آخر الأخبار

التراويح ليست سنة نبوية ولا اعتكف النبي في شهر رمضان


التراويح ليست سنة نبوية ولا اعتكف النبي في شهر رمضان






علي أبو الخير

يهل علينا الشهر الكريم شهر رمضان المعظم والمبارك، يحاول أن ينتهزه المسلمون في كل عام للتكفير عن ذنوب عام مضى، وإرضاء الله بالصوم والذكر والتسبيح، وهي كلها أمور محمودة، للحصول على أكبر قدر من الحسنات، ومحو أكبر قدر من الذنوب في المقاصة الإسلامية المشهورة التي تؤكد على أن الحسنات تذهب السيئات، كما جاء بالآية الكريمة في سورة هود|114 "إن الحسنات يذهبن السيئات"، ومن ضمن العبادات المستحدثة بعد عصر النبي الكريم عليه السلام، ما يعرفه ويؤديه ويمارسه المسلمون من عبادة موسمية من صلاة للتراويح والاعتكاف بالمسجد في العشر الأواخر من شهر رمضان، بحيث صار معظم المسلمين يعتقدون أن التراويح والاعتكاف من ضرورات شهر رمضان، ولا يصلح الصوم بدونها، وعندما نكتب عن ذلك، ليس من قبيل صدم المسلمين فيما يؤدوه من عبادات، ولكن فقط للتأكيد على أن بعض العبادات استحسنها المسلمون وأدوها ومارسوها، رغم أن بعضها نهى عنه النبي عليه السلام، ولذا فهي تشريع بشري ليس له مصدر نبوي أو قرآني، خاصة وأن النبي لم يصلى التراويح ولم يعكتف داخل المسجد النبوي، كما سنرى .
التراويح لم يرد لها ذكر في القرآن الكريم، مثل باقي العبادات، وصلاها النبي كانت كنوافل منفردة، في المسجد في ليالي رمضان، كما هو مدون في كتب الحديث، والقرآن سمّاها نوافل وليس تراويح، وتكون صلاة منفردة، كما جاء في سورة الإسراء|79 "ومن الليل فتهجد به نافلة لك"، أما مصطلح "تراويح"، فليس له أصل قرآني أو نبوي، والصحابة بعد النبي هم من استحدثوه، وقال المفسرون أن التراويح جمع ترويحه، وقد سُميت بذلك، لأنهم كانوا أول ما اجتمعوا عليها يستريحون بين كل تسليمتين، ومن تلك الاستراحة جاء مصطلح "التراويح"، ثمّ دام الأمر حتى اليوم، كعبادة مقدسة.
المؤكد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصلي النوافل كثيرا في الليل حتى تتورم قدماه الشريفتان، في شهر رمضان وفي غير شهر رمضان، مع التأكيد على أن حجرات النبي كانت ملاصقة لمسجده الشريف، وعندما رآه المسلمون صلاها عدة أيام متتالية، صلوها أيضا، فامتنع النبي الكريم عن الخروج، وأدى صلاته في إحدى حجرات بيته الشريف، وقال لهم كما جاء في صحيح البخاري: "صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، ومعنى ذلك أن التراويح ليست سنة عملية ولا سنة قولية، وقد دام الحال على ما هو عليه في خلافة أبي بكر الصديق، أن يصلي الناس نوافلهم الليلية في بيوتهم أو فرادى في المسجد القريب من بيوتهم كما أمرهم النبي.
ولكن عمر بن الخطاب، اجتهد وجمع الصحابة خلف إمام واحد، هو أبي بن كعب، وقال هو عن اجتهاده "نعم البدعة الحسنة"، وهو استحسان بشري في النهاية، لأن عمر خليفة وليس صاحب الرسالة، ويمكن أن نأخذ عنه أو لا نأخذ عنه، والغريب هنا أن الخليفة عمر نفسه لم يصل التراويح في جماعة، لم يؤم المسلمون ولم يصل خلف أبي بن كعب، كما لم يصل كبار الصحابة التراويح في جماعة، مثل علي بن أبي طالب أو الزبير بن العوام أو طلحه بن عبيد الله، أو غيرهم، ورغم ذلك توارثها المسلمون لاحقا عن سابق، وخلفا عن سلف، وتم إضفاء طابع القداسة إليها .
وكان عدد الركعات أحد عشر عشر، زادها البعض إلى واحد وعشرين ركعة، وكان المسلمون يؤدوها بقراءة آية أو آيتين، وعندما غزا الوهابيون البلاد، ابتدعوا قراءة كامل القرآن طوال الشهر، جزء كامل كل ليلة، وقرءوا من المصاحف، وطُبعت مصاحف كبيرة الحجم لتظهر الحروف واضحة للإمام، كما راجت صناعة حوامل المصاحف، رواج اقتصادي بمظهر ديني، ومن ثم يطيل الإمام في القراءة، ويدعو الشيوخ طويلا، رغم أن ثواب الركعة ثواب واحد، سواء قرأ الإمام جزء كاملا أو آية واحدة، ولكن ذاك أمر استحسنه المسلمون لأنه لن يكلف الشخص شيئا، ولو جاء الاجتهاد مثلا بدفع الخمس من المال، أو دفع الزكاة والصدقات لربما امتنع أو تردد.
وهذا يقودنا لسنة الاعتكاف، وهي أيضا من ضمن المستحدث في العبادات، ولم يثبت أن النبي الكريم اعتكف في المسجد، ظنّ المسلمون أنه في المسجد، نظرا لأن حجرات النبي كانت مفتوحة على ساحة المسجد، فكان الاعتكاف سهلا ميسورا، وخصوصية النبي لا تنسحب على أصحابه، فهو يعتكف بأي حجرة، وبابها على المسجد مباشرة، ويمكن الانتقال من أي باب للمسجد، دون أن يدل على أنه اعتكف كما يفعل المسلمون اليوم .
كما لم يرد في القرآن الكريم عن الاعتكاف في المساجد إلا في الآية الكريمة 187 من سورة البقرة "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد"، والآية الكريمة ليس لها علاقة بالاعتكاف في شهر رمضان، ولكن حكمها حكم عام، فالمباشرة هنا هي الجماع، وليس من المنطقي ولا المعقول أن يجامع الرجل زوجته في المسجد، سواء في شهر رمضان أو غير شهر رمضان، اعتكف في المسجد أو لم يعتكف، ولا يمكن أن تكون الآية دليلا أو الاحتجاج بها على اعتكاف الرجال داخل المساجد، يأكلون ويشربون وينامون في كسل تام، بدون عمل لمدة عشرة أيام في بطالة كاملة، في كل شهر رمضان، هذا في وقت ينتج فيه غير المسلمين في تلك الفترة، ما ينتجه المسلمون طوال عام كامل، كسل بدني في شهر المفترض فيه أنه شهر العمل، بسنة ليست نبوية أو قرآنية المصدر والتشريع.
الاعتكاف هو أن يقوم المسلم بالتسبيح والاستغفار، ويكون في البيت وليس بالمساجد، فالعبادة يجب أن تكون خفية، والجهر بها نوع من المباهاة والاستعلاء على خلق الله بالعبادة، والعمل هو خلاصة كل العبادات، والله تعالى دائما يربط بين الإيمان بالله والعمل الصالح، والعمل الصالح هو العمل وليس البطالة، حتى لو كانت في صورة عبادة، خاصة إذا كانت عبادة باجتهاد بشري، كما هو الحال في صلاة التراويح والاعتكاف بالمساجد، وأخيرا ليس في العبادة اجتهاد، ولكن الصحابة اجتهدوا، واجتهادهم في النهاية لا يلزمنا.
هامش
حجرات النبي
كان للنبي تسع حجرات لزوجاته ملاصقة لمسجده الشريف، كانت حجرات بسيطة، أبوابها من الستائر، وسقفها منخفض، دلالة على زهد الرسول، تم هدم كل الحجرات ما عدا حجرة السيدة عائشة لوجود جثمانه الشريف داخلها، وذلك بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك عام 91 هـ، وقيل وقتها إن المسلمين بكوا بكاء مرا عندما هُدمت.

إرسال تعليق

0 تعليقات