آخر الأخبار

أبطال ملحمة رأفت الهجان

 أبطال ملحمة رأفت الهجان





سامح جميل


كانت فكرة عمل مسلسل يكرم العميل المصري ” رفعت الجمال ” والذي حمل اسم ” رأفت الهجان ” الذي استطاع اختراق المجتمع الإسرائيلي والحصول على معلومات هامة أفادت الجانب المصري في عدوان 56 وحرب أكتوبر 73 هامة جدا إلا أنها أيضا كرمت ضابط المخابرات الذي استطاع زرعه.
وكانت شخصية الفنان يوسف شعبان في المسلسل هي ” محسن ممتاز ” الذي استطاع زرع رأفت الهجان بين اليهود ومساعدته في الهجرة إلى إسرائيل والتغلغل داخل المجتمع الإسرائيلي لشخصية حقيقية.
وكانت هذه الشخصية للواء عبد المحسن فائق أحد مؤسسي جهاز المخابرات المصري والذي استطاع زرع رفعت الهجان هناك وبعد أن خرج من الخدمة جرى تعيينه وكيلا لوزارة التموين المصرية.
واللواء عبد المحسن فائق من الضباط الأحرار الذين شاركوا في ثورة يوليو 1952 وبعدها انتقل للعمل بالمخابرات المصرية وكان وقتها وليدا ولا يزال أمامه الكثير كي ينهض شانه شان مخابرات الدول الأوروبية.
وجاء اختيار اسم ” محسن ممتاز ” ليكون تكريما وتخليدا للرجل فالاسم الأول مشتق من ” عبد المحسن ” والاسم الثاني ” ممتاز” مشتق من ” فائق ” ليكون اختيار الاسم بمثابة قصد وإصرار على تكريم الرجل الذي خدم مصر...!!
عبد العزيز الطودي
وقع الضابط عبدالعزيز الطودى فى الأسر لدى إسرائيل عام 1956، وطوال ستة أشهر هى عمر هذه التجربة، كان يختزن فى داخله الكثير مما يراه ويسمعه،و«كان للأسر مفعول السحر فى شخصيته كضابط مخابرات، إذ كانت تلك التجربة المريرة هى الدافع له لتحقيق نصر من نوع خاص على العدو»..فمن هو هذا الرجل الذى رحل وهو فى الظل يوم 17 سبتمبرعام 2004..
هو ممن ساهموا فى صنع أمجاد وطنية فريدة لمصر قدمها جهاز المخابرات العامة، لكنه «عاش أصعب لحظات اكتئابه، وقت توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979، ثم وقت سقوط بغداد تحت الاحتلال الأمريكي عام 2003»، ويتفرد فى تلك الأمجاد بقصته مع «رفعت الجمال» الذى هو «رأفت الهجان» فى المسلسل الدرامى الذى حمل نفس الاسم، حيث كان «ضابط الحالة» الذى أعاد اكتشاف «الجمال» بعد أن نجحت المخابرات المصرية فى زرعه داخل إسرائيل، وأصبح يتابعه يوميا لسنوات طويلة، حتى أنه قال لمحاميه وصديقه «عمر حجاج»: «كنا نتابعه وهو فى إسرائيل ونشاهده كما لو كنا نجلس معا فى حجرة واحدة»..
و منطقة «منيل الروضة» بالقاهرة، شهدت مولد الطودى يوم 3 نوفمبر 1932، وذاق اليتم برحيل والده وهو فى الرابعة من عمره، فتولت أمه تربيته برعاية جده لأمه الشيخ إبراهيم أحد علماء الأزهر الشريف، والتحق بالكلية الحربية ثم تخرج فيها فى نوفمبر عام 1951..هو بذلك عاش فترة ازدهار النضال الوطنى ضد الاحتلال الإنجليزى وتأثر بها، مما جعله ووفقا لابنه عمر: «فى عام 1956 طلب من قادته أن يلتحق باللواء المزمع تسييره إلى منطقة «دير البلح» فى قطاع غزة، وقت العدوان الثلاثى «بريطانيا وفرنسا وإسرائيل» على مصر، وتم أسره فى هذه المرحلة وبقى ستة شهور ثم عاد»، و «فى الأيام الأولى لعام 1958 انتقل إلى نضال من نوع آخر، عندما اختير ضمن عشرة ضباط جدد صدر قرار بإلحاقهم بجهاز المخابرات العامة، وكانت دفعته هى الثانية بعد الدفعة الأولى التى التحقت بالجهاز، وضمت عبدالمحسن فايق «محسن ممتاز» فى مسلسل رأفت الهجان، ومحمد نسيم «نديم قلب الأسد»، واستمر «الطودى» فى الخدمة حتى عام 1977».
وأثناء خدمته كضابط مخابرات، نفذ مهام خاصة كسفره إلى الجزائر مع زميله «على زكى»، وقت اندلاع الكفاح المسلح للثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسى أما قصته مع «رفعت الجمال» فكانت دراما من نوع خاص، حيث «تعرف عليه وهو فى السادسة والعشرين من عمره، ثم فرقهما القدر وقد تخطى الخمسين»، بوصف صالح مرسى فى مقدمته لروايته «رأفت الهجان»، ويكشف سبب تحريضه لكتابتها، مشيرا إلى أن «الطودى» كتب القصة فى عدة أوراق تم تقديمها إليه «قدمت لى فى أحد أيام الصيف بالتحديد فى يونيو 1985، فاعتذرت عن عدم قراءتها لأسباب شخصية، ثم قدمت لى مرة ثانية وثالثة فى كرم لست أنكره وقد لا أستحقه، واعتذرت أيضا.. كنت أتملص محاولا الخروج من شرنقة هذا النوع «الجديد» من الأدب، وأنا أشعر أنى- بما قدمت منه– أديت واجبى نحو وطنى وأمتى العربية».. يؤكد مرسى: «فى المرة الرابعة ما إن وقعت عيناى على أول الكلمات فى تلك الأوراق، حتى وجدتنى أهوى معها إلى هوة بلا قرار.. وجدتنى أغيب عن الوعى لثلاث ساعات كاملة.. كانت السطور ملخصا كتبه «ضابط الحالة»، لكنها كانت ترفعنى إلى السماء ثم تهوى بى إلى الأرض فى واقع أسطورى شديد الغرابة.. وفى سطور أخرى كنت أصفق كصبى بهره «الشجيع» على الشاشة وقد انتصر على أبطال الشرور.. وعندما كنت أقرأ كيف عرض حزب «الماباى» الإسرائيلى على «رأفت الهجان» أو «ديفيد شارل سمحون» أن يرشح نفسه للكنيست الإسرائيلى، أحسست بزهو من أنجب عملاقا".



إرسال تعليق

0 تعليقات