آخر الأخبار

هل يضع ترامب الإخوان على لائحة الإرهاب ؟!



هل يضع ترامب الإخوان على لائحة الإرهاب ؟!




سامح جميل

اتفاقا مع ما جاء فى مقال شرين حسين والمعنون بـ " أريد أن أقول" ومن خلال كتاب هناك كتاب مارك كورتيس «شئون سرية» الذى صدر فى عام 2010 والذى قد تنبّأ بالتحالف بين النخب المتعولمة والإخوان المسلمين. وترتكزت نبوءة الكتاب على التحليل التاريخي المقدّم حول التعاون بين السلطات البريطانية وتنويعه من المجموعات الإسلامية عبر العالم، مدلّلاً كيف أنّ تلك العلاقة لا تزال مؤثّرة في المشهد السياسي والاجتماعي للمنطقة بعد الثورات العربية.

الكتاب محدّث وشامل ومنجز بوضوح، يقدم لنا عملا مهنيا على درجة كبيرة من الأهمية. ليس الكتاب الاول من نوعه للمؤرخ البريطاني الذي يتابع التاريخ الحديث لبريطانيا. فمنذ كتابه «Ambiguities of Power: British Foreign Policy Since 1945» (التباسات السلطة: السياسة الخارجية البريطانية منذ ١٩٤٥ ) ومارك كورتيس يقرأ الأرشيف البريطاني ويزداد اقتناعا بأن «الحقيقة الأساسية هي أنّ بريطانيا مساهم رئيسي ومنتظم في كثير من عذابات العالم وفواجعه» عبر تدخلات عسكرية دموية، وانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ومناهضة التنمية الاجتماعية لصالح الفقراء. شغل المؤلف منصب المدير لـ«تيار تنمية العالم » وعمل بما هو زميل باحث في «تشاثام هاوس» واستكمل عمله فيه بنقد هذه الهيئة بتقديم ببراهين لسياسة المملكة المتحدة الخارجية في كتابه ‪A Web of Deceit  (شبكة من الخداع ) (٢٠٠٣) ومؤخراً Unpeople الذي يكشف كيف أنّ بريطانيا «تتحمّل مسؤولية أساسية» لموت حوالي 10 مليون بشري في العالم منذ 1945.
إنّ أدلة كورتيس وبراهينه مستقاة من قراءة تاريخية لمائة سنة من الوثائق المرفوعة عنها السريّة في أرشيف الحكومة البريطانية، وجميع مراجعه مفصّلة ومشار إليها بدقّة، في أكثر من ستين صفحة من الهوامش في نهاية الكتاب. وبالرغم من وجود قانون يتيح فتح أرشيف الحكومة بعد مرور ثلاثين عام  لكنّ العديد من تلك الملفّات المتعلقة بعلاقة بريطانيا بالإسلاميين بقيت سرّية كما أنّ ملفات أخرى تابعة لجهاز «الاستخبارات العسكرية رقم ٥» (MI5) وجهاز «الاستخبارات العسكرية رقم ٦» (MI6) مقفل عليها بالكامل.
ثانيا:  تواطىء عريق مع الإسلاميين:
يكشف كتاب «شؤون سرّية» وجود سياسات متسقة ومتماسكة لبريطانيا تجاه الإسلاميين. ففي «الشرق الأوسط» الذي تلى الحرب الكبرى الأولى، قامت بريطانيا، المسئولة في حينه عن العراق و فلسطين، بممارسة خيار استراتيجي معقّد لم ينجح في تحقيق الإجماع عليه. فبعد نشؤ دولة إسرائيل في نهاية الحرب «بقي هناك خلاف حول ما هي القوى التي يجب أن تتحالف معها بريطانيا...» (ص ٤١). فبدأ المسئولون البريطانيون يتطلعون إلى الإسلاميين من مختلف التوجهات على أنهم «متاريس ضد الشيوعية والحركات العلمانية في الشرق الأوسط» (ص ٤٣).
فكرة الكتاب الرئيسة هي أنّ الحكومات البريطانية، العمّالية منها كما المحافظة، «تواطأت لعقود مع القوى الإسلامية المتطرفة بما فيها المنظمات الإرهابية. ولقد تآمرت معها، وعملت الى جانبها وأحياناً درّبتها وموّلتها.» وقد ساعد التواطؤ المذكور بريطانيا على تحقيق هدفي سياستها الخارجية: «التأثير على المصادر الأساسية للطاقة والسيطرة عليها»، من جهة، و«تثبيت موقع بريطانيا في نظام مالي عالمي موائم للغرب» من جهة أخرى. وسواء كانت بريطانيا تتعامل مع دول داعمة للإرهاب الإسلامي، مثل السعودية او باكستان، أو مع منظمات ومجموعات مثل «الإخوان المسلمين» فقد حاولت باستمرار تقويض القوى العلمانية والقومية واليسارية في العالم العربي.
وقد أفاد «وايتهول» (مقرّ الحكومة البريطانية) من القوى الإسلامية الراديكالية في أربع طرق أساسية:
- كقوة عالمية مناهضة للإيديولوجيات العلمانية والقومية وللشيوعية السوفيتية
- في حالتي السعودية وباكستان، الراعيان الأساسيان للإسلام المتطرف، كانت القوى الإسلامية بمثابة «قبضة يد محافظة» لضرب القوميين العلمانيين وتعزيز مواقع الأنظمة المساندة للغرب
- كـ«قوات صدم» لزعزعة الحكومات أو إسقاطها عبر قوات مسلحة تحارب بالواسطة

-         كـ«أدوات سياسية» للتأثير على التغييرات من داخل الحكومات.

إن الإشارة إلى الهدفين أعلاه على أنهما بمثابة مصالح «قومية» لبريطانيا وصف مضلّل. إنها مصالح نخب سياسية وتجارية محدودة العدد. كانت بريطانيا الرسمية- بما فيها حزب «العمال الجديد» - لعقود من الزمن رائدة للبرلة التجارة العالمية والتحرير المالي خدمة لمصالح شركاتها ونخبها الأقتصادية حصرا. ,وقد سعت بريطانيا دائماً إلى تقليص دور الحكومات أو الدول في السياسات الاقتصادية ونظرت دائما الى النزعة الوطنية والقومية في الاقتصاد بعداء، مثل نظرتها الى النزعة الوطنية والقومية في السياسة. وإنّ بنية السياسة الخارجية البريطانية وتحالفاتها هي الى حد كبير نتيجة لتلك المصالح.

ثالثا:مصر: اتصالات وتمويل منذ ١٩٤٢:
في مصر حظيت جماعة الإخوان المسلمين برعاية العرش الموالي للانكليز الذي بدأ بتمويلهم منذ العام ١٩٤٠ حيث وجد فيهم الملك فاروق قوة يوازي بها قوة حزب الوفد العلماني والوطني، اكبر حزب سياسي في البلد، ويضعهم في وجه الشيوعيين. ويلاحظ تقرير للاستخبارات البريطانية في العام ١٩٤٢ «إن القصر بدأ يرى إن الإخوان مفيدون والقي برعايته عليهم». ( ص ٤٠)
ويبدو أن البريطانيين أنفسهم بدءوا يمولون الإخوان في العام ١٩٤٢. في ١٨ مايو من ذاك العام عقد موظفون في السفارة البريطانية اجتماعا مع رئيس الوزراء المصري أمين عثمان باشا نوقشت خلاله العلاقات مع الإخوان المسلمين. وتقرر أن «المساعدات المالية السرية من حزب الوفد إلى الإخوان المسلمين سوف تتكفل بدفعها الحكومة المصرية وأنها سوف تطلب عونا ماليا في هذا الشأن من السفارة البريطانية».
بالإضافة إلى ذلك، اتفق على أن تدخِل الحكومة المصرية «عملاء موثقين إلى صفوف الإخوان لمراقبة نشاطاتهم على نحو حثيث واعلامنا [السفارة البريطانية] بالمعلومات التي يحصل عليها هؤلاء العملاء. ونحن من جانبنا، سوف نزود الحكومة بمعلومات بما نحصل عليه عن طريق مصادرنا بريطانية» (ص ٤٥)
وتفيد وثائق رفعت عنها السرّية عن لقاء بين مسئولين بريطانيين واخوانيين عقد في ٧ فبراير ١٩٥٣ ابلغ فيه احد مسئولي الجماعة، المدعو أبو رقايق، المستشار الشرقي للسفارة البريطانية، تريفور إيفانس: «إذا بحثت مصرْ في أنحاء العالم كلها عن صديق فلن تجد اقرب لها من بريطانيا». وفسّرت السفارة البريطانية في مصر هذه الملاحظة على أنها تدل على «وجود فريق في قيادة الإخوان مستعد للتعاون مع بريطانيا، ولكن ليس مع الغرب عموما (لأنهم لا يثقون بالأميركيين)».
