آخر الأخبار

مصر... عبقرية المكان ..

مصر...
عبقرية المكان ..








تقرير 

لم يكتشف أحد مصر مثلما اكتشفها العبقرى الجغرفى جمال حمدان الذى قال ان مصر عبقرية المكان ...

جمال حمدان،( 4 فبراير 1928م - 17 أبريل 1993م) أحد أعلام الجغرافيا المصريين. اسمه بالكامل جمال محمود صالح حمدان، ولد في قرية ناي بمحافظة القليوبية.


المهتمين بفكر جمال حمدان صبوا جهدهم على شرح وتوضيح عبقريته الجغرافية، متجاهلين في ذلك ألمع ما في فكر حمدان، وهو قدرته على التفكير الاستراتيجي حيث لم تكن الجغرافيا لدية الا رؤية استراتيجية متكاملة للمقومات الكلية لكل تكوين جغرافي وبشرى وحضاري ورؤية للتكوينات وعوامل قوتها وضعفها، وهو لم يتوقف عند تحليل الأحداث الآنية أو الظواهر الجزئية، وإنما سعى إلى وضعها في سياق أعم وأشمل وذو بعد مستقبلي أيضا. ولذا فان جمال حمدان، عاني مثل أنداده من كبار المفكرين الاستراتيجيين في العالم، من عدم قدرة المجتمع المحيط بهم على استيعاب ما ينتجونه، إذ انه غالبا ما يكون رؤية سابقة لعصرها بسنوات، وهنا يصبح عنصر الزمن هو الفيصل للحكم على مدى عبقرية هؤلاء الاستراتيجيون.

وإذا ما طبقنا هذا المعيار الزمني على فكر جمال حمدان، نفاجأ بان هذا الاستراتيجي كان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا في ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر، ففي عقد الستينات، وبينما كان الاتحاد السوفيتي في أوج مجده، والزحف الشيوعي الأحمر يثبت أقدامها شمالا وجنوبا، أدرك جمال حمدان ببصيرته الثاقبة أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك في 1968م، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، وبالتحديد في عام 1989، حيث وقع الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991م.

كان جمال حمدان صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه "اليهود أنثروبولوجيا" الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات "آرثر كوستلر" مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذي صدر عام 1976.عثر على جثته والنصف الأسفل منها محروقاً، واعتقد الجميع أن د. حمدان مات متأثراً بالحروق، ولكن د. يوسف الجندي مفتش الصحة بالجيزة أثبت في تقريره أن الفقيد لم يمت مختنقاً بالغاز، كما أن الحروق ليست سبباً في وفاته، لأنها لم تصل لدرجة أحداث الوفاة.

اكتشف المقربون من د.حمدان اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها، وعلى رأسها كتابة عن اليهودية والصهيونية و يقع في ألف صفحة و كان من المفروض أن يأخذه ناشره يوسف عبد الرحمن يوم الأحدوالكتاب الثاني: العالم الإسلامي المعاصر وله كتاب قديم عن العالم الإسلامي كتبه سنة 1965 ثم عاد وأكمله وتوسع فيه بعد ذلك لدرجة أنه أصبح كتاباً جديداً. والكتاب الثالث: عن علم الجغرافيا، مع العلم أن النار التي اندلعت في الشقة لم تصل لكتب وأوراق د. حمدان، مما يعني اختفاء هذه المسودات بفعل فاعل وحتى هذه اللحظة لم يعلم أحد سبب الوفاة ولا أين اختفت مسودات الكتب التي كانت تتحدث عن اليهود. و مما يؤكد حتمية قتله ما رواه اشقائه عبد العظيم حمدان وفوزية حمدان أن الطباخ الذي كان يطبخ له فوجئنا بأن قدمه انكسرت وأنه راح بلده ولم نعد نعرف له مكاناً. و أمر آخر أن جارة كانت تسكن في البيت الذي يسكن فيه جمال حمدان قالت لنا إن هناك رجلاً وامرأة خواجات. سكنوا في الشقة الموجودة فوق شقته شهرين ونصف قبل اغتياله ثم اختفيا بعد قتله وقد فجّر رئيس المخابرات السابق أمين هويدي مفاجأة من العيار الثقيل، حول الكيفية التي مات بها جمال حمدان، وأكد هويدي أن لديه ما يثبت أن الموساد الإسرائيلي هو الذي قتل حمدان...!!

مصر عبقرية المكان


مصر متوسطة الدنيا و قلب الأرض هي أولا دون مدارية بعروضها وإن لا مست أطرافها المدار, ولكنها متوسطية بعرضها وإن تماست معه بالكاد.
وهكذا جمعت مصر في آن واحد بين قلب إفريقيا وقلب العالم القديم.

