آخر الأخبار

فتح الفكرة والتنظيم والميلاد




فتح الفكرة والتنظيم والميلاد








صالح عوض عوض


فكرة فتح؟

1- ماهي؟
2-خصائص صناعها؟
3-كيف شقت طريقها للميلاد؟

مالك بن نبي المفكر الجزائري:" لقد أنشئت فتح مناخا مناسبا لتولد الأفكار الحيوية".
ماوتسي تونغ زعيم الثورة الصينية:"فتح ثورة المستحيل سأكتب فيها شعرا".
الشيخ محمد الغزالي:"لا اسمح بالانشقاق عن حركة فتح"...

الإمام الخميني:"يجوز التبرع بالخمس للمجاهدين في حركة فتح"...


فكرة فتح تتمثل في الانطلاق و التحرك فورا وقبل أي شيء وبأولوية واضحة لاستعادة وطن يتم احتلاله وإنقاذ شعب يتم تشتيته و رفض الوصاية على الشعب الفلسطيني من أية جهة دولية أو إقليمية.. وحشد الطاقات وتعبئة الأنصار نحو المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني واستخدام كل الوسائل الملائمة لتحقيق هذه الأهداف وفي هذا يجب تأجيل التناقضات الثانوية جميعا الإيديولوجية والطبقية والطائفية و العرقية، وفتح الباب واسعا لكل من يؤمن بعدالة القضية وضرورة العمل من اجل تحقيق الأهداف.. ومن هنا ضمت فتح في صفوفها المسلم والمسيحي والفلسطيني والعربي وعالم الدين السني وعالم الدين الشيعي والشيوعي والإسلامي والقومي..
بالمقارنة يجب الالتفات إلى طبيعة الأفكار المرافقة في تلك المرحلة التي كانت تجعل من الأولويات حواجزا قبل الوصول إلى فلسطين.. وهذا ماجعلها في لحظات انطلاقها في مواجهة حادة مع كل أصحاب المشاريع الإيديولوجية والسياسية في المنطقة العربية.

ففكرة فتح مركزة نحو تفجير ينبوع الوطنية الفلسطينية لتصبح هي المرجعية على الأقل في مرحلة التحرير وذلك لان الهدف الأساس للمشروع الصهيوني هو تذويب الوطنية الفلسطينية وتوزيع الفلسطينيين على دول الإقليم.. ورغم أنها ركزت على البعد الوطني إلا أنها حرصت على ربطه بالبعد العربي وبحركات التحرر العالمية ضد الاستعمار فكانت بذلك واحة المناضلين العرب وواحة أحرار العالم لتنشئ مناخا حيويا لتولد الأفكار الحية كما لاحظ المفكر الجزائري مالك بن نبي.. ولكنها دوما في اتجاه القضية الفلسطينية معالجة تفصيلاتها منهمكة في وحدة الشعب وتمثيله السياسي وعدم تشتيت الاهتمام في قضايا ثانوية أو قضايا أخرى... حيث أن أي خيار إيديولوجي إنما هو بالمقارنة باستعادة فلسطين اهتمام ثانوي.. فاستعادة فلسطين وتحطيم المشروع العنصري وإعادة أهلها إليها هي نظرية وفكرة وإيديولوجيا نشأت من واقع الصراع وطبيعته.

