عمر حلمي الغول
مجزرة مخيم جنين
الجبانة صباح اليوم الخميس الموافق 26 يناير الحالي، التي ذهب ضحيتها احد عشر
شهيدا، وعشرون إصابة بعضها خطرة لن تكون الأخيرة، لإن حكومة إسرائيل الفاشية
بزعامة نتنياهو، الذي التقى الملك عبد الله الثاني أمس الأربعاء في العاصمة
الأردنية، والذي تجري الترتيبات لزيارة رئيسها لدولة الإمارات خلال الأيام القليلة
القادمة، ماضية في خيارها الإرهابي، ولن توقف عجلة جرائم حربها نهائيا على الشعب
العربي الفلسطيني، طالما هناك صمت وتخاذل عربي، وطالما الولايات المتحدة ومعها دول
الغرب الرأسمالي تغطي جرائم إسرائيل الفاشية، وترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية،
وتحول دون تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وكون الأقطاب الدولية الأخرى لم
تتمكن حتى الآن من انتزاع الملف الفلسطيني الإسرائيلي من قبضتها، وبحكم سطوتها
وسيطرتها على مقاليد الأمور في مجلس الامن خصوصا وهيئة الأمم المتحدة عموما.
وستبقى دولة المشروع
الصهيوني المارقة والخارجة على القانون تعيث في الأرض فسادا واجراما، وتنتهك كل
القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، وتضرب عرض الحائط بكل القيم الإنسانية في ظل
غياب الوحدة الوطنية الفلسطينية تحت راية منظمة التحرير، وعدم تنفيذ قرارات المجلسين
الوطني والمركزي، وبقاء المقاومة الشعبية في حدودها الدنيا، وفي دائرة ردود الفعل
في هذه المدينة او تلك القرية او ذلك المخيم، وعدم تشكيل القيادة الوطنية الموحدة،
ووضع الخطط والاليات الوطنية المناسبة لتشمل كل الوطن من أقصاه الى أقصاه،
ولانتهاج سياسات الانتظار، واعطاء الوعود الكاذبة من البيت الأبيض او مركز القرار
في دول الاتحاد الاوروبي اكثر مما تستحق من الرهان، والارتضاء حتى اللحظة البقاء
في دائرة المراوحة، وعدم انتهاج سياسة اكثر قوة وتأثيرا في مواجهة التحديات
الفاشية للحكومة السادسة بزعامة نتنياهو.
لا أتحدث هنا بردة
فعل، ولست منفعلا، ولا متهورا، انما اتحدث بمنتهى الهدوء. لان المجزرة الجديدة
اليوم، كما ذكرت، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ضد أبناء شعبنا، بل هي حلقة من
حلقات المجازر الوحشية ضد أبناء الشعب في فلسطين التاريخية من البحر الى النهر،
وفي الشتات والمغتربات، وستعمق خيار الترانسفير والتطهير العرقي بشكل متسارع لبلوغ
هدف إقامة دولة إسرائيل الكاملة على كل فلسطين والمملكة الأردنية. كما ان جرائم
إسرائيل لا تقتصر على القتل والاعدامات والاجتياحات والاعتقالات، انما ستطال كل
جوانب الحياة، ومن قرأ الخطة الأولوية التي تم الاتفاق عليها بين قوى الائتلاف
النازي، واعلن عنها امس الاربعاء، يعي ان جرائم الحرب ستضاعف من عمليات التهويد
والمصادرة وإعلان العطاءات لبناء ثمانية عشر الف وحدة استيطانية في القدس العاصمة
خاصة وباقي المدن والقرى في الضفة الفلسطينية خلال العام الحالي، وستشرع البؤر
الاستيطانية، وتوسع عمليات التدمير في الخان الأحمر واحياء زهرة المدائن، وستتغول
على أموال المقاصة وتضيق الخناق في كل مدينة ومخيم وقرية.
واعتقد ان الخطوات
التي اتخذها الاجتماع القيادي الطارئ اليوم في اعقاب المجزرة الوحشية: وقف التنسيق
الأمني، ورفع وثائق المجزرة للجنائية الدولية، ومطالبة لجنة التحقيق المنبثقة عن
مجلس حقوق الانسان الاممي بالحضور لتوثيق المجرزة، والمطالبة بالحامية الدولية وفق
الفصل السابع من مجلس الامن، ووقف الخطوات أحادية الجانب، تعتبر خطوة على الطريق،
لكنها مازالت دون الطموح، ولم ترتق حتى اللحظة لما هو مطلوب وطنيا. المطلوب
التنفيذ الكامل لقرارات المجلسين كحد ادنى، وسحب الاعتراف بإسرائيل، والمطالبة
بتشكيل لجنة دولية لجباية أموال المقاصة بعيدا عن الإسرائيليين، وخارج نطاق
برتوكول باريس، وطرد تور اينسلاند، المبعوث الاممي المتواطىء مع دولة الاستعمار
الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية، والاهم إعادة نظر شاملة بالبرنامج الوطني
واليات الكفاح عبر الدعوة العاجلة لعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير بمن حضر او
عبر الزووم، ومطالبة الدول الشقيقة على الأقل طرد سفراء دولة الاستعمار الإسرائيلي.
لان نتنياهو تصرف معهم بعنجهية وغطرسة، ومن فوق، ولم يلتزم باي من تعهداته لهم،
وعلى سبيل المثال، ما ذكره امس في عمان، رد عليه بن غفير مباشرة، فضلا عن ذلك قامت
قوات الشرطة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى واخذ صورة جماعية امام مسجد قبة
الصخرة، واتبعتها بمجزرة جنين اليوم.
المجزرة الوحشية في
مخيم البطولة والفداء والعطاء، مخيم جنين طالت الأطفال والشيوخ والشباب، وتدمير
البيوت والنادي الرياضي والثقافي والاعتداء على مستشفى جنين، واطلاق الرصاص الحي
والعشوائي على أبناء المخيم، ودهس السكان العابرين بالشارع دون أي سبب يذكر بالمجنزرات
الاسرائيلية، يكشف عن انفلات كامل لعقال الوحشية النازية الصهيونية، وبالتالي لا
احد ينتظر تراجع حكومة الفاشي نتنياهو قيد انملة للوراء، بل ستتقدم وفقا لاتفاقات
اركان الائتلاف الاجرامي الفاشي، وهو ما يملي على الشعب والقيادة والفصائل
والقطاعات الاقتصادية والثقافية والأكاديمية التربوية والفنية الاستعداد والجاهزية
لمعركة قاسية وغير متكافئة، ولكن علينا ان ننتصر فيها، وان نكبح غلاة النازية
الصهيونية، ونعمل بشكل يومي لكي وعي المستعمرين في كل زاوية من زوايا الوطن، حتى
تغرب شمسهم عن ارض الدولة الفلسطينية بشكل كامل وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين
لديارهم وفقا للقرار 194 الاممي.
0 تعليقات