آخر الأخبار

الايدولوجيا الارتدادية ونظرية النموذج(العراق)


الايدولوجيا الارتدادية ونظرية النموذج(العراق)





ستار النعمانى

(وحدها الأزمة سواء كانت الواقعة أم المنظورة هي التي تحدث التغيير الحقيقي) عبارة ينقلها الصحفي نعومي كلاين عن ميلتون فريدمان عراب الاقتصاد الأمريكي.  كلاين كاتب وصحفي مؤلف كتاب( عقيدة الصدمة - صعود رأسمالية الكوارث) هذا الكتاب يعرض فيه أهداف مدرسة شيكاغو الاقتصادية أصحاب أيدلوجيا السوق الحرة وسر انجذاب أصحاب هذه الايدولوجية إلى الأزمات والكوارث فعقيدة الصدمة تعني بان الانسلاخ  وحده أكان طوفانا أم حربا أم هجوما إرهابيا هو القادر على خلق قاعدة التواصل الخام النظيفة التي يتوقون إليها كما عبر المؤلف. وتعتبر هذه نقطة البداية للشروع بالمشروع وذلك بانسلاخ المجتمعات والأفراد عن أي تراث أو أيديولوجيا أو ثقافة سابقة ليكون مهيأ لإعادة الصياغة الفكرية والثقافية الملائمة مع توجهات هذه المدرسة وبهذا عدنا للكلمة التي ذكرها المؤلف بداية كتابه للروائي سيزار ايرا (اي تغيير يبدأ بتغيير في الموضوع ) ولكن كيف تتم عمليات الصدم دون أن تثير المجتمعات او تولد لديها معارضة ,تنص قوانين الصدمة على الابتعاد عن الأسلوب التدريجي في أي عملية تغيير بل يجب تنفيذ العمليات بشكل مباشر وبمرحلة واحدة حتى إن ميلتون فريدمان اشار في رسالة إلى الجنرال اغوستو بينوشي بان يجب ان يحيط الشعب بكافة التفاصيل حتى المملة لكي تكون النتائج سريعة وردود أفعال بسيطة غير مؤثرة في حال اعتماد عقيدة الصدمة.
هناك مقاربات كثير ة لعقيدة الصدم تم اعتمادها قي بلدان كثير  وبأساليب وأدوات متنوعة وبمشاركة مختلف المؤسسات والشركات كانت ضحيتها بلدان وأمم ذكرها الكتاب  لكن سنتناول القسم المتعلق بالعراق وهذا ما أراده أصحاب الصدم من أن يكون نموذجا في هذه المنطقة يذكر  كلاين في كتابه  بعض الامور عند وصوله إلى العراق نقلا عن من حاورهم أو شاهدهم والتقاهم باعتباره صحفيا بان الشعب غير مهتم بالخصخصة فان جل ما يهم هو البقاء على قيد الحياة ويشير أيضا الى عملية بيع الدولة العراقية تحت عناوين متعددة منها الاستثمار  في فترة زمنية عانى منها العراق من الطائفية والتفجيرات التي لم ينجو منها مكان  وعدم استقرار مؤسسات الدولة وانشغال المجتمع بتلبية احتياجاته اليومية الضرورية لان( الوقت الأفضل للاستثمار  حين يكون الدم لا زال على الأرض) هذا ما قاله احد المشاركين في مؤتمر اعمار العراق .لقد سيقت كثير  من المبررات لاحتلال العراق منها أسلحة دمار شامل لكن يبقى السبب الرئيسي الذي اتفق عليه أصحاب خيار الحرب وكما يراه المولف  هو نظرية (النموذج) بايجاد ديمقراطية السوق الحرة في هذه المنطقة وإغفال أي أسباب أخرى فالتعامل سيكون سهلا مع البلد الواحد  وصعبا في التعامل مع امة قد تكون عربية أو إسلامية فهناك الحاجة إلى بلد نموذج ويعدها انتقال النموذج إلى الآخرين .ان نشر الرأسمالية بهذا الشكل المتطرف وفتح الباب على مصراعيه أمام الشركات المتعددة الجنسية بزيادة رؤوس أموالها من هذه الدول هو الذي كمن في صلب نظرية النموذج كما عبر المؤلف وانطلاقا من هذه الأسباب  وقع الاختيار على العراق وعليه يجب العمل من اجل تغيير بنية وفكر وسلوك المجتمع  العراقي حتى تسهل عملية السيطرة فهم إمام إجراء عملية بناء جديد لهذا البلد تاريخيا واجتماعيا لكن هل نجحت في ان يكون العراق كما أرادوه والجواب بالتأكيد لا  وذلك لعدة أسباب منها ان الولايات المتحدة وحسب ما يقول محمد حسنين هيكل لم تقم على قاعدة شعب بعينه او امة بذاتها   أو عقيدة حلت في قارة من وربطت ناسها بل كانت النشأة والظهور في إطار مغامرة تاريخية نادرة  فربما تحاول الولايات المتحدة ان تعمم هذه النظرة على الدول وترى من السهل ان يتم التحكم بالبلدان عن طريق مغامرة تاريخية أخرى  على عكس العراق فان بلد مثل العراق يمتلك من المقومات تجعل من الصعب ان يكون هناك انسلاخ عن ماضيه وتراثه بسبب المجد والتاريخ المشرق الذي تميز فيه بالإضافة الى مقومات أخرى لم يجعل العراق نموذجا أمريكيا ناجحا لان البعد الحضاري والديني سيكون حاضرا بتكوين ممانعة ومعارضة تجعل من الصعب التحكم بسلوكه وثقافته فأي نموذج يجب ان لا ينقطع عن العقيدة والتاريخ والتراث وان نجاح اي مشروع في مكان ما ليس بالضرورة ان ينجح في بلد آخر  فقد أن يكون هناك بعض المصالح التي تحققت لكنها مرحلية لا تستطيع الصمود مع تطور الوعي الجماهيري .


إرسال تعليق

0 تعليقات