آخر الأخبار

وقفة مع العقاد



وقفة مع العقاد





د. محمد إبراهيم بسيوني


كان الأديب الكبير الراحل عباس محمود العقاد عملاقاً في كل شيء أديباً وشاعراً ومفكراً وصحفياً وفيلسوفاً ولكنه كان غريب الأطوار وخفيف الظل ويقول عنه واحد ممن كانوا يحضرون صالونه الأدبي الكاتب الصحفي أنيس منصور أن العقاد عصبي جدا جداً ومن الخطورة الدخول معه في نقاش فهو عنيف وهو قادر على الإقناع بأي شيء، وقد دخل العقاد السجن لمدة تسعة شهور في عهد الملك فؤاد بسبب قوله الشهير: أن من يعتدي على الدستور سنطيح برأسه مهما كان. وعندما قامت الثورة المصرية كان يضيق بكثير مما يقال أو مما يقوله الرئيس جمال عبد الناصر بعد ذلك فيوم الاعتداء على الرئيس عبد الناصر في المنشية في مدينة الإسكندرية كان عبد الناصر يصرخ قائلاً أنا الذي علمتكم الكرامة وأنا الذي علمتكم العزة وكان الأستاذ عباس العقاد يقول أن شعباً يسمع مثل هذه العبارة ولا يثور عليه ويشنقه في مكانه لشعب يستحق أن يحكمه ويدوسه بالنعال مثل هذا الرجل. ويقال أن الدكتور محمد حسين هيكل قد أصطدم به في إحدى طرقات المجمع اللغوي فقال له الدكتور محمد هيكل: حاسب يا أستاذ فأجاب العقاد كيف أحاسب وأنا لاأراك؟

 فقد كان الدكتور هيكل قصير القامة. ويعتبر العقاد من أشهر الكتاب الذين تعرضوا للمرأة في الكثير من كتاباتهم وقد أتهمه الكثيرون بأنه عدو للمرأة وقد أوضح العقاد رأيه في عمل المرأة معتبراً أن عملها الأساسي هو حفاظها على بيتها وأولادها وتربية النشء وقال عن المرأة الشرقية يجب أن تظل كما كانت في كل عصر ملكة البيت الحالمة المحكومة يسكن إليها الرجل من متاعب الحياة ولا يزال عندها صغيراً كان وكبيراً طفلاً لاعباً يأوى منها إلي صدر الأمومة الرقيقة وأحضانها الناعمة رضيعاً ويافعاً وفتى وكهلاً إلي أن يشيخ ويفنى، ويستدعي ذلك أن تعيش في ظله وتعتمد في شئون العالم الخارجية عليه.

وعاش العقاد معظم حياته وحيداً فهو لم يتزوج ولكنه أحب أكثر من مرة حيث كان له في الحب ثلاثة تجارب كبيرة وكانت التجربة الأولى هو حبه للأديبة مي زيادة وكان حباً هادئاً رقيقاً خالي من العنف والتوتر، أما حبه الثاني كان حباً يتسم بالعنف وانتهى نهاية حزينة لأن العقاد أمتلأ بالشك في حبيبته وظن أنها تخدعه وتخونه وكانت اسمها إليس، ثم جاء حبه الثالث في عام 1940 عندما تعرف العقاد على فتاة سمراء جميلة تدعى هنومة خليل فوقع في حبها وكان هو في الخمسين من عمره وهي في العشرين وقد أدرك العقاد أن هذا الفارق الكبير في العمر لن يجعل هذا الحب يستمر وما توقعه العقاد حدث حيث تعرفت هذه الحبيبة على النجم السينمائي أحمد سالم فأختطفها فوراً للعمل في السينما وتزوجها بعد ذلك وسرعان ما أصبحت نجمة مشهورة تُعرف باسم مديحة يسري.

 ومن أجمل ما قاله العقاد عندما قالوا له أن أحد الزملاء قد باع أرضه لينفق منها على تعليم أخوته فسألهم العقاد وهل تعلّم هو أيضاَ؟ فقالوا لا، فرد عليهم وقال كيف يضحي من أجل أن يتعلم أخوته ثم يضحي بتعليمه لنفسه؟ أنه جاهل يتباهى بعلم غيره ويتقاضى ثمنا لذلك وهو عطف الناس عليه قولوا له أن الأستاذ يصفه بأنه حمار إلا قليلاً! وعندما دخل هذا الزميل المدرسة فرحنا بذلك وقلنا للأستاذ لقد أستمع إلي نصيحتك يا أستاذ ودخل المدرسة فقال بسرعة وكم عمره؟ قالوا خمسين فقال قولوا له أن الأستاذ يقول لك الآن قد اكتملت حماراً.




عميد طب المنيا السابق




إرسال تعليق

0 تعليقات