عبد القادر الحيمى
14 مارس 2022
القضارف
( الصراعات احتدمت فى جلسات المؤتمر العام للحزب الحاكم .)
( بني شنقول بؤرة الصراع القادم فى إثيوبيا )
القضارف : 14 مارس 2022
اهتزت الأوساط الإثيوبية وصدمت لتداول عدة مقاطع فيديو تم تصويرها
بالجوالات تظهر عسكريين للقوات الإثيوبية وهم يقذفون فى نار ضخمة أفرادا من
التقراى ، أحد المقاطع يظهر الضحية على قيد الحياة وهو يقذف فى النار.
انتشرت المقاطع فى إثيوبيا بشكل لم يسبق له مثيل وأظهر وحشية غير
مسبوقة وهى تعبر عن الكراهية العرقية التى رافقت العمليات العسكرية والمذابح التى
ارتكبتها كل الأطراف بدون استثناء ، شملت عمليات النهب والسلب خاصة الجيش الارتري
فى اقليم التقراى الذين كان جنوده يسرقون حتى أدوات الطبخ والأسرة والملاءات
ويخلعون الأبواب والشبابيك لترسل لإرتريا ومورست عمليات القتل حتى للصبيان وكانوا
يطاردونهم من منزل لآخر وينهون حياتهم بطلقة فى الرأس. تعرضت النساء
والفتيات لعمليات اغتصاب واسعة ومخططة وثقتها عدة منظمات أممية
ودولية وكان بهدف فيما يبدو لمنع الإنجاب.
مع الصدمة التى سببتها مقاطع حرق التقراى للراى العام الاثيوبى ،
تتوالى فضائح الحكومة الإثيوبية فى محاولة منها لامتصاص حملات الغضب والاستنكار
جراء نشر مقاطع الفيديو ، اصدرت الحكومة الإثيوبية اول امس بيانا عبر هيئة
الاتصالات الفيدرالية قالت فيه : ( هذا العمل مروع وغير انسانى للغاية وتعهدت
بتقديم الجناة للعدالة ) .
أشار البيان إلى أن موقع الحادث هو فى " اسييد" بمنطقة
قوبا بمحافظة متكل فى بنى شنقول .
ومع ذلك رغم ان بيان الحكومة حدد مكان حادث الحرق، إلا أنه لم يوضح
الظروف التى ارتكبت فيها قواتها العسكرية الجريمة وهوية الضحايا وفى أحد المقاطع
سمع الجناة يقولون انهم ينتقمون لمقتل رائد زميل لهم ، كما سمعوا وهم يتبادلون
الشتائم ويستخدمون عبارات لا انسانية تجاه الضحايا وكان أحدهم على قيد الحياة حتى
وقت حرقه.
واضح ان الحكومة حاولت إلقاء تبعة الجريمة على قوات دفاع بنى شنقول
وهناك ادعاءات انهم حرقوا أفراد من العسكريين الامهرا، فيما يظهر فى المقطع جنود
تابعين للجيش الاثيوبى وعلى قمصانهم شعار الجيش الاثيوبى كنا تظهر الصور وآخرين
تابعين لقوات الامهرا الخاصة، وهناك أيضا ميليشيات فانو والجميع يتحدثون اللغة
الامهرية ، كذلك الضحايا لاتنطبق عليهم ملامح اهالى بنى شنقول بل ملامحهم تقارو.
حادثة الحرق حسب ما تداولتها مواقع التواصل الإثيوبية كانت فى
" دانشا" غرب التقراى فى بداية الحرب ووقتها ارتكبت " فانو"
مذابح مروعة فى " ماى خدرة" التى تلاصق الحدود السودانية قتلوا فيها 85
من المدنيين التقارو من الجنسين ، وايضا ارتكبوا مذبحة أكثر وحشية فى "
الحمرة" صاحبتها مذبحة تعد الاسوا فى اكسوم قتل فيها الجيش الارترى 70 من
النساء والاطفال من كبار السن .
بالأمس أكدت منظمة حقوق الإنسان الإثيوبية أن الذين جرى حرقهم هم
تقراى ، مما يضع أبى احمد وحكومته فى مهب الريح إذ طالما استنكرت منظمات الأمم
المتحدة المختلفة اتهامات للقوات الحكومية ولمسؤولين اثيوبيين بارتكاب جرائم الحرب
.
قبل أسبوعين صرح الدكتور دبرصيون جبرا ميكائيل رئيس الجبهة الشعبية
لتحرير التقراى TPLF/
TDF
أن هناك بنود للتقراى غير قابلة للتفاوض : احتفاظ التقراى بقوتهم العسكرية ، تكوين
لجنة دولية للتقصى فى جرائم الحرب التى ارتكبت فى التقراى. حق التقراى الخاص فى
تقرير المصير عبر استفتاء.
تابع الاثيوبيون باهتمام جلسات المؤتمر العام للحزب الحاكم
ونتائجها حيث جرى فيه إقصاء الصقور من قيادات الحزب الحاكم وبروز الموالين لابى احمد
حيث صار آدم فرح النائب الاول لرئيس الوزراء بموجب الاصوات العالية التى حصل عليها
فيما سيكون ديمكا موكنن حسن النائب الثانى وفقا لحصوله على 900 صوت مقابل 1370 حصل
عليها آدم فرح وهو مؤشر واضح لتقليص نفوذ الامهرا فى الدولة.
كما أثار تصريح آبى احمد الذى قال فيه لابد من التفاوض والحوار مع
الجبهة الشعبية لتحرير تقراى لانه الحل الوحيد المتاح لايقاف الحرب والنزاع ، ضجة
واسعة لدى الامهرة المناوئين للحوار الوطنى ووضعهم فى مواجهة مقابل كل القوميات
الإثيوبية الاخرى لانه بذلك حسم كل الاصوات التى عارضت الحوار مع TPLF و OLA كما صرح أيضا فى الجلسة الافتتاحية المعلنة أن الحزب الحاكم يتبنى
الفيدرالية ، لكنه مع ذلك وافق على بقاء القوات الخاصة فى بعض الاقاليم نظرا
لظروفها الأمنية مما أثار اعتراض البعض المطالبين بالحوار ، لكنه فى نفس الوقت
بدأت ملامح الصراع العسكرى تتشكل بين الحكومة و" فانو" خاصة فى انتشار
فانو فى غرب التقراى رافضة للانسحاب مما يعوق مشاركة التقراى فى الحوار وسوف تعمل
الحكومة على إخراجها بالقوة ونزع سلاح فانو فى كل اثيوبيا وهو ما ينذر باندلاع حرب
أهلية أخرى، لأن الامهرا ينظرون إلى فانو قوات شعبية تعمل على إنقاذ ارواح الامهرة
وتدافع عنهم وتحافظ على وحدة اثيوبيا وتماسكها أمام دعاة تفتيتها من التقراى
والاورومو كما يصفونهم كما أن فانو تعتبر خط الدفاع الأول للتصدى لعشرة اقاليم
إثيوبية من أصل ١١ اقليم تطالب بالفيدرالية والكونفدرالية التى تطالب بها قوات
دفاع بنى شنقول لإعلان دولتهم المستقلة.
اثيوبيا الآن على بركان على وشك الانفجار ومهددة بحرب أهلية أكثر
ضراوة ما لم تتغلب حكمتهم على اخطارها.
أحوال المواطنين يفتك بهم الغلاء الفاحش وعجزهم عن توفير ابسط
متتطلباتهم المعيشية حيث ارتفعت اسعار المواد الأساسية وحتى ايجارات السكن الخ
وتسوء حالة المواطنين ومعاناتهم بالإضافة إلى المجاعة التى تفتك باقاليم عفر،
التقراى، امهرا، الصومال، وبعض مناطق الجنوب. لذلك لكل تلك الظروف السياسية
والاقتصادية هناك شكوك قوية فى أن يكمل ابى احمد دورته الجديدة.
تطورات الأحداث الحالية فى بني شنقول تجعلها بؤرة الصراع القادم فى
اثيوبيا حيث تقوم قوات بنى شنقول BDF بعمليات عسكرية وبوتيرة عالية أكثر نشاطا وقوة وتهاجم القوات
العسكرية التى ترافق قوافل المهندسين والفنيين الذين يتحركون ما بين "متكل
" وموقع السد فى " قوبا" فيما تتكتم الحكومة على تلك الهجمات وتصدر
بيانات مقتضبة وتدعى أن مسلحين قادمين من السودان ، دون أن تسميهم هاجموا بنات تقل
مدنيين ، واحيانا تدعى أن جبهة تحرير التقراى هى من تقوم بتلك الهجمات لتدمير السد
عبر التسلل من السودان ، واحيانا وزارة الخارجية الإثيوبية على لسان الناطق الرسمى
، دينا مفتى تتهم السودان ومصر بدعم المعارضة المسلحة فى بنى شنقول ودعمهم بالسلاح
ولوجستيا.
الجدير بالذكر أن الحكومة الإثيوبية تنشر الآلاف من فانو وقوات
امهرة والاورمو الخاصة فى بنى شنقول ومعها وحدات من ما تبقا من الجيش الاثيوبى .
ومن المتوقع أن تستمر عمليات قوات دفاع بنى شنقول فى عملياتها الحربية فى منطقة
السد بهدف إيقاف العمل فيه لان لديهم اعتراضات واسعة عليه إذ ستسبب بحيرته فى
اغراق مساحات شاسعة فى مناطقهم .
0 تعليقات