في ذلك الحين، وحسب تقارير الخارجية البريطانية، كانت الحكومة المصرية بالتنسيق مع السلطات البريطانية تقدم «رشاوى ضخمة» إلى حسن الهضيبي، المرشد الجديد للإخوان بعد اغتيال حسن البنا، من اجل الحيلولة دون أن تخوض الجماعة المزيد من عمال العنف ضد النظام.
في العام ١٩٥٥ كان موظفون بريطانيون يراقبون عن كثب نشاطات الإخوان المناهضة لنظام الرئيس جمال عبد الناصر، واعترفوا بأنهم قادرون على أن يشكلوا تحديا كبيرا له. وثمة ما يدل أيضا على أن البريطانيين اجروا اتصالات بجماعة الإخوان في أواخر ١٩٥٥ عندما زار وفد من الإخوان الملك فاروق في منفاه بايطاليا للبحث في إمكانية التعاون ضد عبد الناصر. وقد زوّد الملك حسين الإخوان بجوازات سفر دبلوماسية لتسهيل تنقلاتهم وتحركاتهم فيما السعوديون وفّروا التمويل. ويبدو أن السي.آي.إي شجعت تمويل العربية السعودية للإخوان من اجل العمل ضد عبد الناصر، حسب رواية عميل السي أي أيه السابق، روبرت باير (ص ٤٦)..
وفي أغسطس ١٩٥٦، كشفت السلطات المصرية شبكة جاسوسية بريطانية واعتقلت أربعة بريطانيين، بينهم جايمس سوينبرن، مدير إدارة «وكالة الأنباء العربية» وهي واجهة لجهاز المخابرات العسكرية البريطاني MI6 في القاهرة، وطرد أيضا دبلوماسيان اتهما بتجميع معلومات استخباراية. ويبدو من أقوال الدبلوماسي البريطاني دورل، أن الدبلوماسيين كانا على صلة بـ«عناصر طلابية ذوي ميول دينية » بغرض «التشجيع على اضطرابات للأصوليين توفر مبررا لتدخل عسكري بحجة حماية أرواح الأوروبيين». (ص ٥٨)
وعندما غزت بريطانيا مصر في العام ١٩٥٦ تطورت الخطط لإسقاط عبد الناصر. تم الغزو بناء على معرفة مسبقة بأن الإخوان المسلمين سوف يشكلون النظام الجديد. وبعد وفاة عبد الناصر العام ١٩٧٠ رعى الرئيس أنور السادات سرّا خلايا إسلامية جهادية لمواجهة القوميين والشيوعيين، وكان لا يزال المسئولون البريطانيون يزكّون جماعة الإخوان المسلمين على أنها «سلاح مناسب» يمكن للنظام استخدامه. (ص ٦٣) لكنّه تبيّن أن تشجيع الأسلمة سيف ذو حدّين، حيث أنّ اتفاق السلام مع إسرائيل انتهى بالسادات مغتالاً من قبل الجهاد الإسلامي عام ١٩٨١.



إرسال تعليق

0 تعليقات