آخر الأخبار

الحلقة الثالثة عشرة .... فتح





الحلقة الثالثة عشرة
فتح






قبل إجراء أي نقد لابد من إبراز قيمة فكرة فتح وعناصر قوتها وذلك لكي يكون واضحا انه لا ينجح أي نقد لفكرة فتح أو لحركة فتح مالم يكن في سياق طبيعي يبرز فتح فكرة وحركة وهنا يصبح علينا قبل النقد ضرورة البدء بإشارة سريعة..فلقد تميزت فتح بصفات خاصة جدا تغيب معظمها أن لم تكن كلها عن بقية الأحزاب الفلسطينية والتنظيمات والقوى.:
أولها أنها لاتقبل القسمة ولا تستوي مع الانشقاق
فأحيانا يبدو للرائي والمتابع أن فيها غصن قوي ممتلئ بالثمر ومورق بكثافة لدرجة انه يتوقع أن هذا الغصن هو كل شيء إلا انه بمجرد انشقاقه من الشجرة لايجد أرضا ينمو فيها وتذوب الحياة فيه شيئا فشيئا حتى ييبس و يموت.. هذا طريق كل المنشقين عن فتح من ابونضال الى المنشقين في سورية إلى محمد دحلان مرورا بابو الزعيم.. وهكذا نكتشف أن قوة أي شخص في فتح تأتي من وجوده في فتح ولكنه بمجرد خروجه منها أو عليها يفقد قوة المغناطيس المركزي فيها فيصبح حتما ورقة بيد جهاز امني إقليمي أو دولي..
ثانيها إن فتح لاتستكين ولا تعرف الروتين فلا تكاد تمر خمس سنوات حتى تحدث مبادرة تعصف بالسكون والروتين وهي لاتسير في الطريق مغمضة العينين بل بكل وعي وتحسس للدرب في حقل الألغام وحتى القصف المتواصل عليها ويبدو من تاريخ فتح أنها إن خيرت بين خسارات في جسمها ومكتسباتها من جهة وانتصار لفضية الشعب من جهة أخرى فإنها بلا تردد تضحي بمكتسباتها وتتجه لتكريس قضية الشعب.. فبعد أن كانت في السلطة في غزة والضفة كانت تدرك أن هي ثارت للأقصى ستضحي بالسلطة وبكل مكتسباتها ولكنها تضحي بالسلطة أن أجبرت من اجل المقاومة.
ثالثا أن فتح ترى أن ماتملكه إنما هو للشعب الفلسطيني الذي هو مناط تفكيرها وعملها اليومي ولم تقبل لحظة أن تغلق على نفسها الحسابات والمصالح منفصلة عن الشعب.. وفي أكثر من مرة تقدم في مواقع سياسية مهمة شخصيات ليست من التنظيم الفتحاوي ودائما يجد الأنصار مكانة وترحيبا قد لايجده العضو الملتزم فيها.. وهناك مقولة كانت رائجة في أوساط فاتح أننا نقاتل بأنصارنا وقوتنا بأنصارنا أكثر من منتظمينا.
رابعا جسور العلاقة بينها والشعب فقط هو الود والمحبة والمبادرة والإحساس بضرورة فعل الخير..وتتحمل المسئولة نحو الشعب وتنامي الروح الإنسانية في صفوفها وصفوف الشعب بل أكثر من ذلك تحول فتح إلى صدر حنون لكل حر وشريف في المنطقة العربية بغض النظر عن إيديولوجيته وخطه السياسي.. فكم من رجل شيوعي عربي أو بعثي عربي سبق له أن خاصم فتح لكنه في نازلة تلم به لايجد سوى فتح تحوطه بالرعاية وجبر الخاطر وتنهض لتحمل مسئولية كاملة نحوه.. حتى أن أولئك الذين حملوا السلاح ضد فتح من المنشقين لم تتخل عن واجباتها المالية نحوهم وظلت رواتب قياداتهم تصلهم وكل من عاد منهم وجد الترحيب.. بل أكثر من ذلك أن فتح عندما كانت تتخلص من عميل بتصفيته لاتقطع راتبه بل يظل راتبه يصل إلى أهله وتتم العناية الاجتماعية بأولاده وأسرته.
خامسا استطاعت فتح أن تصبح الرقم الصعب في بلاد الشام ولقد كان الشعب السوري والشعب اللبناني يجد بشكل طبيعي انه مع الشعب الفلسطيني خلف قيادة واعية مجاهدة تقوم بواجباتها نحو أبناء المنطقة فكان ابوعمار مقصد كل الأحرار الشرفاء في المنطقة وكانت حركات النهضة في المنطقة كلها تجد الدعم المالي والمعنوي والأمني منه مباشرة.. ويعرف أبناء المنطقة كيف تمتد يد فتح للبيوت المستورة ولأعزة قوم ذلوا فتجبر خاطرهم وتراعي شئونهم في تكتم كامل عن أوضاعهم.
سادسا الثقافة والوعي داخل خلايا فتح تعتمد بشكل أساسي المسالة الفلسطينية بكل تفاصيلها وعن العدو بكل تفصيلاته بالعكس مع أحزاب وتنظيمات أخرى في الساحة الفلسطينية لم تعرف عناوين القضية الفلسطينية إلا من خلال الاشتباك مع فتح.. فهي منهمكة في الثقافة الإيديولوجية و بناء مشاعر نحو قضايا خارجية وواقع أخر.
سابعا عاشت فتح طوال عقودها السابقة مرحبة بكل فصيل فلسطيني يدخل المشهد الفلسطيني تزوده بالمال والسلاح والوضع السياسي وتوسع له في المجلس وتشركه في القرار الوطني إلى درجة أن ياسر عرفات عندما ذهب إلى مفاوضات كامب ديفيد اتصل بكل التنظيمات الفلسطينية يستمع إلى محاذيرها حتى انه اتصل بأحمد جبريل الخصم اللدود لحركة فتح يسأله رأيه.. وقد تجلت مقولتها المشهورة فلتزهر مئة وردة في بستان الثورة..
هذه الصفات التي تتحلى بها فتح يوجد عكسها تماما في كل التنظيمات الفلسطينية الأخرى التي يتحولق كل منها على نفسه مقطوع الصلة مع الشعب....
هكذا نتجه في حلقة قادمة لنقد نظنه يزيد فتح قوة فيما نحن نكون أسهمنا في إبراز الفكرة...

إرسال تعليق

0 تعليقات