آخر الأخبار

موقف وسيدتان




موقف وسيدتان





محمود جابر

الكلمة موقف، هكذا تقول الحكمة ... وحينما ننطق الكلمة فإنها حتما تعبر عن ما يجول فى خواطرنا وقلوبنا ...
والموقف دائما هو الوطن، قد نختلف فى مواقفنا، نختلف فى نظرتنا للأمور لكن ما لا يجب أن نختلف فيه هو الوطن، ونتذكر كلمات الموال العراقي التى تقول :
اللي مضيع محب يمكن سنة وينساه
واللي مضيع ذهب بسوق الذهب يلقاه
واللي مضيع وطن وين الوطن يلقاه
كما أتذكر كلمات من مسرحية شقائق النعمان التى يصدح بها الفنان السورى العظيم دريد لحام حين يقول "لو وطني غلطان أنا معه..
 إذا بردان أنا تيابه..
 إذا ختيار أنا عكازته..
 إذا حفيان أنا صرمايته...
 لأنه سيدي وتاج راسي"...


هذا المشهد مثلته تلك السيدة العراقية التى وقفت تلقى التحية على جثمان ولدها الشهيد وهو مسجى بأكفانه مدرج بدمائه، وقفت شامخة كالجبال تقول فى عزة وثبات ها أنا أقدم قربانا للوطن وقربانى وهو كبدى ... فإن هذه السيدة وغيرها هى كما سماها الشاعر الفلسطيني العظيم حسن عبدالله حين قال ...(( أجمل الأمهات))


أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها…


أجمل الأمهات التي انتظرتهُ,


وعادْ…


عادَ مستشهداً.


فبكتْ دمعتين ووردة


ولم تنزوِ في ثياب الحداد


***


لم تَنتهِ الحرب


لكنَّهُ عادَ


ذابلةٌ بندقيتُهُ


ويداهُ محايدتان….


***


أجمل الأمهات التي… عينها لا تنامْ


تظل تراقبُ نجماً يحوم على جثة في الظلام…




لكن ويالا الحسرة حينما تدرك سيدة بسيطة التعليم والعلم والمعرفة قيمة الوطن فتقدم على تلك التضحية وهذا الموقف فى الوقت الذى تقف فيه أم أخرى من الوطن والشهداء موقفا المنتقم وتستغل منصبها ومهنتها لتصفى حساباتها السياسية والإيديولوجية على حساب الوطن فبدلا من أن تسخر منصبها وعلمها ومكانتها العلمية من اجل أن تشجع تلك النماذج من الشباب الذي يضحى بحياته فداء للوطن وأمنه وحريته، وبدلا من أن تكفف الدمع من عيون أمهات وزوجات فقدن أولادهن وأزواجهن، وأيتام فقدن عائلهم راحت تطعنهم فى سويداء القلب وتستخرج جثثهم وتعيد محاكمتهم على جرم يتمنى كل منا أن يرتكبه....
 ولكن ليس كل شخص يستطيع أن يكون بطلا ولا يستطيع أن يدفع حياته فداء لوطنه وللآخرين مثل تلك السيدة التي تقتلهم مرة أخرى وهى تنعم بنعمة الآمان والراتب والميزات الوظيفية التي لولا هؤلاء الأبطال لكانت تلك السيدة الدكتورة الأكاديمية المؤدلجة تباع فى سوق النخاسة وكانت جارية فى جيوش الجواري التي استمتع بها كلاب الأرض من الإرهابيين الذين اجتاحوا العراق واجتاحوا معه شرف العراق وشرف بيوته، ولولا هذه الثلة المؤمنة بالوطن ما كانت للسيدة أن تجلس فى جامعتها التى تقع فى العاصمة التي كادت أن تسقط فى أيد الإرهاب لولا بطولات هؤلاء الشباب ...
الموقف هو الوطن والسيدتان لا يتساويان واحدة تعرف قيمة الوطن والحب والفداء .... والأخرى جاحدة رغم تعليمها العالى لكنها تملك قلبا، فقلبها من حجر وعقلا من صفيح ووفاء ليس كوفاء الكلب ....




إرسال تعليق

0 تعليقات