آخر الأخبار

العلاقات العراقية - السعودية إلى أين ؟




العلاقات العراقية - السعودية إلى أين ؟







أحمد إبراهيم الربيعي


مما لاحظته في الفترة الأخيرة هو عندما يتحدث شخص ما أو يكتب مقالاً متناولاً أو ناقداً فيه العلاقات العراقية السعودية ، ينبري للرد عليه بصورة سلبية ثلاثة أنواع من القراء وهم كالتالي :

1- ناقد (خبيث) لا ينبع دفاعه عن هذه العلاقة من باب تطوير العلاقات مع الجوار الإقليمي والمصالح العامة المشتركة بين البلدين وإنما نابع من دوافع سياسية أو طائفية خبيثة.
2- ناقد (طيب) ينبع دفاعه على هذه العلاقة من شدة حرصه على وطنه وأمانيه بعودة الاستقرار والرفاهية إلى بلده من خلال تطبيع العلاقات مع دول الجوار.
3- ناقد (ساذج) تتحكم برأيه الأهواء والأمزجة السياسية المتذبذبة لمن يتبع. وهو يعد من فئة (الناعقون) الذين (ينعقون مع كل ناعق) بحيث يدلي بدلوه في بئر أسياده، حتى لو كانت بئراً تحوي المياه الآسنة وحولها المنابع الصافية، وهذا رأيه لا يقدم ولا يؤخر حيث يصدق عليه القول : (لا في العير ولا في النفير).

لذا فأقول لكل فئة على حده ما اعتقده ولله علي وعليهم الحساب والجزاء .
فأما بخصوص الناقد الأول (الخبيث) فأقول له : (إن نقدك ليس حبا بالسعودية، ولكن بغضاً بالشيعة) نعم بغضاً نابعاً من دوافع سياسية مقيتة أو طائفية خبيثة وإلا لماذا تستميت في الدفاع ليس عن السعودية فقط، بل عن الأردن والإمارات وتركيا أيضاً وعن أي دولة أو جهة كانت قريبة على النظام البعثي المقبور أو تضاربت سياساتها ومصالحها مع العملية السياسية التي أعقبت سقوط النظام المقبور، وأعلم أن من يبيع بلده في سبيل التمسك بجهة سياسية خارجية كانت أو داخلية فهو خائن، ولا حديث لنا مع من يبيع وطنه وشرفه.
وأما بخصوص الناقد الثاني (الطيب) ذو النية الحسنة والذي يطمح في ذلك التقارب إلى تحسين المستوى الأمني والاقتصادي للبلد، وطالما يستشهد ويقارن بتطور علاقاتنا مع من تخالفنا وتحاربنا معهم سابقاً من الدول وهما دولتي (إيران والكويت) فأقول له: يا أخي في كلا الحربين كنا نحن المعتدين، والدليل على ذلك أننا ألزمنا على دفع التعويضات للبلدين و لا زالت علينا ديون لهما والحمد لله عادت المياه إلى مجاريها مع الدولتين، ولكن لكي تعود مياهنا ومياه السعودية إلى مجاريها يجب علينا على الأقل أن نتعامل بالمثل كما تعاملت معنا جارتينا، وكذلك أيضاً يجب أن تبديه السعو دية من باب إبداء حسن النية، حيث يتوجب عليها أن تعترف بسياساتها الخاطئة تجاه العراق، وتعتذر عما سببته تلك السياسة من مخاطر جمة، وأن تتبرأ من الخمسة آلاف انتحاري سعودي الذين فجروا أنفسهم وأزهقوا عشرات الآلاف من أرواح العراقيين المظلومين، وأن تدفع التعويضات لذوي الشهداء عما لحق بهم، وكذلك تدفع تعويضات للدولة العراقية عما لحق بها من أضرار في بناها التحتية نتيجة الإرهاب القادم تمويلاً وتنفيذاً منها، ثم بعد ذلك تكتب وثيقة حسن جوار مقيدة تنص على ماللبلدين وما عليهما.

وأما الناقد الثالث (الساذج) فإن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فليأخذ العبرة من الرد على كلا الطرفين ولينظر إلى نفسه أين وصل وليراجعها لعله يعود إلى رشده.
أما بالنسبة لي فرأيي الخاص حول هذه العلاقة فقد بنيته على دعائم معينة وهو كالتالي :
ورأيي هذا يخص الحكومتين لا الشعبين ، وألا فبات جلياً أن كلتا الحكومتين لا تمثلا الشعبين وإنما تسيران في منهجهما السياسي وفق إرادات خارجية لم تعد خافية على اللبيب الفطن.
وأرى أن السياسيون العراقيون الذين تقربوا من النظام السعودي إنما تقاربوا وأعادوا العلاقات الباردة وأعلنوا عن فتح السفارات وغيرها من التسهيلات المشتركة بين البلدين إنما جاءت متماشية مع مصالحهم الشخصية والحزبية وللحفاظ على مناصبهم لا أكثر ولا أقل والدليل أن هذا التقارب لم يكن وليد الساعة بل بادرت إليه الحكومة السابقة وجملة من الشخصيات السياسية المتنوعة المشارب ومنذ ذلك الحين لم نلمس _ كشعبين _ أي بوادر حسن نية لهذه العلاقات على أرض الواقع. خلاف علاقاتنا مع بقية الدول، وأعتقد أن العلاقات سوف تبقى فاترة وباردة وسلبية ومحصورة بالقيادات والشخصيات السياسية لكلا البلدين مازال النظام السعودي الحالي موجود في السلطة، ومازال النظام العراقي تتزعمه شخصيات وأحزاب ضعيفة ليست قادرة أو فاهمة على إدراك مطالب هذا الشعب والانسجام معه وتمثيله تمثيلاً حقيقيا والسير به نحو بر الأمان.
وهذه النظرة ليست بالتشاؤمية وإنما مبنية على المشهد السياسي الذي بات يحركه ويوزع أدواره سينارست يتحكم فيه من خلف المحيطات.


إرسال تعليق

0 تعليقات