الأول، بقيمه وأفكاره، تجعلك تعيش الرحمة والمحبة والكرم والشجاعة والشعور بالآخرين التي تجدها عند النبي (ص)، كما تعرف مزاجه، وتتعايش مع صبره وتحمله وإصراره وحكمته وتعامله مع الناس ومع أسرته ومع أصحابه ومع أعدائه فهو كما قال تعالى "ولكم في رسول الله أسوة حسنة". كما إنها تعرفك على تاريخ الإسلام، فتتعرف على ظروف التطور ولا تتعلمه جاهزا كما في كتب الفقه المذهبية. كذلك تعرف الظروف التاريخية لكثير من الأحكام الشرعية التي ترتبط بالزمان والمكان. فضلا عما يحصل للقارئ لها من تقوية ملكته اللغوية، وغيرها من الفوائد. ولك بعد هذا أن تعرف كم خسر كثير من المتدينين ودارسي الفقه عندما بدؤوا دراستهم بالاحتياط والتقليد وتقديس زعماءهم الدينيين، وكم كانت ستتغير طريقة أفكارهم وبناء شخصياتهم لو بدؤوا بدراسة سيرة سيد الأخلاق.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات