ليس بالبنك الدولي فقط تحيا الشعوب
د.
محمد ابراهيم بسيوني
أقساط الديون
وفوائدها ٨٥٠ مليار جنيه سنويا.
جملة إيرادات
الدولة ٩٣٠ مليار جنيه، أي أن معظم إيرادات الدولة يأكلها قسط الدين وفوائده، فهل
الباقي يكفي للإنفاق علي نشاطات الدولة المختلفة؟؟
حينما
سُئل وزير المالية في أحد البرامج قال بكل أريحية، سنستدين مجددا.
حجم القروض زاد
عن 65 مليار دولار, بمتوسط يبلغ 40 مليون دولا يوميا. أصبحنا نقترض لسداد الديون.
صحيح أن القروض أنواع، قصير الأجل، ومتوسط الأجل، وطويل الأجل.
وان معظم
الديون المصرية طويلة الأجل وبفائدة واحد في المئة، وان دول العالم تقترض عندما
تكون فى حاجه إلى تمويل مشروعاتها التنموية لعدم المساس برصيدها القومي. لكن
الحقيقة تقول أن مصر خسرت جزء كبير من رصيدها القومي من 2011 وقد تم تعويضه بأضعاف
ما كان عليه ويتم سداد أقساط الديون أولا بأول.
وان اقتصاد مصر
مطمئن بشهادات عالمية.
لكن ليس بالقروض
والبنك الدولي فقط تبني البلاد.في الثمانينات من القرن الماضي مرت البرازيل بأزمة
اقتصادية طاحنة، فذهبت للاقتراض من صندوق النقد الدولي معتقدة أنه الحل لأزمتها
الاقتصادية وطبعا طبقت حزمة الشروط المجحفة مما أدى إلى الآتي:
- تسريح ملايين
من العمال
- وخفض أجور
باقي العاملين
- وإلغاء الدعم
- وانهار
الاقتصاد البرازيلي
- وصل الأمر إلى
تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل
- فرض البنك
الدولي على الدولة أن تضيف إلى الدستور مجموعة من المواد تسببت في اشتعال الأوضاع
السياسية الداخلية.
ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط تفاقمت الأزمة أكثر وأكثر وأصبح 1% فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، الأمر الذي دفع قادة البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار معتقدين أنه الطريق للخروج من الأزمة فتدهورت الأمور أكثر وأصبحت البرازيل كالأتي:
- الدولة الأكثر
فسادا وطردا للمهاجرين
- والأكبر في
معدل الجريمة
- كثرة تعاطي
المخدرات
- كثرة الديون
في العالم (الدين العام تضاعف 9 مرات فى 12 سنة) حتى هدد صندوق النقد بإعلان إفلاس
البرازيل لو لم تسدد فوائد القروض ورفض إقراضها أي مبلغ في نهاية 2002.
- وانهارت
العملة (الدولار وصل إلى 11 الف كروزيرو).
- دولة كانت
تحتضر بمعنى الكلمة.
حتى جاء عام
2003 وانتخب البرازيليين رئيسهم (لولا دا سيلفا) ولد فقيرا وعانى بنفسه من الجوع
والاعتقال السياسي. وأول ما تسلم الحكم الكل خاف منه رجال الأعمال قالوا هذا سوف
يأخذ أموالنا ويؤممنا. والفقراء قالوا هذا سوف يسرق لكي يعوض الحرمان. لكن لم يفعل
ذلك. قال كلمته الشهيرة "التقشف ليس أن أفقر الجميع بل هو إن الدولة تستغني
عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء وقال كلمته الشهيرة (لم ينجح أبدا صندوق النقد
إلا في تدمير اقتصاد البلدان).
اعتمد على أهل
بلده ووضع بند في الموازنة العامة للدولة اسمه (الإعانات الاجتماعية المباشرة)
وقيمته 0.5% من الناتج القومي للدولة يصرف بصورة رواتب مالية مباشرة للأسر
الفقيرة. يعنى بدل الدعم العيني بدعم نقدي وهذا الدعم كان يدفع ل 11 مليون أسرة
تشمل 64 مليون برازيلي هذا الدعم كان 735 دولارًا (حوالى 13 ألف جنيه لكل أسرة
شهريا).
اضطر لرفع الضرائب
على الكل (ما عدا المدعومين ببرنامج الإعانات) يعني عمل الآتي:
- رفع الضرائب
على رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب والسؤال هل وافق رجال الأعمال على ذلك
ببساطة ؟! تخيل أنهم كانوا سعداء لأنه منحهم فرص:
- تسهيلات كبيرة
في الاستثمار
- آلية تشغيل
وتسيير أعمالهم
- منح الأراضي
مجانا وتسهيل التراخيص
- وإعطاء قروض
بفوائد صغيرة لمساعدتهم في فتح أسواق جديدة (بالإضافة إلى أن الفقراء دخلهم سوف
يرتفع وتزيد عملية شراء منتجات رجال الأعمال فتضاعف حجم مبيعاتهم).
بذلك لم يشعروا
أنها جباية بل يدفعوا ضرائب مقابل تسهيلات أصبحوا يكسبوا اكتر منها. وبعد 3 سنين
فقط عاد 2 مليون مهاجر برازيلي وجاء معاهم 1.5 مليون أجنبي للاستثمار والحياة في
البرازيل.
في 4 سنوات سدد
كل مديونية صندوق النقد بل إن الصندوق اقترض من البرازيل 14 مليار دولار أثناء
الأزمة العالمية في 2008 بعد 5 سنين فقط من حكم لولا دا سيلفا .. (هو نفس الصندوق
الذي كان يريد أن يشهر إفلاس البرازيل في 2002 ورفض إقراضها لتسدد فوائد القروض).
بفضل تركيز دا سيلفا على 4 أمور وهم :
- الصناعة
- التعدين
- الزراعة
- التعليم
البرازيل وصلت
لسادس أغنى دولة في العالم في آخر عام لحكمه وأصبحت تصنع الطائرات (أسطول طائرات
الإمبريار برازيلية الصنع). بعد انتهاء ولايتي حكم لولا في 2011 وبعد كل هذه
الإنجازات الحقيقية. طلب منه الشعب أن يستمر ويعدلوا الدستور فرفض بشدة وقال كلمته
الشهيرة "البرازيل ستنجنب مليون لولا .. ولكنها تملك دستور واحد" ...
وترك الحكم.
البرازيل دشنت
أول غواصة نووية مع العلم ان 5 دول في العالم تصنع غواصات نووية وهم (امريكا -
روسيا - الصين - بريطانيا - فرنسا). أول غواصة كانت بالتعاون مع فرنسا ولكنها
ستدشن الغواصة الثانية في 2020 والثالثة فى 2022 بصناعة برازيلية خالصة.
النهوض من
التخلف ليس مستحيلا بل إنها إرادة وإدارة ويحدث في سنوات معدودة فقط والطريقة
معروفة ومحددة جدا على هذا الكوكب الجميل :
- الصناعة
- والزراعة
- والاهتمام
بالفئات الفقيرة
- والتعليم
لا شيء آخر.
وهذا ما فعلته ألمانيا واليابان في الستينات. وكذلك دول دول شرق آسيا في
الثمانينات. وهذا ما بدأته الهند في التسعينات. هذا ما حققته تركيا والبرازيل في
2003. وهذا هو نهج وخط سير أثيوبيا ورواندا من 2015 إلى الآن.
-----------
عميد
طب المنيا السابق
0 تعليقات