آخر الأخبار

الفنان على الشريف

 



 

عادل وليم

 

ولد( على الشريف)عام 1934م فى أسرة متوسطه بميت عقبة بالقاهرة وفى صباه المبكر بدأت علاقته بالقراءة فى( التاريخ والفلسفة و الاقتصاد) ولم يكن يتخيل أو يتخيل أحد من حوله أن هذا الفتى ذو (الملامح الخشنة والصوت الأجش) سيكون ممثلا يوما ما ولم يخطر ببال( على الشريف) الذى انخرط فى صفوف (الحركة اليسارية) المصرية منذ بداية الشباب أن يحترف التمثيل وهو الذى وهب حياته تماما للنظال السياسى وقرر (ترك كلية الهندسه) بعد أن قضى فيها عامين لأنها تحتاج إلى وقت ويجب عليه أن يلتزم بالجانب العملى بها وهذا ما يعوقه عن( نضاله السيسى) داخل وخارج الجامعة فأختار الانتقال إلى كلية التجارة فى العام الثانى من الكلية وبالتحديد فى عام 1959( شهدت مصر حملة اعتقالات) ضمت أعداد كبيرة من( رموز الحركة الشيوعية) والمنتمين إليه

وكان من بينهم الشاب (على الشريف) الذي ( اعتقل لمده ست سنوات ) كاملة قضي معظمها فى ( سجن الواحات) .

 

تمثل تجربة المعتقل (1959 – 1965 ) واحدة من التجارب الكاشفه بقوة عن كنوز انسانية فى شخصيتة كما أنها شهدت تفجر موهبة عظيمة فى التمثيل لم يكن هو شخصياً يلتفت لها  وقد أكد عدد كبير من رفاقة فى تجربة الواحات أن( على الشريف) كان أحد أنبل من دخل الواحات وكانت قدرته غير العادية فى الذود عن رفاقه مدهشه فقد كان يتحمل متطوعا عن زملائه الأقل قوة والأضعف صحة وبنيان والأكبر سنا قسطا من ( الأشغال الشاقة) فى جبال الواحات حين كانوا (يكسرون الحجارة) ويحملونها فوق ظهروهم كجزء من العقوبة المقررة حماية لأصدقائه وزملائه من ضعاف البنية مثل:

 

(فؤاد حداد) (ومحمود أمين العالم) والدكتور (اسماعيل صبرى عبدالله) وغيرهم من رفاق سجنه

 

فى تلك الأثناء أقام المعتلقون مسرحا داخل السجن وقاموا بعرض عدد من الأعمال ( لصلاح عبد الصبور) (وعبد الرحمن الشرقاوى) وغيرهم وفى أحد العروض كان يجب ان يتقمص أحد المشاركين دور سيدة فى عرض مسرحى فإذا به يتطوع للقيام بالدور وهو الذى لم يعرف فن التمثيل على الإطلاق لكنه بمجرد أن ظهر وبدأ فى تقديم الشخصية السيدة أثار دهشة وإعجاب كل المتابعين وكان بينهم رفيق زنزاته الفنان التشكيلى والكاتب (حسن فؤاد) .

 

أنتهت ( رحلة السجن المريرة) وخرج ( على الشريف) إلى النور ليستأنف حياته العادية من جديد وكان قد أنهى دراسته فى كلية التجارة والتحق بالعمل فى بنك التسليف الزراعى ( بقرية وردان) بالجيزة  وعلي الجانب الاخر كان (حسن فؤاد) انتهى من كتابة سيناريو (فيلم الأرض) .

