سريلانكا ... بعد طائفي واجهة لصراع سياسي مرير
لفهم ما جرى فى سريلانكا من تفجيرات لابد من معرفة بلد
الحدث نفسها، فهذه البلد تشبه إلى حد بعيد بلادنا من حيث الاحتقان الطائفي والتوغل
الأجنبي فى شئون البلاد، فسريلانكا أشبه بدول الشرق الأوسط سوريا ولبنان والعراق
والسعودية والسودان ومصر وتركيا.... ، من حيث تقديم النخب الحاكمة أحيانا كثيرة
مصالحها على مصالح البلاد.
سريلانكا – الجمهورية – عبارة عن جزيرة فى المحيط الهندى
يفصلها عن الهند مضيق اتساعه 40 كم، وقد احتلت لوقت طويل جدا من الهولنديين إلى
البرتغاليين الى الانجليز الذين ربطوا الجزيرة بالهند وأصبحت جزء من النفوذ الهندي
ولكن حدث دخول صيني كبير إليها عن طريق مشروع الصين الأهم وهو (طريق الحرير)،
وتعبر الصين جمهورية سريلانكا نقطة هامة فى هذا الشريان التجاري الهام من بين
مراكز الصناعة الصينية والأسواق المستهدفة من قبل التنين الصينى، ولان هذه البلد
تهم الصين فقد تم توظيف ملايين الدولارات فى سريلانكا وهذه الاستثمارات حولت هذا
البلد الصغير إلى مقاطعة صينية بكل ما تعنى الكلمة من معنى .
فى المقابل الهند لا تقبل هذا الوجود الصيني فى سريلانكا
وقامت بعمل كل ما فى وسعها من ضغط لوجود استثمارات بالقوة بجوار وكذلك اليابان التي
تشارك كلا الدولتين فى القلق، وتماشيا مع هذا الصراع فقد انقسمت السلطة السياسية
بين الرئيس ذو التوجه الصينى ورئيس الوزراء ذو التوجه الهندى، حيث جرى صراع بينهما
وجرى اتهام كل منهما للأخر فى أحداث التفجيرات الأخيرة .
فى سريلانكا أغلبية من عرق السنهالى الذى يعتنق البوذية
وهم يمثلون حوالى 80% من السكان، ويأتي بعدهم التمايل وهم يمثلون 12% وهم يعتنقون
الهندوسية، وقد جرى بينهم حروب طويلة وانتهت بهزيمة التاميل قبل أقل من عقدين من
الزمان ...
يتهم السنهاليين البوذيين كل من التمايل الهندوس والمسيحيين
والمسلمين بأنهم جماعات لها امتداد خارجي وأنهم يريدون القضاء على الأغلبية ولهذا
فإن هذه الأغلبية تتعامل معهم بقدر من العنف المفرط وربما الحرب .
هذا المشهد الصراع العرقي والديني يجعل هذا البلد رخو فى
تنفيذ مخططات تعرقل تقدم الصين فى هذا البلد وفى مشروعها طريق الحرير ويسمح لجهات
منها الولايات المتحدة الأمريكية ان تضع أقدامها داخل سريلانكا مستغله هذه الأوضاع
الداخلية من اجل خلق بيئة غير مستقرة وكل أدوات هذا المخطط متوفرة فى الداخل ..
وإذا أضفنا الى ما سبق ان التفجيرات طالت عدد من الكنائس
والفنادق التى يسكنها النخب الحاكمة والاقتصادية فإن ما جرى فى سريلانكا أمرا يشبه
التصفية السياسية من قبل جماعة لجماعات أخرى وهو صراع سياسي مصغر ربما الأيام تكشف
عن ما هو ابعد من هذا ...
0 تعليقات