آخر الأخبار

من يعلن الحرب على فساد الإدارة فى مصر



من يعلن الحرب على فساد الإدارة فى مصر





د. محمد ابراهيم بسيوني

الفساد فى مصر يتركــّـز فى المحليات، والمتاجرة فى أراضى الدولة، وعدم تطبيق قانون الكسب غير المشروع علي الجميع. للفساد شبكة مُـحكمة ومُـتساندة مهمة كل ضلع فيها حماية منظومة تلك الشبكة.
يكمن ظاهرة فساد في المحليات فى طريقة اختيار المحافظين ورؤساء المدن ورؤساء الأحياء، هم يكونون غالبا من الفئة أو الشريحة التى يثق فيها النظام منذ السبعينات واستمرّتْ حتى الآن.

الفساد فى مصر يتركــّـز فى المحليات، والمتاجرة فى أراضى الدولة، وعدم تطبيق قانون الكسب غير المشروع علي الجميع. للفساد شبكة مُـحكمة ومُـتساندة مهمة كل ضلع فيها حماية منظومة تلك الشبكة.

ثم ظاهرة المتاجرة فى بيع الأراضي وأراضي الدولة بالذات، وتعاون أصحاب المناصب العليا مع المستثمرين. مثل بيع أراضى توشكا للأمير السعودى، حيث تم بيع آلاف الأفدنة التي تم بيعها بسعر خمسين جنيهـًـا للفدان فقط والدولة مُـلزمة بتوصيل المرافق، بجانب الإعفاء الضريبي والجمركي، ثـمّ كان ختام ذلك العقد الكارثة، أنه لا يجوز للقضاء المصرى النظر فى أى نزاع ينشأ بين الحكومة المصرية والمشترى، وإنما يكون أمام التحكيم الدولى. وعندما تقرأ هذا البند يخطر علي بالك مباشرة أنّ هذا النص يؤكد أنّ العقد تمّـتْ كتابته بمعرفة ممثلين للأمير السعودي، وليس للجانب المصرى أى دور فى صياغته أو حتى المشاركة فيه.
تساءل الشاعر الكبير فاروق جويدة فى صحيفة الأهرام يوما كيف حصل رجال الأعمال على مساحات ضخمة فى مناطق خطيرة، وباعوها على الورق للمستثمرين العرب والأوروبيين، وأخذوا الملايين وهرّبوها خارج مصر، وذكر أنّ أمام القضاء الدولى عشرات القضايا التى رفعها ضد مصر هؤلاء الذين حصلوا على مساحات شاسعة من الأراضي بقرارات من الدولة المصرية، وإحدى هذه القضايا عن ٣٧ ألف فدان فى العياط بمحافظة الجيزة. وأضاف، ومن توابع ملف نهب أراضى الدولة ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية الخصبة، التى تحوّلتْ إلى مبانى وعقارات، وهذه من أسوأ خطايا المحليات فى تاريخ مصر الحديث. واستمرّتْ ظاهرة التفريط فى أراضى الدولة بعد يناير 2011، واستمرّار كبار المسئولين عن الفساد فى مناصبهم بالسنوات. ولم يـُـقـدّم واحداً منهم للمحاكمة أو حتى للتحقيق معه. لان أي نظام يسير على سُـنة القول المأثور ((عفا الله عما سلف)).
موضوع آخر أشار إليه الشاعر فاروق جويدة، فى نفس المقال، أى ملف الكسب غير المشروع، وربطه بالضلع السابق حيث كتب عن جبال الثراء التى قامت فى مصر فى النصف قرن الأخير. وقامت تلك الجبال جميعها على عدة مصادر، كان نهب أراضى الدولة أهمها وأخطرها. وكان الكسب غير المشروع من أهم جوانبها. فهل جهاز الكسب غير المشروع يؤدى واجبه؟؟ وإذا كان يؤدى واجبه، فلماذا استشرى فساد كبار المسئولين؟؟ وألا يكمن السبب فى عدم تقديمهم إلى المحاكمة؟؟ وهل يـُـطبق الجهاز عليهم قاعدة إقرار الذمة المالية قبل تولية المنصب وبعده خاصة على الوزراء وكبار المسئولين؟؟. وهل جهاز الكسب غير المشروع له دور فعال وحقيقي؟؟. أمّ أنّ دوره يتركــّـز فى تقديم صغار الموظفين للمحاكمة؟؟. وكيف يكون وكيل الوزارة الذى باع على الورق آلاف الفدادين لرجال الأعمال وهم يعلمون أنها على الورق فقط للاستفادة بالعقود الرسمية التى باعوها للمستثمرين، الذين رفعوا قضايا ضد الحكومة بعد هروب رجال الأعمال والسؤال كيف ترقى وكيل الوزارة إلى درجة وزير؟. أعتقد أنّ الفساد الاقتصادي والمالي فى مصر متعدد الأضلاع، ويـُـشكــّـل شبكة متكاملة، وصنع المسئولون عنه دائرة محكمة الإغلاق، ويصعب اختراقها. والسبب فى تلك الصعوبة يكمن فى التسهيلات التى يـُـقدمها كبار المسئولين من وزراء ووكلاء وزارة يُـقدمونها لمن أطلقوا على أنفسهم رجال أعمال بينما نشاطهم مصنف وفق المعايير العلمية لعلم الاقتصاد ضمن النشاط الطفيلى، خاصة محتكرى الاستيراد والتصدير. علينا بتطهير المحليات وتغير كل من فيها أولا.


عميد طب المنيا السابق


إرسال تعليق

0 تعليقات