آخر الأخبار

الحلقة السادسة الكيانية السياسية الفلسطينية في معركة الوجود


الحلقة السادسة
الكيانية السياسية الفلسطينية في معركة الوجود
المجلس التشريعي الدورة الثانية 2006.. المجازفة والتجاوز







تم انتخاب محمود عباس رئيسا للسلطة الوطنية بعد استشهاد الرئيس ياسر عرفات وهو أمر منطقي لان شغورا حصل فلا بد أن يشغل منصب رئيس السلطة وان كانت العملية تحتاج الى رؤية سياسية وكان ينبغي الاكتفاء بانتخاب رأس السلطة على أن يواصل التشريعي القائم وهو مجلس مؤقت موقوت بانتهاء المفاوضات و عملية التسوية السياسية لتنتهي المرحلة الانتقالية.. وذلك إنقاذا للتركيز الفلسطيني على هدف إقامة الدولة والابتعاد عن عملية التقييد بواقع انتقالي يفقد الفلسطينيون فيه عنصر الحرية في التحرك السياسي ويظلوا هم وحدهم الجانب الملتزم ببنود الاتفاقية الأمنية والاقتصادية فيما ينطلق العدو إلى فرض وقائع سياسية وأمنية على الأرض مستفيدا من حالة الاختلال في المنطقة والتشتت الفلسطيني.
اتجه الفلسطينيون إلى الانتخابات التشريعية لمجلس تشريعي جديد بدون أي مسوغ ولا مرجعية.. فهم لازالوا ملتزمين بأوسلو الذي يتكلم عن مجلس انتقالي مرحلي لفترة تغطي المفاوضات يتم التوجه منها الى تقرير المصير وحل الملفات العالقة الكبيرة فما كان ينبغي الذهاب الى الانتخابات على اعتبار أن المجلس التشريعي هو حالة دائمة إلا إن الدورة الثانية للمجلس التي انطلقت في نهاية 2006 والتي لا تستند إلى مرجعية سياسية سوى خارطة الطريق المقترحة من قبل الأمريكان بوعود وأماني للتسوية حملت معها بذور انشقاق خطير في مرجعيات العمل السياسي والنظام السياسي الفلسطيني .. ما كان ينبغي أن يجدد الفلسطينيون حالة المؤقت وكان عليهم أن يستمروا بالمؤقت الأول مناضلين وصولا إلى تقرير المصير ليتشكل فيما بعد مجلس تشريعي ليس مؤقت ولا محدود.
وهناك ثقب آخر في المسألة ذلك أن الانتخابات فتحت للجميع قبل أن يتفاهموا على مشروع اجتماعي سياسي واحد.. كان مفترض أن يطرح نقاش عميق وتفاهمات إستراتيجية بين كل القوى التي تريد أن تدخل الانتخابات ليتم التفاهم على مبادئ العمل السياسي الفلسطيني وكان الميثاق الوطني ومؤسسات منظمة التحرير هي الحاضر القوي الذي كان لزاما ان يتم التفاهم على أرضيته ومن ثم يصار إلى الانتخابات ان كان لابد منها.
أما أن نذهب إلى الانتخابات وكأننا نمارس عملا طبيعيا لتكريس الانتقالي.. ثم نتجه الى الانتخابات فيما نحن غير متفاهمين على خطوط سياسية وكيفية إدارة المجتمع الفلسطيني وسوى ذلك من تحديات لاسيما ونحن نمر بمرحلة انتقالية خطرة مفتوحة على كل الاحتمالات.. انه خطر كبير على المشروع الفلسطيني ان يتم الذهاب الى الانتخابات فيما نحن بمثل ذلك التشتت السياسي والأوضاع التي تمر بها السلطة مرهقة بعد ان وجهت القوات الإسرائيلية حملة منظمة ضد مؤسسات السلطة.
لقد كانت الانتخابات التشريعية للدورة الثانية نقطة الانطلاق في انشقاق المكون السياسي الفلسطيني.. فلقد ظنت حركة حماس ان الفوز بالانتخابات في المجلس التشريعي يمنحها الحق في تأسيس مؤسسات
نية مستقلة عن تلك التي للسلطة كما ان مؤسسات السلطة الامنية لم تكن لتقبل ان تكون خاضعة للحكومة التي شكلتها حماس فكان الانفجار الذاتي للمؤسسة الفلسطينية مرافقا للانتخابات التشريعية الثانية..
لقد صرفت الدورة الثانية للمجلس التشريعي وقتا طويلا في والمماحكات و التجاذبات السياسة ولم تنجز شيئا مهما على صعيد التشريع أو أي من أبواب نشاط المجلس التشريعي الرقابية الذي يبدو وكأنه في حالة تجمد بعد أن اعتقلت إسرائيل عشرات من أعضائه وبعد أن أصاب الشلل حالة تواصله بين قطاع غزة والضفة الغربية بسبب الانقلاب الذي حصل في غزة من قبل حركة حماس في يونيو 2007 . والأخطر أن يصبح المجلس التشريعي منبرا للانقسام الفلسطيني وانهيار الوحدة السياسية الفلسطينية وتشتت الكيانية الجنينية وهاهو رغم انتهاء مدته الرسمية يواصل وجوده كحالة تمزيق للنسيج السياسي الفلسطيني


أن ما نعيشه اليوم هو حالة تصدع كبيرة في التمثيل السياسي الفلسطيني حيث يدور النقاش على المرجعيات والأبجديات وهنا يكون الاختلاف قاتلا ، فهذا الخلل بالإضافة لما حصل من انخراط العمل السياسي الفلسطيني في الداخل على حساب الخارج الفلسطيني يعني بوضوح أن الكيانية السياسية الفلسطينية في خطر ولا يمكن استبعاد دور المؤسسات الاستعمارية التي تخطط وتنفذ مشروعها نحو تفتيت الكيانية السياسية الفلسطينية بوسائل عديدة ليتم لها على أرضية ذلك التفرغ من القضية الفلسطينية.


وهكذا يمكن تسجيل ثلاث نقاط على الدورة الثانية للمجلس التشريعي الفلسطيني الأولى انه عمل على تمديد فترة الانتقالي وحول المؤقت الى دائم وهذا خلل سياسي كبير ما كان ينبغي ان يحدث وكان من المفترض ان يستمر المجلس الأول لحين تقرير المصير..والنقطة الثانية انه أصبح ساحة للتصارع والتناقض والتنافر الفلسطيني الخطير والثالثة انه كرس مع الحكومة الفلسطينية الابتعاد عن الهم الفلسطيني العام الى الانهماك بوضع الضفة وغزة حيث ان ما ينفق من اموال وجهود فيهما يستوعب الغالبية العظمى من الموارد المالية.


إن يقظة الفلسطينيين تدعوهم أن لا يفرطوا بالمجلس التشريعي هذا صحيح ولكن مع ضرورة تفعيله وتوسيعه ليشمل القوى الفلسطينية الجديدة المتمثلة بفصائل الحركة الإسلامية والتي أصبحت ذات حضور واسع من العبث تجاوزه مع انخراط المجلس انخراطا حقيقيا وفعالا في إطار اكبر هو إطار المجلس الوطني الفلسطيني الذي يجب أن يظل هو المرجعية العليا وان تكون مؤسساته هي المؤسسات الأم التي لا ينبغي التفريط فيها أو تهميش فعلها ودورها ، وان يشمل هذا المجلس كل تواجد الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وذلك بطريقة الانتخاب ما استطاع الفلسطينيون إلى ذلك سبيلا.
ان الحس التاريخي يقود إلى هاجس تاريخي من خوف ان ننتهي إلى الضياع على مستوى التمثيل السياسي مرة أخرى كما حصل في فترات متعددة في القرن الفائت..وان واقع الانقسام الحاصل الآن واستمراره يقود واقعيا إلى انشطار في التمثيل السياسي وضياع الكيانية السياسية الفلسطينية ما لم يتم تدارك الأمر سريعا وإنهاء حالة الانقسام بشكل حاسم وان يتم ترسيخ واقع اكبر من احتمال ان يكون عرضة للانشطار او الانتهاء.

 




إرسال تعليق

0 تعليقات