آخر الأخبار

جبل الكحل... جبل الزيت !

 

 




عاطف معتمد

 

جبل الزيت اسم شهير لأحد أكبر مصادر إنتاج البترول في مصر، يقع جبل الزيت في مدخل خليج السويس ممثلا قطعة فريدة من صحراء مصر الشرقية. يضم هذا الجبل أنواعا من الصخور متبانية الأعمار يعود أحدثها لصخور رسوبية عمرها عشرات ملايين السنين أما أقدمها فيعود لمئات ملايين السنين من صخور نارية اندفعت من صهير باطن الأرض.

 

يروج بعض المعلمين في المدارس والجامعات إلى أن اسم جبل الزيت ظهر مع الاستكشافات البترولية في القرن العشرين. الحقيقة أن هذا الاسم قديم جدا وتعود جذوره لعهد قدماء المصريين الذين كانوا يحصلون منه على مواد بترولية لأغراض مختلفة استخدم بعضها في تحنيط المومياوات.

 

تشير بعض المصادر إلى أن الجبل كان يحمل في بعض المصادر المصرية القديمة اسم جبل "الكحل" نظرا للاستعانة بخامات الرصاص التي كانت تستخدم في تكحيل العيون.

 

لا يعتبر طلاء العيون بخامات الرصاص من جبل الكحل طقسا للرفاهية والجمال والإغراء ووضع الماكياچ فحسب، إذ كان يضعه الرجال والنساء معا وكان أساسه طلاء المنطقة المحيطة بالعيون لحمايتها من وهج الشمس فضلا عن حمايتها من الهوائم الطائرة من حشرات حاملة للأمراض والتي كانت تختار العيون لتقع عليها.

 

في الجغرافيا الحديثة يبدأ اسم جبل الكحل يحمل مسمى "جبل الزيت" بشكل رسمي منذ عام 1820 على الأقل وخاصة في الوثائق التي تشير إلى أن محمد علي باشا كلف سليمان باشا الفرنساوي (الكولونيل سيف) ليتجه إلى "جبل الزيت" لجلب مواد الاشتعال والحرائق التي يحتاجها الجيش في حروبه في الإقليم.

 

وبشكل متزامن مع حملة جبل الزيت أرسل محمد علي أيضا "يوسيب فورني Giuseppe Forni " أحد خبراء المعادن الفرنسيين إلى أقصى جنوب صحراء مصر الشرقية بحثا عن خامات الكبريت لتوفير مصادر لصناعة البارود.

 

كان الأمل في مواد الاشتعال من جبل الزيت والكبريت لصناعة البارود من صحراء مصر الشرقية يراود محمد علي منذ أن حسمت النيران والبارود غزواته في جزيرة العرب.

 

في الحملة على شبه جزيرة العرب (1811-1819) كان المدهش أن القبائل العربية تفوق عددا الجيش المصري ، وكان جنودها أكثر شجاعة بل وأكثر إيمانا بقضيتهم مقارنة بعقيدة الغزو. ورغم ذلك، ورغم أن القوات العربية كانت تقاتل في عقر دارها وتعرف كل التفاصيل إلى أن "النيران" التي جلبها محمد علي وأطلقتها المدافع كانت سرعان ما تحسم المعارك (أخضع محمد علي بفضل هذه النيران واحة سيوة في صحراء مصر الغربية في غضون ثلاث ساعات !) .

 

ما يزال جبل الزيت في مصر أحد أهم مستودعات إنتاج النفط والغاز وهو أحد المواقع الجغرافية النادرة التي لا تتكرر على خريطة مصر .

 

يشرف جبل الزيت على أرخبيل (مجموعة جزر) تسمى جزر جوبال والتي تشرف بدورها على مضيق جوبال (الأخ الشقيق لمضيق تيران هناك في سيناء) ويكمل جبل الزيت التوأمة الجيولوجية والجغرافية مع كتلة جبل عش الملاحة.

 

يحظى جبل الزيت باستغلال حصري لاستخراج النفط والغاز، ولو أتيح في المستقبل كشفه للسياحة سيرى الناس أعاجيب جيولوجية وجغرافية وبحرية فريدة.

 

زرت جبل الزيت مرة واحدة في تصريح استثنائي من شركات البترول مع زميلي د. تامر عمرون (جامعة بني سويف حاليا) قبل 30 سنة بعيد تخرجنا مباشرة من الجامعة، وما زالت آثار زيارة جبل الكحل (جبل الزيت) ماثلة إلى اليوم.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات