آخر الأخبار

البرهان اختطف الثورة. الشعب

  


 

عمر حلمي الغول

 

انقلاب حكم عبد الفتاح البرهان على الثورة الشعبية المدنية السلمية في السودان لم يقتصر على النكوص عن الاتفاقات المبرمة مع قوى إعلان التغيير، وإعادة تشكيل الحكومة وفق توجهاته المتناقضة مع مصالح الحقب ونخبه الحية، وسفك دماء الشعب، واعتقال القيادات الوطنية والقومية والديمقراطية، وحرف بوصلة الكفاح الوطني، ليس هذا فحسب، إنما غادر كليا مربع السياسات الناظمة للمرحلة الانتقالية، التي تم التوافق عليها مع قوى التغيير بمختلف مسمياتها، واختطف أهداف الثورة السودانية الحديثة، التي أطاحت بحكم الرئيس السابق عمر حسن البشير، وتنكر للشعب السوداني ومصالحه العليا، واغتال لاءات الخرطوم الثلاث على مرآى ومسمع السودانيين جميعًا من خلال استقباله ايلي كوهين، وزير الخارجية الإسرائيلي يوم الخميس الماضي الموافق الثاني من فبراير الحالي، والإعلان في بيان مشترك عن الاستعداد على التوقيع على اتفاقية استسلام واذلال للسودان وشعبه العظيم قبل نهاية الحالي ٢٠٢٣، وبعد ترويض الشعب السوداني، وتفكيك قوى الثورة والتغيير المدنية، والبطش بمن يحاول التصدي لخطوته الخطيرة .

 

مما سمح لوزير خارجية إسرائيل المارقة والخارجة على القانون التبجح بالقول، ان اتفاقية الاستسلام مع السودان تعتبر انتصارا لإسرائيل وخيارها الاستعماري، ومباركة لحكومة نتنياهو الفاشية السادسة، ودعم لجرائم حربها، وإرهاب دولتها المنظم ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ودفن لاءات الخرطوم الثلاث التي تبنتها القمة العربية المنعقدة في السودان بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧، ليس هذا فحسب، إنما استبدالها بثلاث "نعمات" كبيرة أولها نعم للاعتراف بإسرائيل الدولة الفاشية، ثانيها نعم للاستسلام لخياراتها وانتهاكاتها شد الشعب الفلسطيني العربي، ثالثها نعم لسيادة إسرائيل دولة التطهير العرفي على الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط الكبير، ودعمها في أهدافها الإستراتيجية الاستعمارية على حساب مصالح الشعوب والدول العربية القومية.

 

خطوة الفريق البرهان لم تكن مفاجئة او مستهجنة، لأنه أصل لها مع لقائه السري مع نتنياهو في أوغندا في العاصمة عنتيبي في مطلع فبراير 2020 بعد توليه رئاسة مجلس السيادة عام ٢٠١٩، ولكن اختيار استقباله كوهين في هذه اللحظة السياسية مع صعود الفاشية الجديدة، ومع استعار وزيادة منسوب عمليات البطش والتنكيل بابناء الشعب العربي الفلسطيني، وبعد مجزرة جنين الوحشية، وفي اعقاب إطفاء اخر بقعة ضوءً في عملية السلام، وكسر كل القوانين والمعاهدات والاعراف الدولية يعكس المهانة الشخصية لشخصه، والدوس على كرامة وأصالة الشعب السوداني، والتنكر لحقوق الأشقاء الفلسطينين، والتخلي عنهم، والتساوق مع عرب الردة من أهل النظام الرسمي العربي.

 

كان ومازال الرهان كبيرا على قوى ونخب الشعب السوداني في اعادة الاعتبار للذات السودانية، التي أعلنت بمختلف تلاوينها ومشاربها الوطنية والقومية والديمقراطية والدينية والثقافية والأكاديمية تنديدها الواضح والصريح لخطوة البرهان الذليلة، وبالضرورة فان ابناء الشعب السوداني لن تقبل اختطاف ثورتهم وأهدافها، كما لن تقبل امتهان كرامتهم الذاتية، ولن تسمح بدوس كوهين والبرهان اللاءات الثلاث، وستعمل من مواقعها المختلفة للرد على توجهات البرهان، وستسعى على كسر حلقات الاستعصاء من خلال الرهان على المناضلين من ابطال الجيش السوداني، ومن مناضلي قوى الحرية والتغيير، وايضا من خلال عودة الشعب للشارع لإعادة الاعتبار لثورته وقراره الوطني والقومي المستقل، وقادم الايام والمستقبل المنظور كفيل بالجواب على سياسات البرهان المنحرفة والمتواطئة مع العدو الصهيواميركى.

إرسال تعليق

0 تعليقات