آخر الأخبار

لماذا مزّق ترامب صحيفة بومبيو المعلقة على أستار البيت الأبيض؟

لماذا مزّق ترامب صحيفة بومبيو
المعلقة على أستار البيت الأبيض؟




ساهر عريبي


أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحات لافتة حيال الأزمة المتفاقمة مع إيران مع خلال زيارته لليابان يوم أمس. وجاءت التصريحات مخالفة لسياق التصعيد الذي انتهجته الإدارة الأمريكية في التعاطي مع الأزمة والذي غلب عليه طابع التهديد والوعيد حتى خيّل لكثيرين بأن شبح الحرب بات مخيما على الأجواء, وان لا مناص منها إلا بتطبيق إيران للشروط ال 12 التي أعلنها وزير الخارجية الأمريكية جورج بومبيو لوقف التصعيد العسكري ورفع العقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها بلاده على إيران.


لكن ترامب مزّق تلك الشروط خلال بضع ثواني معلنا ان هدفه من هذا التصعيد هو الحصول على تعهّد إيران بعدم إنتاج سلاح نووي! تصريحات أثارت ارتياحا في العديد من دول المنطقة والعالم المحبة للسلام, وفي ذات الوقت أصابت الدول التي تقرع طبول الحرب بخيبة أمل وانتكاسة كبيرة, بعد ان كانت تمنّي النفس بحرب يعلنها ترامب على إيران تسفر عن سقوط نظام الجمهورية الإسلامية. غير أن ترامب أعلن وبشكل جلي عدم عزمه تغيير النظام وأن إيران لديها إمكانيات اقتصادية عظيمة وان كل ما يريده منها هو ” التعهد بعدم صنع سلاح نووي“!


وهنا بيت القصيد! فإن كان مراد ترامب ذلك, فلقد كان متحققا في الاتفاق النووي الذي وقعته بلاده ضمن مجموعة 5+1 مع إيران والذي تعهدت فيه بعدم إنتاج أسلحة نووية وأخضعت منشآتها لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتزمت بالاتفاق بشكل كامل بحسب الوكالة الدولية, فلم انسحب منه ترامب؟ فإن كان ترامب صادقا في دعواه فليعلن عودة بلاده الى الاتفاق النووي الملزم لإيران بعدم أنتاج أسلحة نووية وبذلك يتحقق هدفه من هذا التصعيد! ولذا فقد جاء رد الفعل الإيراني على هذه التصريحات وعلى لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية بلهجة غير المكترث معلنا أن بلاده تريد أفعالا وليس أقوالا.
إن هذه التصريحات تدين ترامب قبل غيره إن كان صادقا في إطلاقها لأن الهدف متحقق فلم هذا العبث؟ وبغير ذلك فإن هناك أجندة تقف خلفها! وأولى تلك الأجندة أن ترامب أعلن مرارا وتكرارا أنه غير مستعد لحماية السعودية وقد أطلع ملكها على ذلك بحسب قوله, فماكان من السعودية إلا أن وقعت معه عقودا قاربت قيمتها النصف تريليون دولار! لكن ترامب لم تمتلأ خزائنه وعاد يصرخ هل من مزيد! لقد حرك ترامب قطعاته العسكرية نحو المنطقة منذ اندلاع الأزمة مع إيران ولا شك أنه يعتبر ذلك جزءا من مشروعه لحماية دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات, فهل كانت هذه التصريحات رسالة مبطنة لتلك الدول بضرورة الدفع المسبق لتكاليف أي حرب سيشنها ترامب على إيران؟ وهل سيكون الثمن هو شركة آرامكو؟


أم إن ترامب يريد هذه المرة بتصريحاته مغازلة الجانب الإيراني واضعا عينيه على خيرات إيران الاقتصادية التي وصفها بالعظيمة؟ ولذا فإن هذه التصريحات ستكون موضوعا لحراك دبلوماسي سعودي و إيراني مكثف خلف الكواليس لمعرفة حقيقتها والمراد منها, فإن كان الأول فإن بعض دول الخليج هي المعنية بها, وهي امام خيارين , إما تسليم الجمل بما حمل لترامب مقابل شنه حربا على ايران غير مضمونة النتائج وقد تكون نتائجها كارثية على تلك الدول, أو الإنصات لصوت الحكمة والعقل بالتوقف عن قرع طبول الحرب والتوجه نحو التنمية بدل التسلح والتعاطي مع ايران ونظامها كواقع لا يمكن تغييره.

وأما بالنسبة لإيران فإن كانت هي المعنية بتصريحات ترامب فلاشك بأنها ستفتح ذراعيها لها وستتطلع للتعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة وبما يحفظ مصالحها وسياساتها ويدرء عنها الأخطار وقد سبق لها ان وطدت علاقاتها الاقتصادية مع العديد من دول الإتحاد الأوروبي حليفة أمريكا. وفي حال تحقق ذلك فإن الخاسر الأكبر هي الدول التي تقرع طبول الحرب, والإتحاد الأوروبي الذي يقدم قدما ويؤخر أخرى في تعاطيه مع الملف النووي, بالرغم من إدارة ترامب لا تطيق رؤية هذا الإتحاد بل تتطلع لتمزيقه على أيدي الشعوبيين!


إرسال تعليق

0 تعليقات