سياسة الصفقة
د. محمد ابراهيم بسيوني
ابتدع الرئيس ترامب أسلوباً
جديداً فى السياسة الدولية أربك به قادة دول العالم الحلفاء والأعداء وأصبحنا أمام
مفاجآت ترامبية يومية فى شكل قرارات وتعليقات وسلوكيات غير مسبوقة فى المجتمع
الأمريكى ومناطق العالم والأمم المتحدة ومنظماتها الفاعلة. احتار المتابعون فى فهم
النسق العام لسياسة الرئيس ترامب حتى رأيت كتابه "الصفقة" الذى يقدم فيه
الرئيس خلاصة فلسفته وخبرته فى الأعمال التجارية الناجحة والمبهرة التى يملكها
وينفذها فى العديد من دول العالم. وفى الكتاب يشرح الرئيس أسلوب الفوز بالصفقة من
خلال التفاوض ويقول إن أفضل طريقة لكسب المفاوضات أن تفاجئ خصمك بسيل من المعلومات
والاتهامات حتى تحاصره تماماً وتصنع له عشرات المشكلات حتى تدفعه إلى أن يقدم هو
بنفسه الحلول لها، وحينها تستطيع أن تعظم من مكاسبك فى الصفقة ويقدم خصمك لك بنفسه
بدائل ترضيك، فتختار ما يناسبك. وبهذا الأسلوب تدخل وتخرج من التفاوض وأنت كسبان
دائماً.
ينفذ الرئيس ترامب فى السياسة
ما أجاده فى التجارة والأعمال، فهو يعلن بوضوح أنه ضد الحرب وأن المشكلات تحل
بالتفاوض، فيتجه فكر الجميع إلى أنماط التفاوض المعروفة، حيث ترتكز كل نظريات
التفاوض على مبدأ حرص كلا طرفى التفاوض على الآخر والوسطية فى الحوار وسلمية
الآليات المستخدمة للضغط وصولاً إلى حل يُرضى الطرفين، لكن فلسفة وأساليب وهدف
التفاوض عند الرئيس ترامب تختلف تماماً.
وتبدو سياسة الصفقة فى هذه
القرارات المتتالية للرئيس الأمريكى فى تغيير الطاقم الأمريكى المعاون له، التى
أربكت حسابات الجميع وزادت معها قوة الرئيس رغم المعارضة ضده. كما نراها فى
العلاقة بين ترامب وبوتين وفى سوريا وكوريا الشمالية ومع القرارات الاقتصادية
الترامبية تجاه الاستيراد من الصين وأوروبا ومع حلفائه الخليجيين والمؤكد أننا
سنراها كثيراً فى الأحداث القادمة.
0 تعليقات