من فك الحمار ؟!
د. محمد ابراهيم بسيوني
للتذكير فقط إننا نتحاور كأسرة
واحدة وليس هناك مكان للتشهير والسباب فالخطة قد أحكمت كي تجعل أبناء مصر كارهون
بعضهم بعض هكذا حتى يكتمل مسلسل الفتنة، لكن الأخطر من كل ذلك أن هناك أباليساً
آدميين، أشد خطراً على وجودناً، وهم الآن يُعدون الخطة كي يجعلوا منا أناس تتعارك،
احذروهم فهم الأعداء. لا واحدٍ منا سيستجيب لهز الوتد مهما كانت المغريات.
يروى أن إبليس قرر الرحيل من
إحدى القرى وأثناء تجهزه طلب منه ولده الصغير أن يذهب ليشرب الماء من بيت مجاور،
فقال له اذهب ولا تحدث شيئاً في القرية، فذهب إبليس الصغير وشرب الماء ولما هم
بالخروج من البيت رأى وتداً في الخيمة وكانت امرأة تحلب البقرة المربوطة في الوتد
فحرك إبليس الوتد فهاجت البقرة ودلقت الدلو الذي كانت المرأة تحلب فيه، فغضبت
المرأة وحملت عصى وضربت البقرة فكان مقتلها فماتت، فلما حضر زوجها وعرف القصة غضب
من زوجته لفعلتها فضربها فأصابها في مقتل فماتت المرأة، ولما عرف قومها الخبر
جاؤوا ومعهم عصيهم وأسلحتهم، وجاءت قبيلة الرجل ووقعت بينهم مشاجرة كبيرة علت فيها
أصوات الجرحى والمتشاجرين.
وعاد إبليس الصغير لأبيه فنهره أبوه وسأله عن
سبب هذه المشاجرة فقال لم أفعل شيئاً سوى أني حركت الوتد!!
وفي رواية ثانية للحكاية أن الشيطان في طريق
عودته قام بفك حمار مربوط، فإذا به يهيج ويقتل امرأة وتبدأ الفتنة بين الجميع في
المنطقة التي وقعت فيها الجريمة التي سببها حمار هائج، وبالمحصلة، يعترف الشيطان
حين يسأل: ماذا فعلت فيرد ببرودة: لم أفعل شيئاً، ببساطة فككت الحمار من مربطه،
نعم، فك الحمار من قيده، من معلفه، وكان ما كان، وما بين الحكايتين، بين الحالتين،
وكلاهما حالة واحدة، الشر المتربص بمكان ما، وكل ما علا يريد أن يشعل ناراً
مستعرة، ليس عليه إلا أن يفك رباط حمار، أو في الرواية الثانية يحرك الوتد، ومحراك
الشر، له ألف شكل ولون، كل ما عليك أن تفعله فقط أن تحركه، وثمة من يتولى ما تبقى
من شرر ليصل إلى الجميع.
في هذه الربوع الخالية من كل
شيء على ما يبدو إلا من الشياطين لم تعد شياطين للشعر والإبداع، ثمة من نصب في كل
ركن منها أوتاداً وأطلق حميراً، وأقنع الأرانب أنها إذا ما صالت وجالت ستكون قادرة
على الخروج من دورها ونمطيتها وقدريتها التي جبلت عليها، المشهد ليس من عوالم
السينما، ولا هو خارج الحكايا التي أعطاها الخيال الشعبي بعداً لم يكن يظن من
يسمعها أنه قد يكون حقيقة يوماً ما، لكن الواقع تجاوز الخيال، وغدت القصص التراثية
مجرد تفاصيل صغيرة وقائعها على مرأى الجميع تجري، ولا يحتاج الشيطان إلا إلى
إيماءة بسيطة ليبدأ المخبولون بالتنفيذ، هل ما يجري في مسرح الفيس بوم بعيد عن ذلك
يا سادة ؟!؟!
---
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات