في المشهد الأمريكي لنهاية التاريخ,2 /2
النبوءات السبع الممهدة لنزول المسيح
محمد تاج الدين
في المقال الأول طرحت تساؤلا
عن الدور الأمريكي في ثورات الربيع العربي, وصلته بالتصور الصهيوني الأمريكي
لسيناريو نهاية التاريخ, أو يوم القيامةAPOCALIPSE ونظرية
المؤامرة, والنظام العالمي الجديد.
مصطلح نظرية المؤامرة معناه
وجود قوي خفية توجه أحداث العالم فوق السلطات الظاهرة, ومصطلح النظام العالمي
الجديد معناه الحرفي أن يكون العالم وحدة سياسية واحدة, ويحكمه حاكم واحد ويدين
بدين واحد وله نظام مالي واقتصادي وقانوني واحد( تماما ما يجري تفعيله الآن), وكان
أول ظهور له في رسالة الملك فرديناند ملك اسبانيا إلي سكان العالم الجديد التي
أرسلها مع كريستوفر كولومبس في رحلته الثانية سنة1493.
وقد ارتبط المصطلحان معا(
نظرية المؤامرة, والنظام العالمي الجديد) في القرن التاسع عشر كما ارتبطا بعد ذلك
بعدة مصطلحات سياسية أخري أهمها:
(1) اليمين المتطرف المسيحي.
(2) الجماعات السرية
كالماسونية, والإيلوميناتيILLUMINATI, والبوهيميان كلوب, وفرسان مالطة,
والجمجمة والعظمةSCULL&BONES, وجماعة
بيلدربرج, والمجلس الثلاثي للعلاقات الخارجية, وجماعات أخري تصل إلي نحو الخمس
والعشرين, إلا أن الست جماعات الأخيرة تشترك في أنها ضمت أثنين من أكثر زعماء
القرن العشرين تأثيرا في أحداثه( الرئيس وودرو ويلسن والرئيس جورج بوش الأب).
بعد ظهوره في نهاية القرن
الخامس عشر أختفي مصطلح النظام العالمي الجديد في القرن السادس عشر الذي استهلك
أوروبا في الحروب الدينية وانتهي بإفلاس إمبراطورية اسبانيا وزوال إمبراطورية
البرتغال بعد آخر حروبها الصليبية في المغرب سنة1578 فخرجتا مبكرا من الصراع علي
الهيمنة الكونية0 وبدأ صعود الإمبراطورية البريطانية واستهلك القرن السابع عشر
أوروبا في تجارة العبيد عبر الأطلنطي والثورة التجارية, وتكوين النظام الاقتصادي
الجديد وما استتبعه من إنشاء الشركات عبر البحار, فالمصارف والبنوك وظهور النقد
الورقي والصكوك( الشيك), وتكوين الأساطيل والإمبراطوريات.
كما استهلك القرن الثامن عشر
أوروبا في الثورة الصناعية وفي صراع الإمبراطوريات, وفي القرن التاسع عشر جنت
أوروبا ثمار الثورة التجارية والصناعية وبدأ الارتقاء المجتمعي السريع نتيجة
الوفرة المالية يميزها بقوة ووضوح عن سائر الشعوب التي استعبدتها, وظهر ذلك في
تفوق مادي وعلمي وثقافي أدي إلي ظهور الفكر العنصري المتطرف ومحاولة صبه في قوالب
ونظريات علمية وانتهي القرن بسيادة بريطانية علي العالم اقتصاديا وعسكريا, حد منها
الصراع البريطاني الأمريكي0
وبنهاية القرن أيضا ظهرت
جماعات فكرية عنصرية تنادي بسيادة الإنسان الأبيض علي الأرض بقيادة الانجلوساكسون
البروتستانت أو الـWASP, وحتمية وحدة بريطانيا العظمي والولايات
المتحدة وتكوين حكومة عالمية واحدة, وأثمرت جهودها سنـة1895 علي جمع انجلترا
والولايات المتحدة فيما عرف وقتها باسم( الصلح الأعظم)GREATRAPPROACHCEMENT.
كان القرن التاسع عشر بريطانيا
خالصا, وانتهي بالتمهيد للقرن العشرين بريطانيا أمريكيا أو أمريكيا خالصا ولكنه
قرن سيادة الـWASPWHITEANGLOSAXONPRTESTANT وكانت أمريكا فيه هي صاحبة الكلمة العليا بلا منازع من بدايته مع
الحرب العالمية الأولي إلي نهايته مع انتهاء الحرب الباردة ورسمت سياسته من عصر
ويلسن إلي عصر بوش, وساعد علي ذلك ظهور نتائج جهد العلماء والمفكرين والجماعات
العنصرية في نظريات عقائدية صارت أساسا لشرعية السيادة البروتستانتية في القرن
العشرين, ويمكن تلخيصها في نظريتين.
- النظرية العقائدية الأولي
العنصرية الدينية:
والتي أقامت شرعية سيادة
الحليفين( انجلترا وأمريكا) في الزمن القادم علي أساس الاختيار الإلهي أي أن الجنس
الأبيض هـو شعب الله المختـار المكلف بقيادة البشرية إلي( الخلاص) أو الإيمان
بالمسيح وإقامة مملكة الله علي الأرض فقيادة العالم تكليف إلهي أولي واجباتها
تحقيق نبوءات الرب التي وردت بالكتاب المقدس والتمهيد للنزول الثاني للمسيح0 ثم
حكم الأرض الألف عام السعيدة التي يسود فيها الرخاء والعدل والسلام.
- النظرية الثانية العنصرية
العرقية:
والتي أقامت شرعية سيـادة
الحليفين فـي الزمن القادم علي أسـاس التفوق العرقي ونظرية هيجل وكارل ماركس
المادية الجداليةDIALECTICALMATERIALISM وتصور المجتمع المثالي اشتراكي شمولي تدريجي ينتهي بالبشرية إلي
حكومة عالمية واحدة ونظام عالمي اقتصادي وقانوني واحد, ودين واحد هو مزيج من
المسيحية والحكمة القديمةESSOTERICWISDOM0
التصور الصهيوني الأمريكي
لمشهد نهاية التاريخ.. التمهيد للنزول الثاني والألفية السعيدة وعد المسيح أتباعه
بالنزول إلي الأرض مرة أخري, وحدد لذلك علامات إذا حدثت كانت إيذانا بالنزول,
بعضها تحقق والبعض الآخر لم يزل وإن كان موعد الساعة قد أزف حسب التفسيرات
الصهيونية.
برز الفكر الصهيوني
البروتستانتي في نهاية القرن التاسع عشر, وقام علي النظرية العقائدية الأولي
لسيادة الجنس الأبيض الأنجلوساكسون البروتستانت علي الأرض, وآمن بأنه مكلف من الرب
لخلافته وتحقيق إرادته0 وبحتمية تسخير التفوق المالي والعسكري البروتستانتي
لمساعدة الرب لتحقيق نبؤاته التي وردت بالأناجيل الثلاثة المتناظرةSYNOPTICGOSPLES وأسفار
العهد القديم وصولا إلي الحكم الكامل للأرض بقيادة المسيح بعد عودته الثانية التي
تستلزم تحقيق ما يلي من نبوءات:
1- قدرة الإنسان علي إفناء
البشرية.
2- استرجاع إسرائيل من الشتات
إلي أرض الميعاد.
3- ظهور ملك الشمال وملك
الجنوب أي تركيا ومصر.
4- اتحاد الدول الأوروبية في
كيان سياسي واحد يمثل العشر قبائل الألمانية.
5- قيام وسقوط دولتي يهودا
وإسرائيل انفصلت مملكة سليمان بعد وفاته إلي دولتين الشمالية وسميت إسرائيل,
والجنوبية وسميت يهودا), وقد تم القيام سنة1947, وبقي السقوط الذي هو شرط أساسي
لتحقق النبوءة.
6- التبشير بالإنجيل في العالم
أجمع.
7- قدرة البشرية علي التبادل
اللحظي للمعلومات المسموعة والمرئية.
فـإذا تحققت هذه النبوءات
اقتربت الساعة وصار السيناريو علي النحو التالي, بناء المعبد في القدس وهنا يتم
ظهور عدو المسيح ووقوفه بمحراب المعبد( عدو المسيح في رؤيتهم إما رئيس الكنيسة
الكاثوليكية أو رئيس تحالف البنوك أو رئيس التحالف الأوروبي) ثم تتطور منطقة الشرق
الأوسط تطورا اقتصاديا وعسكريا متلاحقا, وهذا يلاءم طبيعة تدخل رئيس تحالف البنوك
أو التحالف الأوربي, ويتم توقيـع اتفـاق بين إسرائيل وملك الجنوب( مصر), تنقضه مصر
بعد ثلاث سنوات ونصف النبوءات وتشن حربا علي إسرائيل متحالفة مع أشتات العرب وملك
الأتراك وملك الفرس والأحباش, وتجتمع الجيوش الغازية في تلة مجيدو بالقرب من
القدس, وتدور المعركة في القدس ويهلك نصف سكانها وينتصر المصريون ويعودون إلي مصر
بمئات الآلاف من أسري اليهود إلي آخر النبوءة حينما ينزل المسيح لنصرة المؤمنين به.
( إلي هنا والصورة تكاد تتطابق
مع صلب التصور الإسلامي لها)
هذه النبوءة السبع التي تؤدي
لهذا المشهد لم تكن قد تحققت عام1895 تاريخ الصلح الأعظم وهم يرون أن موعد الساعة
قد حل, وهذه النبوءات واجبة الحدوث لو بأيديهم وهي تستلزم إمكانات مالية واقتصادية
أكبر من إمكانية بريطانيا العظمي وأمريكا متحدتين أو نظام مالي ومصرفي عالمي جديد
قادر علي تسخير أموال الأرض وثرواتها لتحقيق السبع نبوءات المذكورة وقادر أيضا علي
أن يكون عدو المسيحANTICHRIST.
فهل ما تم من أحداث من مؤتمر
بازل سنة1897( عامان بعد الصلح الأعظم) حتي اليوم يتطابق مع هذه الرؤية ؟
الأحداث الكبري في القرن
العشرين من1897 حتي اليوم يمكن تلخيصها فيما يلي:
1- قرار إنشاء بنك الإحتياط
المركزي الأمريكي( أو بنك البنوك) الذي وقعه الرئيس وودرو ويلسن سنة1913 وما تبعه
من نظام مصرفي عالمي جديد وفر الآلة المطلوبة لتمويل المشروع الصهيوبروتستانتي
للقرن. وكان أول خطوة علي طريق النظام العالمي الجديد.
2- الحرب العالمية الأولي
سنة1914 وما ترتب عليها من آثار في مؤتمر الصلح في فرساي سنة1919 والذي وقع عليه
أيضا الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون وهو الذي وضع شروط الصلح في أربعة عشر بندا
رسمت خريطة العالم في القرن العشرين, ثم معاهدة سان جيرمان مع النمسا, وتريانون مع
المجر سنة1919, وسيفر مع الدولة العثمانية سنة1920, ثم لوزان مع الجمهورية التركية
سنة1923.
3- الحرب العالمية الثانية وما
ترتب عليها من آثار.
4- الحرب الباردة وما ترتب
عليها من آثار.
5- ثورات الربيع الأحمر وسقوط
القطب الشيوعي وانفراد أمريكا بقيادة العالم بلا منازعة ولو ظاهرية وتدشينه النظام
العالمي الجديد في تصريح الرئيس بوش في مؤتمر صحافي عالمي مشترك مع الرئيس
جورباتشوف في مؤتمر يالتا1990/1 أي أنـه ابتداء من هذا التاريخ صار العالم واحدا
تحكمه حكومة واحدة بإقرار القطبين.
6- فترة رئاسة جورج بوش الأب
والحرب علي الإرهاب وآثارها.
7- الربيع العربي وآثاره.
فهل تدخلت القوي البروتستانتية
وصنعت هذه الأحداث ؟؟
لقد بدأ القرن العشرون بتصريح
للرئيس الأمريكي وودرو ويلسن بأن الزمن قد حان لقيام نظام عالمي جديد, وشرع بالفعل
في تغيير النظام المالي, ثم تتابعت الأحداث التي أدت إلي تحقيق النبوءات التوراتية
السبع اللازمة لنزول المسيح في مواعيدها التي استنبطوها, عدا الخامسة والخاصة
بسقوط دولة إسرائيل بعد قيامها وجزء من الثالثة وهو ظهور ملك الجنوب لينتهي القرن
أيضا بإعلان الرئيس بوش عن بداية النظام العالمي الجديد, ويستكمل المسيرة لتحقيق
كلمة الرب.
لم يكن بنك الاحتياط المركزي
الذي دشنه ويلسن بنكا تقليديا, لقد كان النظام المالي العالمي الجديد وكان مؤسسوه
مجموعة من العائلات الرأسمالية المؤمنة بالعنصرية والشمولية وحكم الرجل الأبيض علي
العالم ولكن وفق قواعد النظرية الثانية اللادينية, وجميعهم مرتبط بمعظم الجماعات
السرية العالمية, لقد كان البنك أخطر قرارات القرن العشرين, فله سلطة طباعة
الدولار أقوي ورقة مالية متداولة عالميا, وكان أداة مصرفية لها من السلطات
والإمكانات ما سهل عملية تمويل أحداث القرن من الحرب العالمية الأولي إلي الثانية
والثورة البلشفية وبعث أوروبا اقتصاديا بعد الحرب الثانية( مشروع مارشال) ثم
وحدتها وهو الإجابة عن لغز مصدر تمويل ألمانيا المفلسة بعد الحرب الأولي لتصبح في
أقل من خمسة أعوام بعد حكم هتلر أكبر قوة ضاربة علي وجه الأرض قادرة علي إشعال الحرب
الثانية وهزيمة فرنسا في أقل من40 يوما.
وهل يمكن أن يمر هذا التمويل
من قنوات غير قنوات النظام المصرفي في ظروف هذا الحصار دون أن تغض القوي المنتصرة
الطرف عنه أو تصنعه ؟؟!!
أحداث الحرب الأولي وما ترتب
عليها من آثار أدت إلي إزالة كل القوي الممثلة للإيديولوجيات المخالفة
للإيديولوجية الانجلوأمريكية في القرن وانفراد القوي البروتستانتية بالسلطة
والسيادة المطلقة0 حتي الشيوعية, أو الخطر الأحمر الذي ولد من رحم الأوعية الفكرية
الغربية مثل الفابيان سوسيتيFABIANSOCIETY وجماعة الفلسفة الإلهيةTHEOSOPHYCALSOCIETY, هذه النظرية العدو لم تعد أن تكون تجربة للفكر الشمولي الغربي في
سيناريو ثوري, وتم إجهاضها في الموعـد المفترض تماما وكان الروس حقل تجارب فقد
فيها من الأرواح أكثر من70 مليونا0
لقد استدرجت أمريكا كل أطراف
هذه الحرب إلي مصير محتوم وحرب مدمرة محصورة خارج أراضيها فتخلصت منهم جميعا بضربة
أولي, لن تلبث أن تتبعها الثانية0
لقد أزالت الحرب الأولي من
الوجود:
1- إمبراطورية النمسا والمجر
أو ما تبقي من الإمبراطورية الرومانية المقدسة التي أسقطها نابليون, أو أكبر ممثل
للكاثوليكية في العالم بعد ما قلصت ايطاليا الموحدة وضع الباباوية في الفترة
من(19291870).
2- الإمبراطورية العثمانية
أكبر ممثل للإسلام في العالم.
3- الإمبراطورية الروسية أكبر
ممثل للأرثوذكس في العال.
4- الإمبراطورية الألمانية
المنافس البروتستانتي القوي.
5- الأثر السياسي للكتلة
الكاثوليكية في العالم بما في ذلك الحليف الفرنسي.
وأبقت معاهدة لوزان علي تركيا
اللادينية لمدة ثمانين عاما جثم الجيش فيها علي صدر الأمة المسلمة حاميا للعلمانية
ومحا معالم ثقافتها في لحظة وظل هكذا حتي موعد ظهور ملك الشمال أو النظام الجديد
في تركيا.
كيف تحول الأسد الذي أعدم
عدنان مندريس وأثنين من وزرائه بلا جرم سوي سماحهم بعودة الأذان, وأطاح بنجم الدين
أربكان منقذ الأتراك القبارصة, كيف تحول هذا الأسد إلي قط يقف في قفص الاتهام في
عهد الملك الجديد, أو نظام رجب أردوجان الإسلامي؟
ليس هناك سبب محلي مقنع لهذا
التحول الدرامي سوي أنه مؤثرات خارجية هي نفسها التي منعت النظام الإسلامي الجديد
من التدخل في النزاع السوري الجاري علي أبوابه ولو كان النظام التركي الجديد حرا
في التصرف ما تردد في التدخل الحاسم لكنه مقيد بالنظام العالمي والشرعية الدولية
وأن وجوده كان نتيجة إرادة دولية وليست محلية, أو أن الأحداث العالمية تدار من
مكان واحد وبفكر واحد ولهدف واحد وليس إرادتنا ولا أهدافنا.
لقد تم في أحداث القرن العشرين
بالتخطيط الأنجلوامريكي وبالدعم المالي للنظام المصرفي الجديد تحقق كل النبوءات
الممهدة للنزول الثاني للمسيح, وكانت مصنوعة ومرتبة, بقيت اثنتان الأولي ظهور ملك
الجنوب أو النظام الجديد في مصر, الثانية سقوط دولة إسرائيل. فهل يتلازم الشرطان
أو النبوءتان؟؟, وهذا منطقي لأن تحققهما هو نتيجة حرب نهاية التاريخ أو هرمجدون
وزمانها القرن الحادي والعشرون ومكانها في قلب إسرائيل. وسواء هي( الأحداث) أو
النتائج مصنوعة أم طبيعية, مفهومة أو مبهمة فإنها بلا شك الإرادة الإلهية, يسخر
لها العقول والسواعد أيا كانت طاهرة أو فاجرة.
إن صح هذا التصور فما هو
مستقبل مصر في العقد القادم وما هو وضع الجيش المصري ودوره في هذا العقد الذي قد
يكون الأخطر في تاريخ البشرية؟؟.
0 تعليقات