آخر الأخبار

البغدادي أين وإلى أين ؟!



البغدادي أين وإلى أين ؟!




أكد مسئول أمني عراقي أن قتل أبي بكر البغدادي أمر بالغ الأهمية في الحرب التي يخوضها العراق مع “داعش”، بغض النظر عن أهمية الرجل في التنظيم وفي العمليات التي ينفذها. البغدادي هو “الخليفة”، وفي تنظيم كـ”داعش” سيكون قتله خطوة ضرورية للقضاء على التنظيم.
ولعل ظهور البغدادي في شريط فيديو أخيراً، يعزز ما أشار إليه المسئول العراقي، لا سيما بعد الهزائم الميدانية المتتالية التي مني بها التنظيم. لكن وفي موازاة هذه الهزائم كشف أكثر من مسئول أمني عراقي التفاهم أن معارك يومية ما زالت تشهدها مناطق واسعة في العراق مع مجموعات من التنظيم انتشرت في الصحراء الشمالية والغربية من العراق، وثمة قتلى يسقطون يومياً من التنظيم ومن الجيش العراقي.
وقال لواء في الجيش :التهديد الداخلي حقيقي ولا يجب الاستهانة به. فبعد هزيمته عام 2018، بدأ التنظيم إعادة تشكيل قوته محلياً على شكل 3 قواطع”. وأضاف: “القاطع الأول غرب الموصل وصولاً إلى الحدود السورية وجنوباً إلى الرطبة والنخيل. وعملية التنقل في هذا القاطع تتم عبر رعاة الأغنام والبدو.
 والقاطع الثاني يشمل مناطق البعاج والحضر وبيجي في محافظة صلاح الدين وصولاً إلى سامراء. في هذا المحور، شكل التنظيم مفارز تبعد الواحدة من الأخرى بين 5 و10 كيلومترات. ومسؤولو المفارز هم من أهل المنطقة وممن يجيدون التعامل مع سكان القرى ويعرفون شبكة الطرق معرفة جيدة.
 والمحور الثالث وهو الأصعب ويقع في منطقة كركوك، حيث جبال حمرين ومكحول وخانوعة، وبين هذه الجبال وديان صعبة، منها وادي الشاي الذي يبلغ طوله نحو 60 كيلومتراً”.
المواجهات المستمرة مع التنظيم في مناطق الشمال والغرب في العراق تحصد يومياً بين 5 و7 قتلى من الجيش العراقي، بحسب الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية هشام الهاشمي. ويشير مسئول في الاستخبارات العراقية إلى أن التنظيم نفذ بعد هزيمته في الموصل وحدها عام 2018، نحو 68 عملية اغتيال لمخاتير في المدينة. ويشير المسئول أن للتنظيم إستراتيجية ينفذ على أساسها الاغتيالات، وتتمثل أولاً في استهداف مخاتير الأحياء والمتعاونين مع القوى الأمنية بحيث تصبح القواطع عمياء، وفي المرحلة الثانية يبدأ استهداف “السيطرات” والقضاة ومراكز القوى الأمنية.
 وفي المرحلة الثالثة، يبدأ التنظيم مساعيه لـ”التمكين”، من أجل السيطرة مجدداً على مناطق في المدن وفي الصحراء.
و”داعش” باشر على ما يبدو استثماره في ضائقة السكان المحليين الاقتصادية والمذهبية، وهو استفاد إلى حدٍ كبير من شبكة “أطفال الخلافة” التي أنشأها في سنوات سيطرته على تلك المناطق. فقبل أيام قليلة نفذ انتحاري من مواليد عام 2003 عملية في حي الانتصار في القسم الأيسر من مدينة الموصل. هذا الفتى والده في السجن بتهمة ترويج مخدرات، وشقيقه في السجن أيضاً بتهمة إرهاب، وهو كان عمره 11 سنة حين دخل التنظيم إلى الموصل وتم تجنيده في “أطفال الخلافة”. ويقول المسئول الاستخبار إن هؤلاء الفتية يستفيدون في تحركهم من كونهم خارج الرصد الأمني، وهم معبئون فكرياً بحيث يصعب ردعهم عن تنفيذ ما يكلفون به”.
ويجمع الأمنيون في العراق على أن “داعش” ما زال التنظيم الإرهابي الأغنى في العالم، وأن مصادر تمويله ما زالت قائمة، وأن أطرافاً كثيرة ما زالت تتعامل معه مالياً كحقيقة ميدانية لا يمكن تفاديها. في المساحات التي يظهر فيها التنظيم في الصحراء ما زال يتقاضى دولاراً واحداً عن كل برميل نفط تنقله الحافلات من المناطق الشرقية، إلى إيران عبر طريق علاس وعجيل وليلان، أو في المناطق الغربية إلى الأردن، علماً أن الميليشيات الكرديةوغيرها تتقاضى أيضاً خمسة دولارات على كل برميل نفط يمر في مناطق سيطرتها في الصحراء. ويشير مسؤول أمني إلى تمويل خارجي لـ”داعش” يتمثل في شركات أنشأها التنظيم لاستثمار أمواله، لا سيما في تركيا، وهذه الشركات ما زالت تدر عليه عائدات ليست قليلة. وقال: “نحن نعرف الكثير عن هذه الشركات لكن لا ندري ما إذا كانت السلطات التركية تعرف عنها”.
ويبدو أن التنظيم باشر عمليات جباية منظمة في الكثير من المناطق المدينية أيضاً، فقد وزعت الشرطة العراقية الأسبوع الفائت صورة لمجموعة من التنظيم، قالت إنها ألقت القبض عليها أخيراً ومهمة أعضائها نقل الأموال للتنظيم. علماً أن “داعش” كان مهد لاحتلال الموصل عام 2014، بسيطرة موازية باشرها عام 2013، فرض خلالها اتاوات على تجار المدينة، قدرت في حينها بملايين الدولارات، وهي مكنته من إنشاء شبكة علاقات محلية استثمرها في انقضاضه على المدينة.
يبدو أن التنظيم أراد من وراء بث شريط البغدادي ، استئناف مساعيه لـ”التمكين”، مستفيداً من حال الانقسام الحاد التي يشهدها العراق ومن اضطراب أحوال السكان في المحافظات الشمالية والغربية، لا سيما أن التقديرات تذهب إلى أن عدد من يشملهم تصنيف “عائلات الدواعش”، يبلغ حوالى 230 ألف عراقي. وفي هذا السياق، أشار مسؤول عسكري عراقي إلى أن المساعي الأمنية والعسكرية لمحاصرة التنظيم يوازيها استعصاء سياسي وعجز عن إدارة مرحلة ما بعد هزيمة التنظيم في المدن العراقية. ويبدو أن مخيمات النازحين هي المكان النموذجي لاحتمالات الاستثمار.
القوى الأمنية والعسكرية العراقية تدرك أهمية القضاء على البغدادي في حربها على “داعش”، ويشير مسؤول فيها إلى “تعقبه عن قرب عبر مقربين منه، وعبر شبكات قرابية لهم”. لكن في مقابل ذلك، يشير أحد شيوخ العشائر إلى أن المساحات التي من المحتمل أن يتحرك فيها زعيم “داعش” واسعة جداً، وأن أريافاً فيها مئات القرى المهجورة هي مناطق ما زال التنظيم يسيطر عليها. وهذه القرى هي نفسها المناطق التي يواجه أهلها صعوبات بالعودة إليها نظراً لاعتبارهم “البيئة” التي التحقت بالتنظيم، ومعظمهم اليوم يقيم في مخيمات العزل.



إرسال تعليق

0 تعليقات