آخر الأخبار

ديسانتيس على خطى ترامب

 




عمر حلمي الغول

 

أهم عقدة في طريق الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا تكمن في اليمين المتطرف والفاشي الصهيوني فقط، انما في النخب السياسية الأميركية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، التي مازالت أسيرة أجندات الايباك الصهيوني وأباطرة المال من العائلات اليهودية والدولة العميقة في الولايات المتحدة، رغم التحولات النسبية الإيجابية داخل الشارع الأميركي عموما والشباب اليهودي الأميركي خصوصا.

 

فالرئيس الأميركي، جو بايدن، يعلن في اكثر من تصريح، انه لو لم تكن إسرائيل موجودة لعمل على ايجادها. كما وذكر انه صهيوني، وحدث ولا حرج عن الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي ارتكب جريمة صفقة العصر بحق القدس العاصمة الفلسطينية، وضرب عرض الحائط بركائز عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، حين اعترف بها عاصمة لإسرائيل في مطلع ديسمبر 2017، ثم نقل السفارة الأميركية في مايو 2018 من تل ابيب لزهرة المدائن، وسلسلة طويلة ومتوالية من المواقف ذاتها للعديد من قادة الحزبين الممسكين بتلابيب السياسة في البيت الأبيض، وصناع التشريع في المجلسين لصالح دولة التطهير العرقي الإسرائيلية على حساب السلام، الذي يدعون انهم متمسكين به؟

 

وآخر الافتراءات المتناقضة مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ادلى بها يوم السبت الماضي الموافق 19 من نوفمبر الحالي حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، الذي خاطب تحالف اليهود الجمهوريين في لاس فيغاس بالقول "انه يرفض اعتبار الضفة الفلسطينية (او كما استخدم في وصفها المفاهيم الاستعمارية الصهيونية "يهودا والسامرة") على انها منطقة محتلة" وادعى انها "منطقة متنازع عليها" حسب ما نقلته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية امس. ولم تبرئه من جريمته اقواله حين دعا الإسرائيليين "إلى إقامة فعاليات عامة وراء الخط الأخضر." لان الأساس يتمثل في عدم اعترافه، بأن ارض الشعب العربي الفلسطيني محتلة، وهذا اس وركيزة أي عملية سلام. وهو بذلك يضرب بعرض الحائط بالقرار الدولي 19/67 الصادر في 29 نوفمبر 2012، الذي اعترف بعضوية فلسطين دولة مراقب في الأمم المتحدة، وبقرار مجلس الامن رقم 2334 الصادر في 23 ديسمبر 2016، الذي دعمته ضمنا الولايات المتحدة عشية انتهاء ولاية الرئيس الأميركي الأسبق، براك أوباما. 

 

وديسانتيس كما تشير التوقعات الأميركية يعتبر من ابرز المرشحين الجمهوريين لرئاسة الولايات المتحدة في عام 2024، لا سيما وان العديد من الممولين لدعم حملة ترامب واقطاب الحزب الجمهوري اعلنوا انحيازهم لصالح ترشحه، وتخلوا عن المليادير رجل العقارات، الذي فشل في الانتخابات النصفية الأخيرة مطلع هذا الشهر في تحقيق، ما كان يحلم به في الهجوم الأحمر على الحزب الديمقراطي. الامر الذي يشي من الان بما ستكون عليه المرحلة القادمة في حال تمكن حاكم فلوريدا من تولي الحكم.

 

ومن الصعب الافتراض باختراق السقف السياسي الأميركي في حال بقيت هذه القيادات تتحكم بالقرار السياسي الأميركي، واحداث التحول الإيجابي المطلوب في المدى المنظور. لانها تتسم بالتواطؤ المعلن مع خيار الدولة الاسرائيلية الخارجة على القانون. لا سيما وان الولايات المتحدة من زمن الرئيس الأسبق وودر ويلسون، الذي وقف خلف اصدار وعد بلفور عام 1917، وتبنى تضمين الوعد في صك الانتداب عام 1922 في عصبة الأمم، ومن تلاه من رؤساء اميركيين، كانوا جميعهم خلف إقامة الدولة اللا شرعية على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني عام 1948، والى يوم الدنيا هذا والادارات الأميركية المتعاقبة تكيل بمكيالين، وترفض رفضا قاطعا الإقرار بالحد الأدنى الممكن من حقوق الشعب الفلسطيني على جزء من ارض وطنه الام، وتحول دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية. رغم ان اتفاقيات أوسلو تم التوقيع عليها في 13 سبتمبر 1993، وكل الإدارات اللاحقة لذلك الاتفاق، باستثناء إدارة ترامب المعادية للسلام بشكل صارخ، تعلن تمسكها بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. لكنها في الواقع، وفي التطبيق العملي لم تغير من سياساتها المتناقضة مع قرارات الشرعية الدولية.

 

تصريح رون ديسانتيس يفرض على القيادة الفلسطينية الاستعداد من الان لوضع الخطط والمشاريع السياسية والقانونية والتنظيمية والكفاحية لمواجهة التحدي الجاثم داخل قبة البيت الأبيض، والعمل الحثيث لدفع عربة المصالحة الوطنية للامام، وترجمة الاتفاقات المبرمة واخرها اعلان الجزائر في أكتوبر الماضي، وتصعيد المقاومة الشعبية، ورفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة لدولة كاملة العضوية، وتطويق السياسات الأميركية المثلومة والجائرة.

إرسال تعليق

0 تعليقات