إفريقية هي إذن بالموضع, متوسطية بالموقع, بيد أنها كذلك آسيوية بالوقع, فكما أنها تقم بالجغرافيا في إفريقيا, فإنها تمت أيضا الي آسيا بالتاريخ, فهي البلد الوحيد الذي تلتقي فيه القارتان ويقترب في الوقت نفسه من أوروبا, بمثل ما أنها الأرض الوحيدة التي يجتمع فيها البحران المتوسط والأحمر, الأول قلب البحار وبحر الأنهار, والثاني بحر بلا أنهار ولكنه بطولة وامتداده وموقعه كالنهر بين البحار, مصر إذن, وهذا من نافلة القول, مجمع اليابس ومفرق البحار, أرض الزاوية في العالم القديم, قلب الأرض و متوسطة الدنيا كما وصفها المقريزي. أضف بالمثل أنها البلد الوحيد الذي يلتقي فيه النيل بالمتوسط, الأول بالطول والثاني بالعرض الأول بعد رحلة سحيقة شاقة مفعمة بالأخطار والمخاطر وبالعقبات والسدود, الجيولوجية والطبوغرافية والمناخية والنباتية ـ والهيدرولوجية, كل منها كان يمكن وحده أن يشتته, يجهضه, يقطع عليه الطريق, ولكنه يجتازها جميعا بإلحاح ثم بنجاح ـ لمصر يجتازها والثاني يصلنا في أقصي نهايته ونهاية مطافه, الأول أوسط أنهار الدنيا موقعا وأطولها وأعظمها, والثاني أوسط بحار الدنيا, سيد البحار وأعرقها, إنه لقاء الاكفاء والأنداد والأفذاذ جغرافيا: ابو الأنهار وابو البحار, مهد الفلاحة ومدرسة الملاحة, نهر الحضارة وبحر التاريخ( أو نهر التاريخ وبحر الحضارة ـ سيان). وبهذا اللقاء, مع التحام القارتين وتقارب البحرين, فكأنما كل أصابع الطبيعة تشير الي مصر وكأن خطة علوية قد رتبها الجغرافي الأعظم لتجعل منها قطبا جغرافيا أعظم في العالم القديم.

وبالفعل تحقق الوعد الجغرافي تاريخيا, فكانت حضارة مصر النيل الفرعونية, الحضارة الأولي في التاريخ, الرائدة والمشعل وسواء أكانت مصادفة أو نتيجة حتمية, فتلك ملحمة جغرافية ترجمت الي ملحمة حضارية وسواء أكانت هذه الحضارة البكر الخلاقة من ايجاد النيل المعلم أو الفلاح المصري الملهم, فإنها ثمرة الزواج الموفق السعيد ـ بين أبي الأنهار وأم الدنيا وسواء كانت الزراعة اكتشافا مصريا محليا مستقلا كما كان الرأي السائد أصلا أو مستوردا من الخارج ـ الهلال الخصيب أو الشرق القديم كما هو الاتجاه الحديث فإن مصر الحضارة هي ثمرة زواج النيل بالمتوسط أو الموضع بالموقع. وفي جميع الأحوال فإن مصر هي واسطة كتاب الجغرافيا تحولت إلي فاتحة كتاب التاريخ, وفي جميع الأحوال ايضا فإن السبق الحضاري ملمح أساسي بلا نقاش في شخصية مصر, وأخيرا وليس آخرا, فلقد أبدت هذه الحضارة استمرارية ونادرة, فعمرت بصلابة وتماسك آلاف السنين ولم يقطعها أو ينسخها إلا الحضارة الحديثة وحدها في القرنين الأخيرين فقط, ولئن كانت مصر قد تحولت بعد ذلك من السبق إلي التخلف الحضاري, فقد عادت سباقة إلي البعث الحضاري في العصر الحديث, وإن يكن في إطار النقل لا الخلق. غير أن مصر, بعد ألفي سنة من السيادة العالمية أو الاقليمية, عاشت ألفي سنة أخري في ظل التبعية الاستعمارية وتحت السيطرة الأجنبية, حتي تساءل البعض: أعرق أمة في التاريخ أم في التبعية؟ وسواء صح السؤال أو لم يصح, فإن هذا قد ألقي من أسف ظلالا كثيفة علي الشخصية المصرية وعد أسوأ نقطة سوداء فيها بجانب الطغيان الداخلي, والحقيقة أنه لا وسط في تاريخ مصر, إما قوة عظيمة سائدة رادعة, وإما تابعة خاضعة عاجزة.

هي بجسمها النهري قوة بر, ولكنها بسواحلها قوة بحر, وتضع بذلك قدما في الأرض وقدما في الماء. وهي بجسمها النحيل تبدو مخلوقا أقل من قوي, ولكنها برسالتها التاريخية الطموح تحمل رأسا أكثر من ضخم, وما زالت تلك بالدقة مشكلة مصر المعاصرة, ففي عصر لم تعد فيه أم الدنيا, فإنها تبدو اليوم وقد أصبحت مشكلة سياسية للعالم ولنفسها. فهي اصغر من أن تفرض نفسها علي العالم كقوة كبيرة, ولكنها أيضا أكبر من أن تخضع لضغوط العالم لتنكمتش علي نفسها كقوة صغيرة, أعجز من أن تلفظ العدو الإسرائيلي ولكنها أكرم ـ نرجو, أو كنا ـ من أن تركع له ولعل الراحل العظيم اغتيل بسبب مثل تلك المقولة الأخيرة........!!


إرسال تعليق

0 تعليقات