 

عن الرواية الشهيرة للكاتب( عبد الرحمن الشرقاوى) وبالفعل عقد عدة جلسات عمل مع المخرج( يوسف شاهين) الذى استقر على كل فريق العمل بينما ظل يبحث عن ممثل مناسب لشخصية (دياب) فقال له (حسن فؤاد) إنه لديه وجه جديد مناسب إذا وافق شاهين على ذلك وبالفعل تحدد موعد بين ( علي الشريف) والمخرج الكبير ( يوسف وشاهين) دون أن يعرف (علي الشريف) سبب هذا اللقاء وبمجرد أن رأى (شاهين... الشريف) قال له أزيك ( يا دياب) فأندهش ( على الشريف) ورد أنا ( مش دياب) أنا( على) فضحك شاهين وفؤاد وبدأت مرحلة جديدة من حياة( على الشريف) الممثل المتميز الموهوب .

 

لم يتخيل أى ناقد فنى أو مشاهد مهتم بالسينما أن هذا الممثل الجديد الذى يقوم بدور (دياب) بملامحه التى تشبه الأرض فى بكارتها وعفويتها وعنفوانها انه يمثل أمام الكاميرا لأول مرة لكنها الموهبة المتدفقة والمخزون الحياتى الغنى الذى ساعد الشريف على استحضار الشصخية والإمساك بتلابيها كانت شخصية (دياب) ميلادا لممثل كبير ظهرت قدراته فى أول عمل يشارك فيه ولعل

(الشريف ) كان محظوظا أن يكون ظهوره مع (يوسف شاهين) وفى عمل بحجم وقيمة الأرض لكن قدرته المبهرة على إتقان الشخصية جعلته مشاركا فى عدد كبير من أعمال( يوسف شاهين) التالية

 

( الاختيار – عودة الابن الضال – العصفور – وداعا بونابرت ) كما تعاون مع( صلاح أبو سيف) فى فيلم (فجر الإسلام)

كما يمثل تعاونه الكبير مع صديقه

 

(عادل إمام) علامة مهمة فى مسيرته الفنيه حيث قدم مع( عادل إمام) عدد كبير من الأعمال من بينها الأفوكاتو” شخصية الشاويش عبد الجبار واحدة من أهم ما قدم الشريف والمتسول ،وحب فى الزنزانه وغيرها الكثير من الأعمال التى حققت نجاحا كبيرا .

 

قدم “على الشريف “حوالى 180 عمل للسينما وعشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية رغم مسيرته الفنية القصيرة نسبيا وكان نهمه الشديد للفن كان تعبيرا عن إحساس لديه بقصر العمر وقرب الأجل .

جمع (علي الشريف) بين الوعى الشديد بحكم قراءاته المتعددة وانخراطه فى العمل السياسي وبين فطرة شديدة النبل والرومانسية والطيبة وقد عرف عنه ذلك فى الوسط الفنى فقد كان شديد الالتزام شديد التواضع والبساطة منحاز للبسطاء الذين خرج من بين صفوفهم وناضل من أجلهم ودفع سنوات من أجمل مراحل عمره من أجل ما يعتقد أنه صحيح .

 

بعد تجربة (الاعتقال المريرة ) وما تركته من آثار نفسيه على كل من تعرض لها حرص

 

(على الشريف) أن يعوض ما فاته من سنوات فتزوج متأخرا كان عمره 36 عاما من السيدة( خضرة محمد إمام) عام 1967 وأنجب أول أبنائه وأطلق عليه اسم مكتشفه ورفيق زنزاته (حسن فؤاد)

وصار (الشريف) لا يهتم سوى بأسرته وعمله الذى كان يستهلك معظم وقته تقريبا وكأنه فى سباق مع الزمن ومع ذلك ظل حتى آخر لحظة مؤمنا بأفكاره التى (دخل من أجلها المعتقل) ومتمسكا بحلم العدل الإجتماعى بين ضلوعه .

 

تعرض (على الشريف) للظلم مرتين الأولى عندما( قضي ست سنوات فى معتقل الواحات) والثانية بعد وفاته وما يتعرض له من تجاهل نقدى رغم موهبته الكبيرة فلم ينل ما يستحق من تكريم أو تناول نقدى يرقى لعطائه الفنى .

 

وقد توفى الفنان (على الشريف) عام 1987عن عمر يناهز 53 عاما سلاما لروحه.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات