فى البدء يجب أن ندرك
أن الحروب المستقبلية هي حروب مياه وأن المشكل الأكبر الذي يُعيق تقدم وتوسع
الكيان المحتل هو
أمنها المائي وعليه سارع
الكيان بالتعاون مع أثيوبيا ودول منبع النيل في عقد شراكات واستثمارات ضخمة تخدم
مصلحة الكيان بالدرجة الأولى في تعزيز قدرته المائية ولضمان حصته من نهر النيل من
جهة مصر القريبة من حدوده قام الكيان بدعم بناء سد النهضة الإثيوبي و السدود
الفرعية الأخرى المنتشرة على طول نهر النيل و تمكن بذلك من تقليص حصة السودان ومصر
بل ساهم في فصل جنوب السودان عن شماله وباشر في فصل دارفور عن السودان وتحجيم
مساحته بعد أن كانت أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة .
لا يمكن لمصر ولا
السودان اليوم ضرب سد النهضة أو السدود الفرعية الأخرى لعدة أسباب جيوسياسية
وأمنية أهمها الاتفاقيات الأمنية بين الكيان المحتل ودول المنبع التي تحتم على
الكيان الدفاع عن مشاريعه الضخمة و موارده الطبيعية التي يعتبرها الكيان خط أحمر
لا يجوز التعدي عليها أو الاقتراب منها بل يضعها في خانة الأمن القومي.
مصر والسودان اليوم
مرغمتين على الجلوس والحوار جنبا إلى جنب مع الكيان المحتل وإعادة مراجعة بنود
الاتفاقيات وتقسيم حصص المياه بطريقة تخدم المصلحة العليا للكيان المحتل وتزويده
بأكبر حصة ماء في المنطقة عن طريق أنابيب مياه ضخمة قادمة من مصر بحيث تصبح مصر
المنبع الذي يصب مياه النيل عند الكيان المحتل بحيث يمكننه من تحويل الأراضي الزراعية الكبرى لدول شمال شرق إفريقيا وبالأخص
السودان إلى استثمارات صهيونية ضخمة تؤهلها لتكون سلة الغذاء في المنطقة الإفريقية
والآسيوية والعالمية التي تعاني اليوم من أزمة غذاء حادة بسبب الحرب الروسية
الأوكرانية و الاحتباس الحراري ولا ننسى أن الكيان المحتل يحتل اليوم المراتب
الأولى في تقنيات الفلاحة والزراعة .
لا أحد ينكر أن
الكيان المحتل أصبح اليوم يتحكم في معظم المشروعات المائية والكهربائية في أثيوبيا
ودول المنبع ما يؤهله لكي يكون فاعلا وطرفا قويا في أي مفاوضات مستقبلية لأن حل
ملف "سد النهضة" أصبح الآن لا يعني فقط الأطراف الثلاثة المصرية
الأثيوبية السودانية، بل يرغب الكيان المحتل في التحكم و السيطرة على مصادر الطاقة
في المنطقة والتوسع باتجاه العمق الأفريقي لذا فإن الكيان لن يوافق على أي حل
يستثنيه من "مياه النيل" ويقوض توسعه في دول حوض النهر، وعلى سواحل
البحر الأحمر.
في الأخير نقول : إذا
رأى الكيان أن وقف الاقتتال الداخلي بين الأطراف والأشقاء السودانيين يخدم مصلحته
العليا وأمنه المائي فإنه سيعمل على وقف الاقتتال بجميع الوسائل والقنوات الدبلوماسية
المتاحة له ويشارك في إعادة ترتيب البيت السياسي والعسكري السوداني بطريقة تخدم أهدافه
وخططه في المنطقة بحيث سيعمل على إحتواء قوات الدعم السريع ودعمها مستقبلا وتقويته على حساب الجيش النظامي السوداني
وسيكون اليد التي يهدد ويضرب بها أعداءه وذراعه في المنطقة وفي المقابل فإن قوات
الدعم السريع سَيعْتٓبر الكيان بمثابة الأب الروحي أو المنقذ الذي أرسله إله
الكيان إليهم لحمايتهم من بطش الجيش السوداني !!
وإذا
رأى الكيان أن وقف الاقتتال الداخلي لا يخدم مصلحته العليا فإنه سيعمل على جعل
السودان ساحة حرب مدمرة مفتوحة على جميع الخطوط والأطراف مثلها مثل
أوكرانيا وفي هذه الحالة المعقدة سيكون الخاسر الأكبر في هذه الحرب بعد السودان هو مصر التي سَتَفْرِضُ عليها الظروف الجيوسياسية دخول حرب استنزاف
جديدة في أرض السودان وربما داخل ليبيا أيضا إذا تطورت
الأمور إلى الأسوأ وهذا ما يسعى إليه الكيان خلق مشكل ثم استدراج ثم استنزاف ثم
إضعاف ثم إيجاد حل للمشكلة بشروط مذلة تخدم كيان المحتل الصهيوني الذى يخطط لإدخال
المنطقة الى بيت الطاعة الإسرائيلي.
0 تعليقات