الاشرف قلاوون يسترد صيدا من الصليبيين
سامح جميل
فى مثل هذا
اليوم من عام 1291م المماليك بقيادة الأشرف قلاوون يستردون مدينة صيدا من أيدي
الصليبيين، وبذلك قضي على الوجود الصليبي تمامًا في الشام بعد أن ظل نحو مائتي عام.
الملك الأشرف
صلاح الدين خليل بن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي النجمي (وُلد
في القاهرة في عام 666 هـ/1267 م - توفى في تروجة قرب الأسكندرية في 12 محرم 693هـ
/ 31 ديسمبر 1293م)، هو ثامن سلاطين الدولة المملوكية البحرية
تولّى شؤون
الحكم إلى جانب والده لفترة قصيرة من الزمن، وبعد وفاة الأخير نُصب خليل سلطانًا
في عام 1290 وبقي حتى اغتياله في ديسمبر 1293.
يُعتبر من
أبرز سلاطين الأسرة القلاوونية والدولة المملوكية. أشهر إنجازاته فتح عكا والقضاء
على آخر معاقل الصليبيين في الشام، بعد أن استمر وجودهم فيها مائة وستة وتسعين سنة.
في عام 1289
قضى السلطان قلاوون على كونتية طرابلس الصليبية وحرر طرابلس من قبضة الصليبيين ثم
قرر في العام التالي تحرير ثغر عكا الذي كان من بقايا مملكة بيت المقدس الصليبية،
إلا أنه ولفرحة سكانها الصليبيين توفي في شهر نوفمبر قبل أن يبدأ بالمسير. فلما
تولى الأشرف خليل السلطنة قرر المسير إلى عكا لفتحها وإنهاء الاحتلال الصليبي لها،
فأرسل إلى "وليام أوف بوجيه"،رئيس طائفة فرسان المعبد (الداوية) بعكا
يعلمه بأنه قد قرر الهجوم عليها وطلب منه عدم إرسال رسل أو هدايا إليه لأن ذلك لن
يثنيه عن مهاجمة المدينة.إلا أن عكا أرسلت إلى القاهرة وفدًا محملًا بالهدايا
يرأسه فيليب ماينبوف لاسترجاء الأشرف بالعدول عن خطته وضرورة الحفاظ على المعاهدة
فرفض الأشرف خليل مقابلتهم وقام بحبسهم.
قام الأشرف
بتعبئة جيوشه من مصر والشام والتي كانت تضم أعدادًا كبيرة من المتطوعين وآلات
الحصار التي كانت تشمل اثنين وتسعين منجنيقًا. بعض العرارات الضخمة كانت تحمل
أسماءً مثل "المنصوري" و"الغاضبة" وكانت هناك مجانيق أصغر
حجمًا ولكن ذات قوة تدميرية هائلة اسمها "الثيران السوداء". احتشدت
الجيوش عند قلعة الحصن في جبال الساحل السوري ثم انضم إليها جيش مصر الذي خرج به
الأشرف خليل من القاهرة.انضمت أربعة جيوش يقودها نواب السلطان، جيش دمشق يقوده
حسام الدين لاجين، وجيش من حماة يقوده المظفر تقي الدين، وجيش من طرابلس يقوده سيف
الدين بلبان، أما الجيش الرابع فقد كان من الكرك وكان على رأسه الأمير المؤرخ
بيبرس الدوادار. وقد كان في جيش حماة أمير مؤرخ آخر هو أبو الفداء.
كان
الصليبيون في عكا يدركون منذ فترة خطورة موقفهم، وكانوا قد أرسلوا إلى ملوك وأمراء
أوروبا يطلبون منهم العون والمساعدة إلا أنهم لم يصلهم من أوروبا دعم يذكر. قام
ملك إنجلترا إدوارد الأول بإرسال بعض الفرسان. الدعم الوحيد الذي كان ذا أهمية جاء
من هنري الثاني ملك قبرص الذي قام بتحصين أسوار عكا وأرسل قوة عسكرية على رأسها
أخوه "أمالريك". كانت عكا محمية برًا عن طريق سورين مزدوجين سميكين
واثنا عشر برجًا شيدها الملوك الأوروبيون وبعض أثرياء حجاج بيت المقدس. كانت
الأسوار مقسمة على الطوائف والفرق الصليبية بحيث تكون كل طائفة (فرسان المعبد،
الاسباتريه، فرسان التيوتون الألمان وغيرهم) مسؤولة عن حماية قسمها.
وبعد فتح عكا
أنهى الأشرف خليل عملية تقويض الحلم الصليبي التي كان قد بدأها الناصر صلاح الدين
وأكملها الظاهر بيبرس والسلطان قلاوون.
بسقوط عكا
والمراكز الصليبية على ساحل الشام تبخر الحلم الصليبي الذي عمل الصليبيون خلال
مائتي عام على تحقيقة بكل جد ودون كلل وكلفهم المال والرجال. بعد سقوط عكا حاول
بابا الكاثوليك "نيقولا الرابع" فعل شيء يعيد للصليبيين مكانتهم
وهيبتهم، وقام فور سماعه بسقوط عكا بتحميل عشرين سفينة بالمقاتلين في أنقونا وجنوا
وأرسل بها إلى قبرص، وقامت تلك السفن بعد أن انضمت إليها سفن الملك هنري بغارة
فاشلة على حصن تركي على ساحل الأناضول وغارة كر وفر على مدينة الإسكندرية في مصر،
غلًا وحقدًا على انتصارات الأشرف وجيش الممالييك ولكن البابا نيقولا مات في سنة
1292 دون تحقيق أكثر من ذلك.
أما ملوك
أوروبا فقد دخلوا في صراعات داخلية كالحرب المريرة التي نشبت بين فرنسا وإنجلترا
في عام 1293 ولم يعد في استطاعتهم تنظيم حملات صليبية جديدة. أما فرسان المعبد فقد
كانت نهايتهم مأساوية في أوروبا بعد أن تورطوا في مشكلات مالية مع ملك فرنسا فيليب
الرابع واتهمهم البابا كليمينت الخامس بالهرطقة فتم الاستيلاء على ثرواتهم ولعنوا
وألقي بهم في النار..
صراعات
داخلية واغتيال الأشرف خليل:
في 21 ديسمبر
1293، وبينما الأشرف يتجول مع صاحبه الأمير شهاب الدين أحمد بن الأشل، جاءه بيدرا
والمتآمرون معه وكان من بينهم لاجين وألطنبغا رأس نوبة واغتالوه بسيوفهم...!!
0 تعليقات