آخر الأخبار

عائلة سرسق وبيع فلسطين

 





 

 نائلة الوعرى

وفي عام 1946، تزوجت السيدة كوكرين من السير ديزموند كوكرين، وهو نبيل إيرلندي شغل في بيروت موقع القنصل العام لإيرلندا، وبعد إعلان دولة إسرائيل عام 1948، بقي للعائلة بعض العقارات والأراضي في يافا وحيفا، ووضعت السلطة الإسرائيلية اليد عليها بموجب القرار 5710-1950.

 

وفي العام نفسه، طالبت الليدي كوكرين باسترجاع الأراضي لكن طلبها رفض، وكرّرت طلبها عام 1966 من دون نتيجة، فاستمرّت في مطالباتها، كما أنها حشدت دعم الجالية اليهودية في بريطانيا من خلال التأكيد على مساعدة عائلتها اليهود على الاستحواذ على الأراضي وإقامة المشروع الصهيوني، من دون أن يأتي ذلك بنتيجة، حتى أنها في أواخر الستينيات لجأت (كوكرين) إلى المحامي حاييم هرتزوغ الذي أصبح في ما بعد رئيس دولة إسرائيل.

 

أسس هرتزوغ شركته هرتزوغ فوكس أند نيمان عام 1972، وعمل على قضية الليدي كوكرين وحاول التركيز على كونها مواطنة دول عدة وعلى واقع أنّ عائلة سرسق ساعدت المنظمة الصهيونية على تأسيس دول إسرائيل عن طيب خاطر.

 

واطّلع موقع "Globes" على سجلات شركة هرتزوغ فوكس أند نيمان (مكتب محاماة) بخصوص قضية كوكرين. ويشير الشريك الإدارة فيها، مائير لينزن، إلى أنه خلال أحد الاجتماعات في الشركة "أخبرنا هرتزوغ أن هذه قضية خاسرة وأنه لا يمكن فعل شيء حيالها، مع إيمانة بأنها قضية خاصة واستثنائية، لعائلة عارضت منظمة التحرير الفلسطينية ووجود الفلسطينين في ارض لبنان وعارضت السوريين، تواصلت مع المشروع الصهيوني ودعمته".

 

راجع هرتزوغ وزير الخارجية الإسرائيلي حينها، آبا إيبان. وللمناسبة كانت علاقة مصاهرة تربط الرجلين. وتشير الوثائق إلى أن هرتزوغ طلب من إيبان مراجعة اللجنة الخاصة لحرس أملاك الغائبين بهدف دعم أصول الليدي كوكرين (سرسق) ، ووافق الأخير. وظهر ذلك جلياً في رسالة وجّهها هرتزوغ إلى إيبان يوم 28 نيسان 1969.

 

وردّ إيبان على هرتزوغ في رسالة أخرى يوم 30 أيار 1969، أشار فيها إلى أنه تم عرض قضية الليدي كوكرين على اللجنة الوزارية "إلا أنّ جميع أعضاء اللجنة - باستثناء ممثل وزارة الخارجية - صوتوا ضد الطلب. حسب علمي، لا توجد سوابق للإفراج عن أصول غائبين من "الرعايا الأعداء" وكذلك لسكان دولة عربية. لذلك أخشى أنه حتى لو كان هناك إعادة مراجعة لمطالبة السيدة كوكرين، أشكّ أنه سيتم الموافقة على طلبها". وبعدها استقالت الحكومة الإسرائيلية، ورفض الوزير الجديد حينها موشي دايان اتخاذ موقف تجاه القضية. إلا أنّ هرتزوغ قرّر الاستئناف أمام محكمة العدل العليا. فاستمرّ عمله على الملف وجمع الشهادات.

 

وبينما كان شهادة رعايا يهود تتوالى بإيجابية حول دعم آل سرسق للمشروع الصهيوني، في القضية لدى شركة هرتزوغ فوكس أند نيمان، برزت وثائق أخرى تؤكد أيضاً على دعم رئيس الجمهورية اللبناني الأسبق كميل نمر شمعون لليدي كوكرن. فمن بين الوثائق، كتب شمعون في 8 أيار 1980 نصاً حرفيته: "لمن يهمّه الأمر، أعرف تمام المعرفة الليدي كوكرين وعائلتها، والدها ألفريد سرسق كان رجلاً ذا نفوذ سياسي كبير، ولطالما انتهجت الليدي كوكرين خطاً وطنياً حازماً وواضحا بالدفاع عن لبنان أما بخصوص دعم عائلة سرسق للمشروع الصهيوني، فعلّق مشيراً إلى أنه "أفترض أن لديهم اعتبارات تجارية. ولكن يجب أن لا نغفل أن التعاون حصل في فترة سبقت مرحلة القومية الفلسطينية. كان في تلك الأراضي، مزارعون فلسطينيون يسكنون الأرض ويعملون فيها، وكانوا يعتقدون أن الشعب اليهودي القادم إلى إسرائيل سيكون مفيداً للمنطقة".

 

من خلال هذه القصة، يمكن القول أنّ ارستقراطية من لبنان، بفضل مالها تمكّنت من تعيين أفضل المحامين ومن الحصول على كتاب من رئيس جمهورية لبنان وموافقة وزير خارجية إسرائيل لاستعادة ممتلكات لها في إسرائيل، وتقول القصة أيضاً أنّ الفقراء البسطاء لن يتمكنوا أبداً من استعادة أملاكهم.

 

ويقول إسحاق هرتزوغ : إن 99.99 في المئة من قضايا ممتلكات الغائبين لن يحصل فيها الناس على ممتلكاتهم إن لم يحصل اتفاق سلام. وحتى لو حصل سلام لن يستعيدوا أراضيهم، بل سيعوّض عليهم مالياً. لا يمكن التخلّي عن الأراضي، وعلى هذا الأمر يرتكز عمل كل المؤسسات والمنظمات هنا"

 

إرسال تعليق

0 تعليقات