أساسيات المذهب الشيعي (1)
صلاح الوردانى
اعتبر البعض ما ذكرت حول
الشيعة مجرد نقد عابر لظواهر وسلوكيات متواجدة في أي مذهب..
وأنه مجرد إنشاء ورد فعل ناتج
عن تجربتي الشخصية..
وأن القضايا التي أثرتها ليست
من شأني ، وإنما هى من شأن المتخصصين..
والمقصود بالمتخصصين هم
الفقهاء بالطبع..
وهذه مغالطة كبيرة ، وعدم فهم
لطبيعة الأديان وأدوار الرجال فيها..
وقد بينا ذلك في مقالات لنا
سابقة على هذه الصفحة حول مفهوم الدين ودور الرجال في دائرته..
وقد فتح هؤلاء على أنفسهم باب
لا يسد..
وهوما دفع بي إلى البدء في
تشريح أساسيات المذهب الشيعي ومعرفة مدى أسانيده ومرتكزاته..
وبداية يجب علينا أن نحدد كيف
نشأ الفقه الشيعي..؟
وكيف نشأت المرجعية..؟
وبالطبع هذا الأمر يحتاج إلى
توسع لا تحتمله المقال..
إلا أننا سوف نقدم مجموعة من
المعلومات المركزة وعلى القارئ إن أراد التوسع أن يلجأ إلى المصادر المعتمدة..
- يعد الشيخ ابن بابويه القمي
(ت عام 329هـ) هو أول من ابتكر طرح الأسانيد وجمع النظائر، وكذلك الصدوق (ت عام
381هـ) الذي وصلت مؤلفاته الثلاثمائة كتاب، ومن أشهر كتبه كتاب من لا يحضره الفقيه
، وهو أحد الكتب الأربعة الأساسية عند الشيعة..
وجاء من بعدهم الشيخ المفيد (
ت عام 413هـ ) رائد التجديد فى ميدان علم الكلام والفقه والتاريخ، وتبلورت حركة
التجديد بعد ذلك على يد الشيخ الطوسى (ت عام 460 هـ) وهو من تلامذة المفيد والشريف
المرتضى ..
وهؤلاء رغم ما ابتكروه وقدموه
لم يكونوا مراجع بالمعنى السائد اليوم..
ولم تكن فكرة المرجعية قد
تبلورت بالصورة التي عليها الآن..
ويلاحظ أن حركة تدوين وتأصيل
الفقه هذه بدأت بعد الإمام الحادي عشر..
أي في مرحلة الغيبة حسب التصور
الشيعي..
ويلاحظ أيضاً أن الشيخ المفيد
رفض الكثير من مظاهر الغلو الشيعية السائدة في عصره والمستمرة حتى اليوم..(راجع
كتابه تصحيح الاعتقاد)
والسؤال الذي يفرض هنا : هل
قبل الواقع الشيعي هؤلاء الفقهاء ودان لهم..؟
والجواب لا، فقد تصدى لهم
الفقهاء والعامة الذين عدوا ما فعله هؤلاء بدعة وخروج عن نهج أهل البيت..
وهنا وقع الانقسام الأول في
تأريخ فقهاء الشيعة..
وانقسم الشيعة إلى مذهبين :
- مذهب يرى ضرورة التمسك
بروايات أهل البيت واعتبارها المصدر الوحيد للتلقي وتفسير الدين..
وهو ما عرف فيما بعد بالمذهب
الإخباري..
- ومذهب يرى الاجتهاد اضطر -
لضعفه- إلى استيراد أصول الفقه من مذهب العامة - أهل السنة-
وعرف فيما بعد بالمذهب
الأصولي..
ومن المذهب الأصولي برز
المراجع ..
وبرزت فكرة التقليد..
وهو ما عد من البدع المرفوضة
عند الإخباريين..
ووقعت صدامات كثيرة بين
المذهبين..
وكانت أعنف المواجهات الفكرية
تلك التي حصلت في كربلاء بين الشيخ يوسف البحراني(ت1186ه) ممثل الاتجاه الإخباري،
وبين الوحيد البهبهاني(ت1206ه) ممثل الاتجاه الأصولي ..
وصدرت فتوى بتكفير الإخباريين
وتم مطاردتهم في كل مكان..
وفي النهاية انتصر المذهب
الاجتهادي على حساب المذهب الإخباري..
ورعت الحكومات الصفوية الشيعية
المذهب الأصولي ليتحول إلى المذهب الغالب..
وتحول المذهب الإخباري إلى
مذهب الأقلية..
ولولا دعم الصفويين لتيار
الأصوليين لأصبح في خبر كان..
قال الاسترابادى في الفوائد
المدنية والشواهد المكية (ت1033ه)، وهو مؤسس التيار الإخباري : وقع تخريب الدين
مرتين، مرة يوم توفى النبي(ص)، ومرة يوم أجريت القواعد الأصولية والاصطلاحات التي
ذكرتها العامة- السنة- في الكتب الأصولية ، وفي كتب دراية الحديث في أحكامنا
وأحاديثنا..
وقال: أن المجتهد إن أخطا كذب
على الله وإن أصاب لم يؤجر،والقضاء والإفتاء لا يجوز إلا بقطع وبيقين وطالما افتقد
القطع واليقين وجب التوقف..
وما نخرج به من هذا كله أن
المذهب الشيعي لا يختلف عن المذهب السنى في تأريخه ونشأته..
وأنه مذهب وضعي كبقية المذاهب
الإسلامية..
وأنه تم استثماره من قبل
الحكومات كحال المذاهب السنية ولازال..
وهو ما ينفى القداسة عنه..
0 تعليقات