أما صناع الفكرة

الفكرة بلا شك فكرة تليق بفلسطين وهي تنطلق من ضمير التاريخ وروح فلسطين التي تليق بالإنسان وتنوعه فكانت مهد الأنبياء والرسالات.. فكانت فكرة فتح منبعثة لهذه النقطة بالتركيز.. إلا أن فكرة عظيمة بهذه القوة ما كان لها أن تتحرك بدون رجال في مستواها فهما ويقينا وحجة ومنطقا وجهادا.. فلقد توفر لهذه الفكرة مجموعة رجال خاصين: كان أبو يوسف النجار مناضلا في صفوف الجهاد المقدس قبل 1948 بقيادة القائد الفذ الشهيد عبد القادر الحسيني"الجهاد المقدس" .. أبو يوسف النجار الذي كان يقود مظاهرات غزة مع اليساريين ضد مخطط توطين الفلسطينيين في سيناء مما جلب عليه الاعتقال في السجن الحربي بمصر.. كان أبو يوسف النجار رائدا أساسيا بإيمانه وصلابته وعميق وعيه.. ياسر عرفات هذا الشاب العبقري الذي رافق خاله عبد القادر الحسيني في الجهاد المقدس حينما كان صبيا وقاتل ضد الاستعمار الانجليزي في قناة السويس سنة 1954 وتحرك بعبقرية وتفان لتحويل رابطة طلبة فلسطين إلى الاتحاد العام لطلبة فلسطين وجعله مؤسسة تأسيسية للمشروع الوطني.. ياسر عرفات الذي أوقف كل حياته لإنجاح فكرته في ضرورة استقلال القرار الفلسطيني وإيجاد كيان معنوي سياسي للفلسطينيين يسقط مقولة المشروع الصهيوني..خليل الوزير أبو جهاد مقاتل ضد الاستعمار ومكون خلايا فدائية فيما كان لايتجاوز مرحلة الصبي .. انخرط مبكرا في توفير الوسائل والأشخاص حول فكرة الجهاد لاسترداد فلسطين.. وكان العنصر الأساسي في اغناء الفكرة بالحياة وكان زعيم الكفاح المسلح في هذا المشروع.. وكان بالاضافة لهؤلاء الثلاثة رجال كبار من أمثال صلاح خلف أبو إياد وخالد الحسن اللذين كان عليهما مسئولية التنظير لفكرة فتح وتقديمها للجماهير والنخب المثقفة فكانا علمين شاهقين يمتلكان من الحجة والقوة ما حمى الفكرة من التشويش عليها.. وهناك نخبة ممتازة من القادة كمال عدوان وأبو الأديب وعبد الفتاح حمود وأبو علي إياد وسواهم من طراز فريد في الإيمان بالفكرة و الالتزام بها.
لقد كانت الفكرة لدى هؤلاء القادة رسالة أوجدت فيما بينهم منظومة قيم وأنشئت شبكة علاقات فلسطينية تعتمد الوطنية الفلسطينية كناظم أساس في الخطاب والعلاقات والسياسة.. كما أنها أوجدت لغة خاصة بروح خاصة.

كيف شقت فكرة فتح طريقها نحو الميلاد؟

لقد كان صعبا أن تجد فكرة فتح النور في ظل هيمنة أصحاب المشاريع الإيديولوجية.. فالناصريون عادوها وهي في المهد واتهموها بأبشع التهم مستغلين أن معظم قياداتها المؤسسين كانوا ذوي انتماءات إخوانية سابقا..
والأمر نفسه كان من قبل العبثيين الذين كان عداؤهم لفتح لاعتبارين الأول أنها حركة وطنية وليست قومية ثانيا أن جذور قياداتها الإيديولوجية في دائرة العداء وأما اليساريين فرأوا فيها حركة يمينية تعزز حالة التعطيل لتقدم الخيارات التقدمية في المنطقة..
أما الإسلاميين فوجدوا فيها تحديا حقيقيا لأنها تنسف ترتيباتهم الإيديولوجية وتسقط منظومتهم الفكرية معتمدة على واقع القضية الفلسطينية وما ستمثله الفكرة من قدرة على جذب شباب الإخوان ومنافسة الحركة التاريخية في الشارع.. واجهت فكرة فتح محاولات تشويه من كل الجهات الإيديولوجية..
الا أن عبقريتها وقوتها وإيمان الرجال الأول بها إيمانا كاملا سحبهم من دائرة الانشغال بالردود والسجال مع الآخرين مركزين جهدهم لتوفير الشروط العملية للانبعاث العملي إيمانا منهم أنهم بتحويل الفكرة إلى واقع سيجيبون على كل التحديات مدركين أن لا تناقض جوهري إلا ضد عدو الشعب الفلسطيني الذي شرده واغتصب أرضه.


إرسال تعليق

0 تعليقات