آخر الأخبار

المصالح الإيرانية والروسية في سوريا




المصالح الإيرانية والروسية في سوريا






علاقات الدول تُسيّرها المصالح ... والمصالح فقط، ولا مكان للعواطف،ومَن يقرأ الأخبار والتحليلات بعواطفه، سيستمرُ شعوره بالخيبة واليأس والإحباط حتى يقلع عن تلك الرؤية.

الأزمة السورية واحدة من أكثر الأزماتِ تعقيداً، ويمتد تأثيرها يمس مصالح الدول الإقليم المؤثرة والعالمية، وبالتالي نفوذ الدول الكبرى بمنطقة الشرق الأوسط.
نلقي الضوء علي أهمّ نقاط الخلاف والاتفاق بين روسيا وإيران ومصالحهما في سوريا.

تَعتبرُ طهران دمشقَ الحليفَ الإقليمي الأقرب في صراعها مع إسرائيل وفي مواجهة السياسة الأميركية التي تُشكّلُ خطراً على الدولتين.

بالمقابل؛ تعتبر دمشقُ طهرانَ ركناً أساسياً ضمن محور إقليمي يتصدى لتحالف تقوده واشنطن، وتتبعهُ أنظمة الحكم في الخليج العربي و إسرائيل.

روسيا تدعمُ مواجهة تمدد النفوذ الأمريكي الذي يريد السيطرة المطلقة على الشرق الأوسط وإخراج موسكو من هذه المنطقة.

في الحرب السورية لم تتدخل إيران بثقلها العسكري أو تشارك بالحرب بشكل مباشر.

كان اعتمادها الرئيسي على الدعم اللوجستي وتجنيد بعض الفصائل العراقية والأفغانية والباكستانية و فصائل سوريّة محلية، جميعها تُقادُ من الحرس الثوري مع مشاركة محدودة لخبراء عسكريين وقادة ميدانيين إيرانيين.

تسعى طهران لتحقيق عدة أهداف ومكاسب تتلخص في:

-    إقامة قواعد عسكرية من خلال الفصائل التابعة لها، لتكون خط أمامي لمواجهة إسرائيل حيث سيتحتم عليها قتال إيران خارج أراضيها في العراق لبنان اليمن وسوريا.

-    تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال الاستثمار في ثروات سوريا والدخول في مرحلة إعادة الإعمار فتتجاوز من خلاله العقوبات الأمريكية مما يؤدي لتكريس نفوذ طهران إقليمياً.

-    وصول طهران لسواحل المتوسط يساعدها علي تصدير غازها وبترولها عبر مدّ “خط أنابيب الصداقة” و “خط أنابيب الغاز الإسلامي” وهنا تختلفُ مع قطر وروسيا…

ترتبط طهران بعلاقات قوية مع أنقرة والدوحة “الإخوانية” لمواجهة الحلف السعودي “الوهابي”، لهذا لا تُمانعُ في مشاركة الإخوان المسلمين في الحكم في سوريا.. هنا تتلاقى مصالح طهران مع أنقرة في ملفات قطر واليمن والعراق ومصر وليبيا وتونس والسودان، في الصراع مع حلف السعودية الإمارات مصر البحرين .

مصالح روسيا في سوريا

تعتبر موسكو دمشقَ آخر حليف مباشر في منطقة الشرق الأوسط، وتحتفظ بقاعدتين عسكريتين هامتين في طرطوس واللاذقية، لكي تبقى حاضرة استراتيجيا وعسكرياً في المياه الدافئة لمواجهة الناتو خارج الأراضي الروسية ...
فسوريا جغرافياً قريبة من القواعد الأميركية في الشرق الأوسط والخليج والعراق والأردن وتركيا. كما أنّ وجود القوات الروسية في سوريا هو خط دفاع أول باتجاه منع حصار جنوبي تام لروسيا من الناتو.

تهدف روسيا لأن تكون الشريك الأول دون منازع في استخراج الثروات الباطنية، خاصة على الساحل السوري الذي تأكد وجود كميات كبيرة من الغاز والبترول فيه كما تريد لشركاتها أن تستحوذ علي عملية إعادة الإعمار.
وجود روسيا في سوريا بقوة يؤمّنُ لها دوراً جيوسياسياً في الشرق الأوسط بكافة ملفاته، وتصبحُ نداً قوياً للولايات المتحدة، ولاعباً أساسياً لحلّ النزاعات وما أكثرها.

تعلمُ موسكو أنّ سوريا والعراق هما الممران لخطوط الطاقة من إيران وقطر باتجاه المتوسط، وهذا باعتراف الغرب أحد أسباب الحرب على سوريا، هنا لا ترغبُ بمرور الخطين لأنهما سيؤثران على خطوط غازها لأوروبا، وهي تريد أن يكون اعتماد القارة العجوز عليها بإمدادات الغاز اعتماداً مطلقاً كي يسهل عليها إخضاع الأوروبيين عند الضرورة، وهذا يحدث تدريجياً...!

بناء على ما سبق دخلت موسكو الحرب السورية بشكل استراتيجي وعسكري، مستخدمة قوتها الجوية وأسطولها البحري، مع مشاركة عدة آلاف من المشاة.
استخدمت موسكو ومعها بكين حق النقض الفيتو عدة مرات لإجهاض محاولات واشنطن وضع سوريا في بند الفصل السابع لمجلس الأمن الدولي، جنّبَ هذا الفيتو سوريا من عدوانٍ عسكريٍّ كبيرٍ من الناتو، وهذه نقطة لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن روسيا.
قبل دخول روسيا كان الوضعُ العسكري على الأرض سيئاً والشحنُ الطائفي كان على أشدهِ والدول العربية ومعها تركيا، تضخُ المليارات وعشرات الآلاف من الإرهابيين مع أسلحة متطورة أميركية.

سوريا دولة صغيرة، يُحيطُ بها أعداء من معظم الجهات، لكلّ منهم أطماعه والدولة الصغيرة بحاجة لدولة عظمى تُساعدها ميدانياً وعسكرياً وسياسياً، الخيار الوحيد هو روسيا …
موسكو تسعى لتحسين علاقات دمشق بباقي الدول، بتمرير صفقات سياسية بضمانتها، تفشلُ عندما تتدخل واشنطن لمنع تلك الصفقات، كما حدث في عملية إعادة علاقات الدول العربية بسوريا، حيث رفعت واشنطن الكرت الأحمر بوجه الحكام العرب، فانصاعوا كالعادة لأوامرها.

الجيش السوري فقد عشراتِ الآلاف من الشهداء، والكثير من قدراته الدفاعية وأسلحته وعتاده .. روسيا زوّدت الجيش بعدة أسلحة دفاعية، لكن لن تسمحَ موسكو بوجود سلاح متطوّر فعّال بيد السوريين، طالما هناك حالة عداء مع إسرائيل .

لدى سوريا ثروة باطنية جيدة، وأكثر بكثير مما يتم التصريح عنه، هذه الثروة بحاجة لدولة قوية تحميها، مقابل حصتها منها....!

كما أوضحنا لكل من إيران وروسيا مصالح وأهداف واضحة في سوريا يسعيان لتحقيقها ...
ولكن أين تكمن قضايا الخلاف والتنافس بينهما علي الأرض السورية ؟!

للحديث بقة





إرسال تعليق

0 تعليقات